دور أبي ذر في فتح قبرص
فقال البلاذري في فتوح البلدان:١/١٨٢: (لما غُزيَت قبرس الغزوة الأولى ، ركبت أم حرام بنت ملحان مع زوجها عبادة بن الصامت ، فلما انتهوا إلى قبرس خرجت من المركب وقدمت إليها دابة لتركبها فعثرت بها فقتلتها ، فقبرها بقبرس يدعى قبر المرأة الصالحة .
قالوا : وغزا مع معاوية أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب الأنصاري ، وأبوالدرداء ، وأبوذر الغفاري ، وعبادة بن الصامت ، وفضالة بن عبيد الأنصاري ، وعمير بن سعد بن عبيد الأنصاري ، وواثلة بن الأسقع الكناني ، وعبد الله بن بشر المازني ، وشداد بن أوس بن ثابت ، وهو ابن أخي حسان بن ثابت ، والمقداد ، وكعب الحبر بن ماتع ، وجبير بن نفير الحضرمي). انتهى .
أقول : حشروا إسم كعب الأحبار معهم ، لإعطائه لقب المسلم المجاهد ! وكذلك حشروا إسم معاوية بعبارة مبهمة فيها تدليس (وغزا مع معاوية) ، مع أن تاريخ كعب ومعاوية لم يسجل أنهما حملا سلاحاً وحاربا يوماً ، أوغزيا حتى لمرة واحدة !
ولذا قال في الإستيعاب:٤/١٩٣١:(ويقال إن معاوية غزا تلك الغزاة بنفسه ، ومعه أيضاً امرأته فاختة بنت قرظة ). انتهى .
ويشير النص التالي الى أن معاوية كان ينتظر الجيش في الساحل بطرسوس!
ففي مسند الشاميين للطبراني:٢/٧٣ ، عن جبير بن نفير قال : (أخرج معاوية غنائم قبرس إلى الطرسوس من ساحل حمص ، ثم جعلها هناك في كنيسة يقال لها كنيسة معاوية ، ثم قام في الناس فقال : إني قاسم غنائمكم على ثلاثة أسهم : سهم لكم ، وسهم للسفن ، وسهم للقبط ، فإنه لم يكن لكم قوة على غزو البحر إلا بالسفن والقبط . فقام أبوذر فقال : بايعت رسول الله على أن لا تأخذني في الله لومة لائم : أتقسم يا معاوية للسفن سهماً وإنما هي فيؤنا ، وتقسم للقبط سهماً وإنما هم أجراؤنا ، فقسمها معاوية على قول أبي ذر) . ( ونحوه في:٢/١٢٠ ، وتاريخ دمشق:٦٦/١٩٣ ، وحلية الأولياء:٥/١٣٤) .
أما البخاري فروى الحديث بدون ذكر أبي ذر ، ولا أبي أيوب ، ولا غيرهما من الصحابة ! لأن غرضه فقط أن يمدح معاوية بأنه أول من ركب البحر للغزو ، ويروي حديثاً يحتمل أن يكون مدحاً لمعاوية !
قال البخاري في:٣/٢٠٣: (أم حرام بنت ملحان قالت نام النبي (ص) يوماً قريباً مني ثم استيقظ يتبسم ، فقلت ما أضحكك ؟ قال أناس من أمتي عرضوا على يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة ! قالت : فادع الله أن يجعلني منهم ، فدعا لها ، ثم نام الثانية ففعل مثلها ، فقالت مثل قولها فأجابها مثلها ، فقالت ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت من الأولين ! فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازياً أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية ، فلما انصرفوا من غزوهم قافلين فنزلوا الشام فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت) انتهى.
وقد صحح ابن حجر وغيره خطأ البخاري في روايته ولم يذكروا معاوية !
قال في تهذيب التهذيب :١٢/٤١١: (والصحيح العكس ، فقد قال غير واحد وثبت غير واحد أنها خرجت مع زوجها عبادة في بعض غزوات البحر ، وماتت في غزاتها وَقَصَتْها بغلتها عندما نقلوا ، وذلك أول ما ركب المسلمون في البحر في زمن معاوية في خلافة عثمان . زاد أبونعيم الأصبهاني وقبرت بقبرس . قلت : والإسماعيلي في مستخرجه عن الحسن بن سفيان عن هشام بن عمار قال : رأيت قبرها ووقفت عليها بقبرس) .
(ونحوه في صحيح ابن حبان:١٠/٤٦٨ ، وطبقات ابن سعد:٨/٤٣٥ ، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي:٢/٨٥١ ، وتاريخ دمشق:٧٠/٢١٧، وغيرها . وفي تهذيب التهذيب:١٢/٨٢: ركبتْ البحر عام قبرس ، مع ثلاثة عشر رجلاً من الصحابة ، منهم أبوذر ).
أقول : يصعب تصديق حديث بنت ملحان وأمثاله ، الذي يذكر أن النبي (ص) كان يزورها كأنها والدته أو خالته ، وينام في بيتها ويرى رؤية تتعلق بها !
وأنها كانت تفلي رأسه كابنها أو أخيها ، وكأن رأس النبي (ص) فيه قمل كرؤوس رجالهم !
المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق