ذكر ما أشار به المسلمون على عمر بن الخطاب
وكان أول من وثب على عمر بن الخطاب وتكلم : طلحة بن عبيد الله فقال : يا أمير المؤمنين ، إنك بحمد الله رجل قد حنكته الدهور وأحكمته الأمور وراضته التجارب في جميع المقانب ، فلم ينكشف لك رأي إلا عن رضى ، وأنت مبارك الأمر ميمون النقيبة ، فنفذنا ننفذ ، واحملنا نركب ، وادعنا نجب .
قال : ثم وثب الزبير بن العوام فقال : يا أمير المؤمنين إن الله تبارك وتعالى قد جعلك عزاً للدين.... وبعد فأنت بالمشورة أبصر من كل من في المسجد ، فاعمل برأيك فرأيك أفضل ، ومرنا بأمرك فها نحن بين يديك .
فقال عمر : أريد غير هذين الرأيين ، قال : فوثب عبد الرحمن بن عوف الزهري فقال : يا أمير المؤمنين ، إن كل متكلم يتكلم برأيه ، ورأيك أفضل من رأينا ، لما قد فضلك الله عز وجل علينا ، وأجرى على يديك من موعود ربنا ، فاعمل برأيك واعتمد على خالقك ، وتوكل على رازقك وسر إلى أعداء الله بنفسك ، ونحن معك ، فإن الله عز وجل ناصرك بعزه وسلطانه كما عودك من فضله وإحسانه .
فقال عمر : أريد غير هذا الرأي ، فتكلم عثمان بن عفان فقال : يا أمير المؤمنين إنك قد علمت وعلمنا أنا كنا بأجمعنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله منها بنبيه محمد (ص) ، وقد اختارك لنا خليفة نبينا محمد ، وقد رضيك الأخيار وخافك الكفار ، ونفر عنك الأشرار ، وأنا أشير عليك أن تسير أنت بنفسك إلى هؤلاء الفجار بجميع من معك من المهاجرين والأنصار ، فتحصد شوكتهم وتستأصل جرثومتهم .
فقال عمر : وكيف أسير أنا بنفسي إلى عدوي وليس بالمدينة خيل ولا رجل ، فإنما هم متفرقون في جميع الأمصار ؟ فقال عثمان : صدقت يا أمير المؤمنين ، ولكني أرى أن تكتب إلى أهل الشام فيقبلوا عليك من شامهم ، وإلى أهل اليمن فيقبلوا إليك من يمنهم ، ثم تسير بأهل الحرمين مكة والمدينة إلى أهل المصرين البصرة والكوفة ، فتكون في جمع كثير وجيش كبير ، فتلقى عدوك بالحد والحديد والخيل والجنود .
قال فقال عمر : هذا أيضاً رأي ليس يأخذ بالقلب ، أريد غير هذا الرأي .
قال : فسكت الناس ، والتفت عمر إلى علي ع فقال : يا أبا الحسن ! لم لا تشير بشئ كما أشار غيرك ؟
المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق