الأحد، 30 يوليو 2023

مالك الأشتر ودوره في معركة القادسية واليرموك

 مالك الأشتر ودوره في معركة القادسية واليرموك !

تدل النصوص المتناثرة في المصادر على دور مالك البطولي والقيادي في المعارك الفاصلة من تاريخنا ! ويظهر أنه (رحمه الله) كان يتحرى بطل العدو أو قائدهم فيبرز اليه ويجندله ، فتتغير المعادلة لصالح المسلمين وتقع في عدوهم الهزيمة ، وهذا ما فعله في معركة مسيلمة الكذاب ، وفي معركة اليرموك ، وغيرهما !

وأنه بعد مشاركته في حرب مسيلمة توجه الى الشام وشارك في معارك الفتح ، ثم عاد الى العراق وشارك في بعض معاركها ، وبعد فتح عين التمر وحاجة جبهة الشام الى مدد ، بادر الى معركة اليرموك وكان بطل النصر فيها ، وبعد اليرموك كان قائداً فعالاً ففتح عدة مدن وحصون في بلاد الشام ، ثم طارد الروم الى جبال اللكام ، وعندما احتاجت اليه جبهة العراق بادر الى معركة القادسية !

وقد ادعت رواية الطبري التالية:٢/٥٩٧،أنه لم يحضر القادسية: (عن أرطأة بن جهيش قال كان الأشتر قد شهد اليرموك ولم يشهد القادسية ، فخرج يومئذ رجل من الروم فقال من يبارز؟ فخرج إليه الأشتر فاختلفا ضربتين فقال للرومي خذها وأنا الغلام الأيادي ! فقال الرومي : أكثر الله في قومي مثلك ، أما والله لولا أنك من قومي لآزَرْتِ الروم ، فأما الآن فلا أعينهم ) . (وتاريخ دمشق:٥٦/٣٧٩) .

أقول: معنى أن هذا البطل الرومي أيادي ، أنه من الغساسنة المتنصرين ، لأنهم يرجعون مع النخع الى أياد ، وقد أعجب ذلك الفارس ببطولة ابن عمه مالك النخعي الأيادي وعاهده أن لا يقاتل مع الروم ضد المسلمين .

وأما قول الرواية إن مالكاً لم يشهد القادسية ، فيردُّه ما رواه الطبري نفسه ومصادر أخرى من أنه جاء من معركة اليرموك مدداً للمسلمين في القادسية وشهدها .

 فقد روى له أبوتمام في ديوان الحماسة:١/٣٩ شعراً قاله في القادسية ، قال: 

(وتلقني يشتد بي أجردٌ  ***** مستقدم البَرْكة كالراكب

هو مالك بن الحارث أحد بني النخع والأشتر لقب له ، كان شاعراً يمانياً من شعراء الصحابة ، شهد حرب القادسية أيام عمر بن الخطاب التي كانت بين المسلمين والفرس ، وكان لعلي في حروبه مثل ما كان علي لرسول الله(ص) ).  

وفي طبقات ابن سعد:٦/٤٠٥: (أخبرنا طلق بن غنام قال : شهد جدي مالك بن الحارث القادسية... ثم قال عن طلق بن غنام : وكان ثقة صدوقاً) .

وفي الأغاني:١٥/٢٠٨: (قال أبوعبيدة في رواية أبي زيد عمر بن شبة : شهد عمرو بن معدي كرب القادسية وهو ابن مائة وست سنين ، وقال بعضهم : بل ابن مائة وعشر ، قال : ولما قتله العلج (كان) عَبَرَ نهر القادسية هو وقيس بن مكشوح المرادي ومالك بن الحارث الأشتر ) . (ومعاهد التنصيص للعباسي:٢/٢٤٤) .

وفي مصنف ابن أبي شيبة:٧/٧١٨: (عن الأعمش عن مالك بن الحارث أوغيره قال : كنت لا تشاء أن تسمع يوم القادسية : أنا الغلام النخعي ، إلا سمعته ) .

وفي ابن أبي شيبة:٨/١٤، (فقال عمر : ما شأن النخع ، أصيبوا من بين سائر الناس أفرَّ الناس عنهم؟ قالوا : لا ، بل وَلُوا أعظم الأمر وحدهم) . ( ونحوه في الإصابة:١/١٩٦).

وذكر ابن أبي شيبة:٨/١٥، أن النخع كانوا في القادسية ألفين وأربع مئة ، أي ربع جيش المسلمين ، وأن ثقل المعركة كان عليهم !

وفي تاريخ الطبري:٣/٨٢ ، أنهم هاجروا من اليمن مع عوائلهم ، وزوجوا سبع مائة بنت الى المسلمين وخاصة الأنصار . (ونحوه في تاريخ دمشق:٦٥/١٠٠) .

وتدل رواية الحافظ الأصبهاني في ذكر أخبار إصبهان:٢/٣١٨ ، على أن الأشتر وفرسان النخعيين توغلوا في فتح إيران وشاركوا في فتح أصفهان ، قال: ( مالك الأشتر بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بنخزيمة بن سعد بن مالك بن النخع ، كان بإصبهان أيام علي بن أبي طالب فيما ذكر عن عمير بن سعيد قال : دخلت على الأشتر بإصبهان في أناس من النخع نعوده ).

ونحوها رواية السمعاني في الأنساب:٥/٤٧٦ ، قال : (ومات بالقلزم مسموماً سنة سبع وثلاثين من الهجرة ، سمه معاوية في العسل ، ولما بلغه الخبر قال : إن لله جنوداً من العسل ! قال عمير بن سعيد : دخلت على الأشتر بأصبهان في أناس من النخع نعوده ، فقال : هل في البيت إلا نخعي؟ قلنا : لا ).

فاتضح أن الروايات التي تنفي مشاركته في القادسية وفتح إيران ، وضعها رواة الخلافة المتعصبون ضده وضد قومه النخعيين ، بسبب تشيعهم !

وقال الواقدي:١/٦٨ ، عن مشاركة مالك في فتوح الشام زمن أبي بكر : (فما لبثوا حتى أقبل مالك بن الأشتر النخعي... وقد عزم على الخروج مع الناس الى الشام .. واجتمع بالمدينة نحو تسعة آلاف ، فلما تم أمرهم كتب أبو بكر كتاباً الى خالد بن الوليد... وقد تقدم اليك أبطال اليمن وأبطال مكة ، ويكفيك بن معد يكرب الزبيدي ، ومالك بن الأشتر ) .

وقال في٤٦٢ ، في فتح الموصل : (والتقى مالك الأشتر بيورنيك الأرمني فلما عاين زيه علم أنه من ملوكهم ، فطعنه في صدره فأخرج السنان من ظهره ) .

وقال ابن الأعثم:١/٢٥٨ في فتح آمد وميافارقين في تركية :(ثم أرسل عياض مالك الأشتر النخعي وأعطاه ألف فارس ، وأرسله إلى ناحية آمد وميافارقين ، وحين وصل مالك مع الجيش إلى آمد تبين له أن القلعة حصينة جداً فأخذ يفكر بالأمر وأن مقامه سيطول هناك ، ولما اقترب من آمد وعاين بنفسه قوة الحصن ، أمر الجيش بأن يكبروا معاً تكبيرة واحدة بأعلى صوت ! فخاف أهل آمد وتزلزلت أقدامهم وظنوا أن المسلمين يبلغون عشرة آلاف ، وأنهم لا قِبَلَ لهم بحربهم ، فأرسلوا شخصاً إلى الأشتر فأجابهم الأشتر إلى الصلح ، وتقرر أن يدفعوا خمسة آلاف دينار نقداً ، وعلى كل رجل أربعة دنانير جزية ، ورضي حاكم البلد بهذا الصلح وفتحوا الأبواب ودخلها المسلمون صباح يوم الجمعة ، فطافوا فيها ساعة ثم خرجوا ، وأقاموا على بوابة البلدة ).

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق