إيليا حارس كوثي
بعض الاصدقاء يثيرون اسئلة غريبة لا أدري من أين يحصلون عليها وخصوصا من يهوى التاريخ منهم . وقد وجه لي احد الاخوة الأعزاء سؤالا قال فيه : ضمن مطالعاتي
عثرت على نص في احد الكتب يقول فيه أن الرومـان حاصـروا كنيسـة في العـراق وضيقوا عليهـا الحصـار ، ولكـن ظـهـور فارس حـول الـديـر ثـم هـجـم على الرومان
وابعـدهـم عـن الـدير . فهـل تجـديـن هـذه القصة ومصدرها ؟
بعد البحث في تاريخ الحملات الرومانية على العراق والسؤال ممن له الاختصاص بذلك وجدت بعض الاشارات إلى ذلك نقلتها إلى الأخ فكان هذا الجواب .
أخي الطيب أحمد فيما ترويه او يرويه هذا الشخص هناك تضارب فالرومان كما هـو المعروف مسيحيين ، والقصـة تقـول بـان الرومان حاصروا كنيسة فهـذا التناقض لا يجتمع . ولكني اقول لك أخي الطيب بعد بحثي وتتبعي لحملات الرومان في منطقـة سـوريا والعراق تبين أن الرومان وصلوا للعراق مرتين فقط .
في المرة الأولى زحف هرقل بجيش جرار خلال العراق لاحتلال إيران واستغلال فرصة فراغ السلطة هناك ، حيث وصلته أخبار اغتيال الملك كسرى الثاني مـن قبـل أبنه
شيرويه. ثم تحالف هرقل مع الأحباش عـام (٦٢٩) وانتصر مجدداً على الفرس وصار قريباً من المدائن على مشارف بغداد الحالية حيث كـان مـروره على منطقة تكريت التي
كانت تعج بالأديرة والكنائس اليهودية والمسيحية . هذا
من ناحية ومن ناحية أخرى هناك قصة حدثت في العراق أيضا على شاطئ الفرات ولا يعرف بالضبط في اي مكـان منـه وهـي في زمـن هجمات القائد الروماني (فاسيل الأول) على مناطق بالقرب مـن الـفـرات حيث ورد في مذكرات هـذا القائـد بـأن رئيس الحملة (كوراكواس) الذي واصل حملاته وانتصاراته في بلاد وادي الرافدين ـ العراق ـ وقـد
هزم هذا القائد أمراء غربي العراق من الموصل وحتى الأنبار ولكن عند اقترابه من منطقة النووايس على الفرات تعرض هناك إلى نكسة روحية بسبب ضربات الأرواح الستة له ) Six lives (فانسحب مـن ضاحية بابل الجنوبية نحو صحراء (هيتون) غرب حصـن الاخيضر وهو لايعي ما يقول سوى كلام فارغ كما يبدو من كلامه حيث يقـول أن شعبتا
السيف التفتا حول الجيش الويل لكم من الفارس الملثم وحريق سيفه ذو الشعبتين . وتـرك کوراكـواس في مكاتباته نصـا غريبا سمعه من الرهبان الذين التقاهم في أديرة صحراء كوفان يقولون فيه : (إن إيليا ظهر لهـم عـدة مرات يمتطي فرسا ابيض لـه غـرة سـوداء في جبينه ويرتدي سيفا ذو شعبتين ومعه آخرين وأن نبيا من القدماء قام وهـم يحرسون منطقة كوثي وحولهم الأرواح الستة).(۲) مـن جـانبي فقد بحثت عـن هـذا النص في قواميس ميثولوجيا اليونان وتواريخها فوجدته يشير إلى نص في الانجيل على شكل نبوءة وفعلا وجدت النص في إنجيل لوقا بزيادات ، أضاعت ما المقصود من هذه العبارة . أما القرية فلا أدري أين هي ولكنها تقع ما بين الاخيضر وضاحية بابل الجنوبية على نهر صغير هناك .
الكتاب الذي يذكر هذه الواقعة كتاب قديم أسمه : القمطاريس بستان الرهبان (3). وهو مثل كتب الصوفية حيث فيه شطحات غريبة لا يستطيع العقل ان يهضمها إلا
أن يكـون قـد اطلـع علـى علـوم الصـوفية وعلـوم العرفاء وهـو مشـابه لما أشيع مـن أقـوال الحلاج كقوله : الله في جبتي . او قوله : رحت اطوف حول البيت فطاف البيـت حـولي سبعا ..او يسمعونه يقـول سبحاني سبحاني .. وهذا الكتب لا يقربها عامة الناس ولا يفهموها فهي من كتب الرهبان القديمة التي يتداولونها فيما بينهم . وكتاب بستان الرهبان من نفس السنخ ويقولون عنه بانه لا يحتمله إلا من وصل مرحلة الإيمان الجامع .
1 -الأرواح الستة خمسة اشباح حلت في اجساد بشرية يخدمها ملك عظيم من الملائكة
٢ - في اشارة إلى نص الوارد في إنجيل لوقا ۹: 8 ((وقوما ـ قالوا : إن إيليا ظهر آخرين ـ قالوا ـ : إن نبيا من القدماء قام)) . هذه النبـوءة مضطربة اقحمت في نص ليس لها .
3 - انظر كتاب بستان الرهبان القمطاريس ، اخيلاس سرابيون الطبعة المعمدانية
الرابعة 1965
المصدر : كتاب ما لا تعرفه عن الكتاب المقدس بحوث لاهوتية الجزء الأول ايزابيلا بنيامين ماما آشوري ص ٢٨-٣٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق