الاثنين، 31 يوليو 2023

دور مالك الأشتر في فتح مصر

 دور مالك الأشتر في فتح مصر

وقد روته عدة مصادر ، منها ما رواه الواقدي:٢/٦٦: (فقال يزيد بن أبي سفيان : أنا والله رأيت مالكاً الأشتر النخعي ، وعرفته بطول قامته وركبته على فرسه...).

وذكر في:٢/٢٢١ ، كتاب عمر الى ابن العاص يذكر فيه مالكاً في القادة .

وذكر في:٢/٢٤٠: نداء مالك في المسلمين في مصر يثبتهم ويشجعهم قال : (لاتولُّوا فراراً من الموت ! أتريدون أن تكونوا عاراً عند العرب ! فما عذركم غداً بين يدي رسول الله (ص) ؟ ! أما سمعتم قول الله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ . وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَومُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) .

وذكر في:٢/٢٤٢، أنه كان في قلب جيش الفتح المصري مقابل الروم ، وفي:٢/٢٧٢ مشاركته في فتح البهنسا ، وقال : (ونزل المسلمون بجانب الجبل عند الكثيب الأصفر قريباً من البياض الذي على المغارة نحو المدينة....فلما أصبحوا خرج أعداء الله للقائهم فقال مالك الأشتر : يا قوم إن أعداء الله خرجوا للقائكم فاشغلوهم بالقتال وأرسلوا جماعة منكم يملكون الجسر واستعينوا بالله ).انتهى.

رأيت رواية ألفتتني ، لأنها تدل على أن أبا ذر (رحمه الله)  كان موجوداً في فتح الشام ، فتتبعت خيوطها ، ففتحت عليَّ باباً وكشفت لي حقائق عن الفتوحات الإسلامية ، تخالف روايات الحكومات الرسمية .

قال القاضي النعمان في شرح الأخبار:٢/١٥٦:  (غزا يزيد بن أبي سفيان بالناس وهو أمير على الشام ، فغنموا وقسموا الغنائم ، فوقعت جارية في سهم رجل من المسلمين وكانت جميلة ، فذكرت ليزيد فانتزعها من الرجل ! وكان أبوذر يومئذ بالشام ، فأتاه الرجل فشكا إليه واستعان به على يزيد ليرد الجارية إليه ، فانطلق إليه معه وسأله ذلك فتلكأ عليه ! فقال له أبوذر : أما والله لئن فعلت ذلك ، لقد سمعت رسول الله (ص) يقول : إن أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية ، ثم قام ! فلحقه يزيد فقال له : أذكرك الله عز وجل أنا ذلك الرجل؟! قال : لا فرد عليه الجارية). انتهى .

وفي سير أعلام النبلاء:١/٣٢٩ ، وتاريخ دمشق:٦٥/٢٥٠: (فوقعت جارية نفيسة في سهم رجل فاغتصبها يزيد) . انتهى . وقد روت هذا الحديث أكثر مصادرهم ، وغطى أكثرها على آل أبي سفيان ، فلم يذكروا أن مناسبة الحديث غصب ابن أبي سفيان للجارية ، وقد رأيت في آخر الفصل السابق تصحيح الألباني للحديث ، دون أن يذكر مناسبته ! كما أنهم لم يذكروا شيئاً عن سلوك أخيه معاوية ، لكنه كان في جوه ! 

وممن غطى على بني أمية وحاول تكذيب الرواية بخاري ، فقال في تاريخه:١/٤٥: (كان أبوذر بالشام وعليها يزيد بن أبي سفيان فغزا الناس فغنموا...وهنا بتر بخاري القصة ، وقال: (والمعروف أن أبا ذر كان بالشام زمن عثمان وعليها معاوية ومات يزيد في زمن عمر ، ولا يعرف لأبي ذر قدوم الشام زمن عمر). انتهى.

وإن أحسنا الظن ، فالبخاري غير مطلع ، وإلا فهو متعصب لبني أمية !

وقد روى ابن كثير في النهاية:٨/٢٥٤، قصة هذه الجارية ، ثم قال: (وكذا رواه البخاري في التاريخ وأبو يعلى عن محمد بن المثنى ، عن عبد الوهاب ، ثم قال البخاري : والحديث معلول ولانعرف أن أبا ذر قدم الشام زمن عمر بن الخطاب).

أقول: لكن بخاري لم يروها كاملة ، ولا قال كما نقل عنه ابن كثير !

يدل الحديث المتقدم على أن أبا ذر رضوان الله عليه شارك في فتح الشام ، وكان له نفوذ على قادة جيش الفتح ! وهوما تحرص مصادر دولة الخلافة على إخفائه ، حتى لاتُنسب الفتوحات الى شيعة علي(ع)  ، وحتى لايظهر انحراف خلفائها وأمرائها ، وإدانة الصحابة الأجلاء لهم !

إني أدعو الباحثين خاصة في تاريخ الفتوحات الإسلامية ، لأن يفتحوا الباب على هذه الحقيقة الضخمة التي غطت عليها حكومات الخلافة القرشية ، والتي يشكوعلي(ع) من ظلامتها !

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

جهاد مالك الأشتر بعد اليرموك !

 جهاد مالك الأشتر بعد اليرموك !

وصف ابن العديم في تاريخ حلب:١/٥٦٩ ، توغل الأشتر بعد اليرموك في أرض الروم فقال : (وحدثني الحسن بن عبد الله أن الأشتر قال لأبي عبيدة : إبعث معي خيلاً أتبع آثار القوم وأمضي نحو أرضهم ، فإن عندي جزاءً وغناءً . فقال له أبوعبيدة : والله إنك لخليق لكل خير).

وفي:١/١٥٦: (وأول من قطع جبل اللكام وصار إلى المصيصة مالك بن الحارث الأشتر النخعي من قبل أبي عبيدة بن الجراح ) .

ولا يتسع المجال للتفصيل ، فنكتفي بتسجيل نقاط مختصرة عن بطولاته في فتح بلاد الشام ، التي حكمها قاتله معاوية !

قال الكلاعي في الإكتفاء:٣/٢٧٣: ( وتوجه مع خالد في طلب الروم حين انهزموا فلما بلغوا ثنية العقاب من أرض دمشق وعليها جماعة من الروم عظيمة ، أقبلوا يرمون المسلمين من فوقهم بالصخر ، فتقدم إليهم الأشتر في رجال من المسلمين وإذا أمام الروم رجل جسيم من عظمائهم وأشدائهم ، فوثب إليه الأشتر لما دنا منه فاستويا على صخرة مستوية فاضطربا بسيفيهما فضرب الأشتر كتف الرومي فأطارها ، وضربه الرومي بسيفه فلم يضره شيئاً ، واعتنق كل واحد منهما صاحبه ، ثم دفعه الأشتر من فوق الصخرة فوقعا منها ، ثم تدحرجا والأشتر يقول وهما يتدحرجان : إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ . فلم يزل يقول هذا وهو في ذلك ملازم العلج لا يتركه حتى انتهيا إلى موضع مستومن الجبل ، فلما استقرا فيه وثب الأشتر على الرومي فقتله ، ثم صاح في الناس أن جوزوا ! فلما رأت الروم أن صاحبهم قد قتله الأشتر خلوا سبيل العقبة للناس ، ثم انهزموا ) ! انتهى.

ثم ذكر هزيمة الروم العامة بعد اليرموك ، وفرار هرقل من أنطاكية مودعاً لها : (فقال : السلام عليك ياسورية ، سلام مودع لا يرى أنه يرجع إليك أبداً) !

وذكر البلاذري في فتوحه:١/١٩٤، أن مالك الأشتر كان قائداً في فتح أنطاكية .

وذكر في/٦٣٠ أبا ذر والأشتر في القادة ، في محاصرة مدينة ساحلية..الخ .

وذكر في:١/٣٠٢ ، وما بعدها كيف خطط مالك لفتح حلب ، ثم كيف فتح حصن عزار ، واستخلف عليه سعيد بن عمرو الغنوي ورجع الى أبي عبيدة ، فكتب أبو عبيدة الى عمر بالنصر) .

وفي تاريخ اليعقوبي:٢/١٤١ أن أبا عبيدة أرسله الى : (جمع إلى الروم ، وقد قطعوا الدرب ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، ثم انصرف وقد عافاه الله وأصحابه ).

وذكر الواقدي في:١/٢٢٣ مبارزته لجرجيس أحد قادة الروم في منطقة عمورية ، قال : (وأقبل اليه راهب عمورية وأعطاه صليباً كان في عنقه وقال : هذا الصليب من أيام المسيح يتوارثه الرهبان ويتمسحون به فهو ينصرك ، فأخذ هجرجيس ونادى البراز بكلام عربي فصيح حتى ظن الناس أنه عربي من المتنصرة ، فخرج اليه ضرار بن الأزور كأنه شعلة نار فلما قاربه ونظر اليه والى عظم جثته ندم على خروجه بالعدة التي أثقلته فقال في نفسه : وما عسى يغني هذا اللباس إذا حضر الأجل ، ثم رجع مولياً فظن الناس أنه ولى فزعاً ، فقال قائل منهم : إن ضراراً قد انهزم من العلج وما ضبط عنه قط أنه انهزم ! وهو لا يكلم أحداً حتى صار الى خيمته ونزع ثيابه وبقي بالسراويل ، وأخذ قوسه وتقلد بسيفه وجحفته وعاد الى الميدان كأنه الظبية الخمصاء ، فوجد مالكاً النخعي قد سبقه الى البطريق وكان مالك من الخُطَّاط إذا ركب الجواد تسحب رجلاه على الأرض ! فنظر ضرار فإذا بمالك ينادي العلج : تقدم يا عدو الله يا عابد الصليب الى الرجل النجيب ناصر محمد الحبيب ، فلم يجبه العلج لما داخله من الخوف منه ! قال فجال عليه وهمَّ أن يطعنه فلم يجد للطعنة مكاناً لما عليه من الحديد ، فقصد جواده وطعنه في خاصرته فأطلع السنان يلمع من الجانب الآخر فنفر الجواد من حرارة الطعنة ، وهمَّ مالك أن يخرج الرمح فلم يقدر لأنه قد اشتبك في ضلوع الجواد وهو على ظهره لم يقدر أن يتحرك لأنه مزرر في ظهر الجواد بزنانير الى سرجه ، فنظر المسلمون الى ضرار وقد أسرع اليه مثل الظبية حتى وصل اليه وضربه بسيفه على هامته فشطرها نصفين وأخذ سلبه ، فأتاه مالك وقال : ما هذا يا ضرار تشاركني في صيدي؟ ! فقال ما أنا بشريكك وإنما أنا صاحب السلب وهولي ، فقال مالك : أنا قتلت جواده ! فقال ضرار : رب ساع لقاعد ، آكل غير حامل ! فتبسم مالك وقال : خذ صيدك هنأك الله به ! قال ضرار : إنما أنا مازحٌ في كلامي ، خذه اليك فوالله ما آخذ منه شيئاً وهو لك وأنت أحق به مني . ثم انتزع سلب العلج وحمله على عاتقه وما كاد أن يمشي به وهو يتصبب عرقاً . قال زهير بن عابد ولقد رأيته وهو يسير به وهو راجل ومالك فارس حتى طرحه في رحل مالك ! فقال أبوعبيدة : بأبي وأمي والله قوم وهبوا أنفسهم لله وما يريدون الدنيا ). انتهى.

أقول : لا أظن أن ضرار بن الأزور طان حياً في معركة اليرموك ، ولوكان فغرض الرواية التغطية على هزيمته ، وأن تجعله شريكاً لمالك الأشتر ، فضرار هذا من أتباع السطة ، وهو قاتل مالك بن نويرة (رحمه الله) وكان مُدمنَ خمر حتى شكاه أبوعبيدة الى عمر(الطبري:٣/١٩١ ، وتاريخ دمشق:٢٤/٣٩٠) .

وكان في مهمة في حي من قومه بني أسد فرأى عروساً جميلة تُزَفُّ الى زوجها فغصبها ! فكتب عمر الى خالد بن الوليد أن يرجمه فوصل الكتاب بعد وفاة ضرار ، ففرح بذلك خالد ! (مجموع النووي:١٩/٣٣٨ ، وسنن البيهقي:٩/١٠٤، وتاريخ البخاري:٤/٣٣٨ ، والجرح والتعديل:٤/٤٦٤ ، وتاريخ دمشق:٢٤/٣٨٨ ، وقد وثق في مجمع الزوائد:٦/٢٢١، رواية قتله لمالك بن نويرة (رحمه الله)  ، وبحث ذلك في النص والإجتهاد/١٢١).

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

خوف المسلمين وعمر من جيش الروم في اليرموك

 خوف المسلمين وعمر من جيش الروم في اليرموك

نورد خلاصة بعبارة الواقدي وابن الأعثم ، قال الواقدي في:١/١٦٣: (ثم إن الملك هرقل لما قلد أمر جيوشه ماهان ملك الأرمن ، وأمره بالنهوض الى قتال المسلمين  وركب الملك هرقل وركب الروم وضربوا بوق الرحيل ، وخرج الملك هرقل ليتبع عساكره...

وسار ماهان في أثر القوم بحيوشه والرجال أمامه ينحتون له الأرض ويزيلون من طريقهم الحجارة ، وكانوا لا يمرون على بلد ولا مدينة الا أضروا بأهلها ، ويطالبونهم بالعلوفة والإقامات ولا قدرة لهم بذلك فيدعون عليهم ويقولون : لاردكم الله سالمين .

قال وجَبْلَة بن الأيْهم (رئيس غسان ومن معها) في مقدمة ماهان ومعه العرب المتنصرة من غسان ولخم وجذام.... وجعل الجواسيس يسيرون حتى وصلوا الى الجابية وحضروا بين يدي الأمير أبي عبيدة وأخبروه بما رأوه من عظم الجيوش والعساكر ، فلما سمع أبو عبيدة ذلك عظم عليه وكبر لديه وقال : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وبات قلقاً لم تغمض له عين خوفاً على المسلمين....

قال عطية بن عامر : فوالله ما شبهت عساكر اليرموك إلا كالجراد المنتشر إذْ سدَّ بكثرته الوادي ! قال: ونظرت الى المسلمين قد ظهر منهم القلق وهم لا يفترون عن قول لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ، وأبوعبيدة يقول : ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين .

ثم ذكر/١٧٨رسالة أبي عبيدة الى عمر فقال عمر : (ما تشيرون به عليَّ رحمكم الله تعالى؟ فقال له علي بن أبي طالب : أبشروا رحمكم الله تعالى ، فإن هذه الوقعة يكون فيها آية من آيات الله....قال لعمر : يا أمير المؤمنين أكتب الى عاملك أبي عبيدة كتاباً وأعلمه فيه أن نصر الله خير له من غوثنا ونجدتنا ).

وقال ابن الأعثم في:١/١٧٩: (وبلغ أبا عبيدة بأن ماهان وزير هرقل أقبل في عساكره حتى نزل مدينة حمص في مائة ألف ، فاغتم لذلك... قال ثم تكلم قيس بن هبيرة المرادي فقال : أيها الأمير هذا وقت رأيٌ نشير به عليك ، أترانا نرجع إلى بلادنا ومساقط رؤوسنا ، وتترك لهؤلاء الروم حصوناً ودياراً وأموالاً قد أفاءها الله علينا ونزعها من أيديهم فجعلها في أيدينا ، إذن لا ردنا الله إلى أهلنا أبداً إن تركنا هذه العيون المتفجرة والأنهار المطردة والزرع والنبات والكروم والأعناب والذهب والفضة والديباج والحرير ، والحنطة والشعير ! ونرجع إلى أكل الضب ولبوس العباءة ، ونحن نزعم أن قتيلنا في الجنة يصيب نعيماً مقيماً ، وقتيلهم في النار يلقى عذاباً أليما ! أُثبت أيها الأمير وشجع أصحابك وتوكل على الله ، وثق به ولا تيأس من النصر والظفر . قال فقال أبوعبيدة : أحسنت يا قيس ، ما الرأي إلا ما رأيت ، وأنا زعيم لك ، ولا أبرح هذه الأرض حتى يأذن الله لي ) . انتهى.

أقول : يدل هذا النص على أن خوف بعض المسلمين من الروم قد بلغ مداه ! وأن المعادلة الدنيوية كانت غالبة عليهم ، لكن بعضهم غلبت عليه الطمأنينة والمعادلة الدينية ، كما رأيت في اطمئنان علي (ع) بالوعد النبوي بهزيمة الروم .

وقال الواقدي عن نجدة مالك وخالد الى اليرموك قال:٢/١٩٢: (فلما وصلوا إلى عين التمر استعجل للنصرة ، فترك الجيش وسار في سبعين فارساً ، وأتت بقية السبعمائة بعد ذلك ، وكان معه قيس بن عبد يغوث وقيس بن أبي حازم وسعيد بن نزار ومالك الأشتر النخعي ، فتقدم هاشم وقيس معه في السبعين).

وقال الواقدي:١/٢٢٤يصف المعركة ونصيحة البطاركة لبطلهم ماهان :

(أيها الملك لا تخرج الى الحرب حتى نخرج نحن الى القتال قبلك ، فإذا قُتلنا فافعل بعدنا ما شئت .

قال: فحلف ماهان بالكنائس الأربع لايبرز أحد قبله ! قال فلما حلف أمسكوا عنه وعن مراجعته، ثم إنه دعا بابن له فدفع اليه الصليب وقال : قف مكاني ! وقُدِّم لماهان عُدَّة فأفرغت عليه .

قال الواقدي : وبلغنا أن عدته التي خرج بها الى الحرب تقومت بستين ألف دينار ، لأن جميعها كان مرصعاً بالجوهر ، فلما عزم على الخروج تقدم له راهب من الرهبان فقال : أيها الملك ما أرى لك الى البراز سبيلاً ولا أحبه لك .

قال : ولم ذلك؟ قال: لأني رأيت لك رؤيا فارجع ودع غيرك يبرز .

فقال ماهان : لست أفعل والقتل أحب اليَّ من العار ! قال فبخروه وودعوه .

وخرج ماهان إلى القتال وهو كأنه جبل ذهب يبرق ، وأقبل حتى وقف بين الصفين ودعا إلى البراز وخوَّف باسمه فكان أول من عرفه خالد بن الوليد فقال : هذا ماهان ، هذا صاحب القوم قد خرج ! ووالله ما عندهم شئ من الخير ! قال وماهان يُرَعِّب باسمه ، فخرج اليه غلام من الأوس وقال : والله أنا مشتاق الى الجنة وحمل ماهان وبيده عمود من ذهب كان تحت فخذه فضرب به الغلام فقتله وعجل الله بروحه الى الجنة !

قال أبوهريرة : فنظرت الى الغلام عندما سقط وهو يشير بإصبعه نحو السماء ولم يهله ما لحقه ، فعلمت أن ذلك لفرحه بما عاين من الحور العين .

قال : فجال ماهان على مصرعه وقويَ قلبه ودعا الى البراز فسارع المسلمون اليه فكل يقول اللهم اجعل قتله على يدي (!) وكان أول من برز مالك النخعي الأشتر وساواه في الميدان فابتدر مالك ماهان بالكلام وقال له : أيها العلج لا تغتر بمن قتلته وإنما اشتاق صاحبنا الى لقاء ربه ، وما منا إلا من هو مشتاق الى الجنة ، فإن أردت مجاورتنا في جنات النعيم فانطق بكلمة الشهادة أو أداء الجزية وإلا فأنت هالك لا محالة ! فقال له ماهان : أنت صاحب خالد بن الوليد؟ قال : لا أنا مالك النخعي صاحب رسول الله (ص) ! فقال ماهان : لا بد لي من الحرب ثم حمل على مالك وكان من أهل الشجاعة فاجتهدا في القتال ، فأخرج ماهان عموده وضرب به مالكاً على البيضة التي على رأسه فغاصت في جبهة مالك فشَتَرتْ عينه فمن ذلك اليوم سمي بالأشتر ، قال : فلما رأى مالك ما نزل به من ضربة ماهان عزم على الرجوع ، ثم فكر فيما عزم عليه فدبَّرَ نفسه وعلم أن الله ناصره ، قال والدم فائرٌ من جبهته وعدو الله يظن أنه قتل مالكاً ، وهو ينظره متى يقع عن ظهر فرسه ! وإذا بمالك قد حمل وأخذته أصوات المسلمين يا مالك إستعن بالله يعنك على قرينك ، قال مالك : فاستعنت بالله عليه وصليت على رسول الله (ص) وضربته ضربة عظيمة فقطع سيفي فيه قطعاً غير موهن فعلمت أن الأجل حصين ، فلما أحس ماهان بالضربة ولَّى ودخل في عسكره !

قال الواقدي : ولما ولى ماهان بين يدي مالك الأشتر منهزماً صاح خالد بالمسلمين : يا أهل النصر والبأس إحملوا على القوم ما داموا في دهشتهم ، ثم حمل خالد ومن معه من جيشه ، وحمل كل الأمراء بمن معهم ، وتبعهم المسلمون بالتهليل والتكبير فصبرت لهم الروم بعض الصبر ، حتى إذا غابت الشمس وأظلم الأفق انكشف الروم منهزمين بين أيديهم ، وتبعهم المسلمون يأسرون ويقتلون كيف شاءوا ). انتهى.

أقول : يفهم من الرواية أن مالكاً ضرب قائدهم ماهان ففرَّ جريحاً ، فذهل الروم وتغيرت كفة المعركة لصالح المسلمين ! لكن المرجح أنه قتله فبرز اليه آخران فقتلهما ، ثم ثمانية من قادة جيش الروم ، أو بطاركتهم كما يسمونهم !

فقد روى الكلاعي في الإكتفاء:٣/٢٧٣، واصفاً الأشتر : (كان من جلداء الرجال وأشدائهم ، وأهل القوة والنجدة منهم ، وأنه قتل يوم اليرموك قبل أن ينهزموا أحد عشر رجلاً من بطارقتهم ، وقتل منهم ثلاثة مبارزة ) ! انتهى. 

 بل تشير رواية الطبري:٣/٧٤ ، التالية الى أن ماهان قُتل من ضربة الأشتر : (عن عبد الله بن الزبير قال : كنت مع أبي الزبير عام اليرموك فلما تعبأ المسلمون.....

فهزمت الروم وجموع هرقل التي جمع فأصيب من الروم أهل أرمينية والمستعربة سبعون ألفاً وقتل الله الصقلار وباهان ، وقد كان هرقل قدمه مع الصقلار) . انتهى.

وستعرف أن رواة السلطة يحرصون على طمس بطولات من لايحبونهم أوسلبها منهم ونسبتها الى أتباع السلطة ، وهذا هو السبب في نسبتهم قتل ماهان الى مجهول ! أوقولهم إنه اختلف في الذي قتله ! وكذلك طمسهم مبارزات الأشتر الأخرى ، وأسماء قادة الروم الأحد عشر الذين قتلهم (رحمه الله) .

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

الأحد، 30 يوليو 2023

مالك الأشتر بطل معركة اليرموك

 مالك الأشتر بطل معركة اليرموك

عندما بدأ الروم يحشدون جيوشهم لاسترجاع ما فتحه المسلمون من بلاد الشام كان مالك في العراق ، فحشدوا نحو مئة ألف مقاتل ، وكان عدد المسلمين مقابلهم أقل من ثلاثين ألفاً .

ففي تاريخ دمشق:٢/١٤٣: (أن المسلمين كانوا أربعة وعشرين ألفاً وعليهم أبوعبيدة بن الجراح ، والروم عشرون ومائة ألف عليهم ماهان وسقلان يوم اليرموك).

وفي فتوح ابن الأعثم:١/١٧٣: (ثم جعل ماهان أميراً على جميع أجناده ، وأمر الوزراء والبطارقة والأساقفة أن لايقطعوا أمراً دونه) .

ومن النصوص التي تحدد تاريخ معركة اليرموك ، ما رواه في تاريخ دمشق:٢/١٦٢ قال: (ثم بلغ ذلك هرقل فكتب إلى بطارقته أن اجتمعوا لهم وانزلوا بالروم منزلاً واسع العطن واسع المطرد ، ضيق المهرب...

فنزلوا الواقوصة على ضفة اليرموك ، وصار الوادي خندقاً لهم وهو لهب لايدرك ، وإنما أراد باهان وأصحابه أن يستفيق الروم . . . ومخرجهم صفر سنة ثلاث عشرة وشهري ربيع لايقدرون من الروم على شئ ، ولا يخلصون إليهم واللهب وهو الواقوصة من ورائهم ، والخندق من ورائهم ، ولايخرجون خرجة إلا أديل المسلمون منهم...

وقد استمدوا أبا بكر وأعلموه الشأن في صفر ، فكتب إلى خالد ليلحق بهم وأمره أن يخلف على العراق المثنى ، فوافاهم في ربيع). انتهى.

أقول : وبعد وصول خالد الى دمشق توفي أبوبكر وتولى الخلافة عمر ، فبادر الى عزل خالد وتأمير أبي عبيدة مكانه ، وخاف عمر أن يؤثر عزل خالد على سير المعركة ، ولكن الله لطف على المسلمين ببطولة مالك الأشتر (رحمه الله)  .

وفي تاريخ اليعقوبي:٢/١٤١: (وجمع أبو عبيدة إليه المسلمين وعسكر باليرموك... وجعل أبوعبيدة خالد بن الوليد على مقدمته فواقع المشركين ، ولقي ماهان صاحب الروم... وكانت وقعة جليلة الخطب فقتل من الروم مقتلة عظيمة وفتح الله على المسلمين... وأوفد أبوعبيدة إلى عمر وفداً فيهم حذيفة بن اليمان وقد كان عمر أرِقَ عدة ليال واشتد تطلعه إلى الخبر ، فلما ورد عليه الخبر خرَّ ساجداً وقال : الحمد لله الذي فتح على أبي عبيدة ، فوالله لولم يفتح لقال قائل : لوكان خالد بن الوليد).

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

مالك الأشتر ودوره في معركة القادسية واليرموك

 مالك الأشتر ودوره في معركة القادسية واليرموك !

تدل النصوص المتناثرة في المصادر على دور مالك البطولي والقيادي في المعارك الفاصلة من تاريخنا ! ويظهر أنه (رحمه الله) كان يتحرى بطل العدو أو قائدهم فيبرز اليه ويجندله ، فتتغير المعادلة لصالح المسلمين وتقع في عدوهم الهزيمة ، وهذا ما فعله في معركة مسيلمة الكذاب ، وفي معركة اليرموك ، وغيرهما !

وأنه بعد مشاركته في حرب مسيلمة توجه الى الشام وشارك في معارك الفتح ، ثم عاد الى العراق وشارك في بعض معاركها ، وبعد فتح عين التمر وحاجة جبهة الشام الى مدد ، بادر الى معركة اليرموك وكان بطل النصر فيها ، وبعد اليرموك كان قائداً فعالاً ففتح عدة مدن وحصون في بلاد الشام ، ثم طارد الروم الى جبال اللكام ، وعندما احتاجت اليه جبهة العراق بادر الى معركة القادسية !

وقد ادعت رواية الطبري التالية:٢/٥٩٧،أنه لم يحضر القادسية: (عن أرطأة بن جهيش قال كان الأشتر قد شهد اليرموك ولم يشهد القادسية ، فخرج يومئذ رجل من الروم فقال من يبارز؟ فخرج إليه الأشتر فاختلفا ضربتين فقال للرومي خذها وأنا الغلام الأيادي ! فقال الرومي : أكثر الله في قومي مثلك ، أما والله لولا أنك من قومي لآزَرْتِ الروم ، فأما الآن فلا أعينهم ) . (وتاريخ دمشق:٥٦/٣٧٩) .

أقول: معنى أن هذا البطل الرومي أيادي ، أنه من الغساسنة المتنصرين ، لأنهم يرجعون مع النخع الى أياد ، وقد أعجب ذلك الفارس ببطولة ابن عمه مالك النخعي الأيادي وعاهده أن لا يقاتل مع الروم ضد المسلمين .

وأما قول الرواية إن مالكاً لم يشهد القادسية ، فيردُّه ما رواه الطبري نفسه ومصادر أخرى من أنه جاء من معركة اليرموك مدداً للمسلمين في القادسية وشهدها .

 فقد روى له أبوتمام في ديوان الحماسة:١/٣٩ شعراً قاله في القادسية ، قال: 

(وتلقني يشتد بي أجردٌ  ***** مستقدم البَرْكة كالراكب

هو مالك بن الحارث أحد بني النخع والأشتر لقب له ، كان شاعراً يمانياً من شعراء الصحابة ، شهد حرب القادسية أيام عمر بن الخطاب التي كانت بين المسلمين والفرس ، وكان لعلي في حروبه مثل ما كان علي لرسول الله(ص) ).  

وفي طبقات ابن سعد:٦/٤٠٥: (أخبرنا طلق بن غنام قال : شهد جدي مالك بن الحارث القادسية... ثم قال عن طلق بن غنام : وكان ثقة صدوقاً) .

وفي الأغاني:١٥/٢٠٨: (قال أبوعبيدة في رواية أبي زيد عمر بن شبة : شهد عمرو بن معدي كرب القادسية وهو ابن مائة وست سنين ، وقال بعضهم : بل ابن مائة وعشر ، قال : ولما قتله العلج (كان) عَبَرَ نهر القادسية هو وقيس بن مكشوح المرادي ومالك بن الحارث الأشتر ) . (ومعاهد التنصيص للعباسي:٢/٢٤٤) .

وفي مصنف ابن أبي شيبة:٧/٧١٨: (عن الأعمش عن مالك بن الحارث أوغيره قال : كنت لا تشاء أن تسمع يوم القادسية : أنا الغلام النخعي ، إلا سمعته ) .

وفي ابن أبي شيبة:٨/١٤، (فقال عمر : ما شأن النخع ، أصيبوا من بين سائر الناس أفرَّ الناس عنهم؟ قالوا : لا ، بل وَلُوا أعظم الأمر وحدهم) . ( ونحوه في الإصابة:١/١٩٦).

وذكر ابن أبي شيبة:٨/١٥، أن النخع كانوا في القادسية ألفين وأربع مئة ، أي ربع جيش المسلمين ، وأن ثقل المعركة كان عليهم !

وفي تاريخ الطبري:٣/٨٢ ، أنهم هاجروا من اليمن مع عوائلهم ، وزوجوا سبع مائة بنت الى المسلمين وخاصة الأنصار . (ونحوه في تاريخ دمشق:٦٥/١٠٠) .

وتدل رواية الحافظ الأصبهاني في ذكر أخبار إصبهان:٢/٣١٨ ، على أن الأشتر وفرسان النخعيين توغلوا في فتح إيران وشاركوا في فتح أصفهان ، قال: ( مالك الأشتر بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بنخزيمة بن سعد بن مالك بن النخع ، كان بإصبهان أيام علي بن أبي طالب فيما ذكر عن عمير بن سعيد قال : دخلت على الأشتر بإصبهان في أناس من النخع نعوده ).

ونحوها رواية السمعاني في الأنساب:٥/٤٧٦ ، قال : (ومات بالقلزم مسموماً سنة سبع وثلاثين من الهجرة ، سمه معاوية في العسل ، ولما بلغه الخبر قال : إن لله جنوداً من العسل ! قال عمير بن سعيد : دخلت على الأشتر بأصبهان في أناس من النخع نعوده ، فقال : هل في البيت إلا نخعي؟ قلنا : لا ).

فاتضح أن الروايات التي تنفي مشاركته في القادسية وفتح إيران ، وضعها رواة الخلافة المتعصبون ضده وضد قومه النخعيين ، بسبب تشيعهم !

وقال الواقدي:١/٦٨ ، عن مشاركة مالك في فتوح الشام زمن أبي بكر : (فما لبثوا حتى أقبل مالك بن الأشتر النخعي... وقد عزم على الخروج مع الناس الى الشام .. واجتمع بالمدينة نحو تسعة آلاف ، فلما تم أمرهم كتب أبو بكر كتاباً الى خالد بن الوليد... وقد تقدم اليك أبطال اليمن وأبطال مكة ، ويكفيك بن معد يكرب الزبيدي ، ومالك بن الأشتر ) .

وقال في٤٦٢ ، في فتح الموصل : (والتقى مالك الأشتر بيورنيك الأرمني فلما عاين زيه علم أنه من ملوكهم ، فطعنه في صدره فأخرج السنان من ظهره ) .

وقال ابن الأعثم:١/٢٥٨ في فتح آمد وميافارقين في تركية :(ثم أرسل عياض مالك الأشتر النخعي وأعطاه ألف فارس ، وأرسله إلى ناحية آمد وميافارقين ، وحين وصل مالك مع الجيش إلى آمد تبين له أن القلعة حصينة جداً فأخذ يفكر بالأمر وأن مقامه سيطول هناك ، ولما اقترب من آمد وعاين بنفسه قوة الحصن ، أمر الجيش بأن يكبروا معاً تكبيرة واحدة بأعلى صوت ! فخاف أهل آمد وتزلزلت أقدامهم وظنوا أن المسلمين يبلغون عشرة آلاف ، وأنهم لا قِبَلَ لهم بحربهم ، فأرسلوا شخصاً إلى الأشتر فأجابهم الأشتر إلى الصلح ، وتقرر أن يدفعوا خمسة آلاف دينار نقداً ، وعلى كل رجل أربعة دنانير جزية ، ورضي حاكم البلد بهذا الصلح وفتحوا الأبواب ودخلها المسلمون صباح يوم الجمعة ، فطافوا فيها ساعة ثم خرجوا ، وأقاموا على بوابة البلدة ).

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

دور أبي ذر في فتح قبرص

 دور أبي ذر في فتح قبرص

فقال البلاذري في فتوح البلدان:١/١٨٢: (لما غُزيَت قبرس الغزوة الأولى ، ركبت أم حرام بنت ملحان مع زوجها عبادة بن الصامت ، فلما انتهوا إلى قبرس خرجت من المركب وقدمت إليها دابة لتركبها فعثرت بها فقتلتها ، فقبرها بقبرس يدعى قبر المرأة الصالحة .

قالوا : وغزا مع معاوية أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب الأنصاري ، وأبوالدرداء ، وأبوذر الغفاري ، وعبادة بن الصامت ، وفضالة بن عبيد الأنصاري ، وعمير بن سعد بن عبيد الأنصاري ، وواثلة بن الأسقع الكناني ، وعبد الله بن بشر المازني ، وشداد بن أوس بن ثابت ، وهو ابن أخي حسان بن ثابت ، والمقداد ، وكعب الحبر بن ماتع ، وجبير بن نفير الحضرمي). انتهى .

أقول : حشروا إسم كعب الأحبار معهم ، لإعطائه لقب المسلم المجاهد ! وكذلك حشروا إسم معاوية بعبارة مبهمة فيها تدليس (وغزا مع معاوية) ، مع أن تاريخ كعب ومعاوية لم يسجل أنهما حملا سلاحاً وحاربا يوماً ، أوغزيا حتى لمرة واحدة !

ولذا قال في الإستيعاب:٤/١٩٣١:(ويقال إن معاوية غزا تلك الغزاة بنفسه ، ومعه أيضاً امرأته فاختة بنت قرظة ). انتهى .

ويشير النص التالي الى أن معاوية كان ينتظر الجيش في الساحل بطرسوس!

ففي مسند الشاميين للطبراني:٢/٧٣ ، عن جبير بن نفير قال : (أخرج معاوية غنائم قبرس إلى الطرسوس من ساحل حمص ، ثم جعلها هناك في كنيسة يقال لها كنيسة معاوية ، ثم قام في الناس فقال : إني قاسم غنائمكم على ثلاثة أسهم : سهم لكم ، وسهم للسفن ، وسهم للقبط ، فإنه لم يكن لكم قوة على غزو البحر إلا بالسفن والقبط . فقام أبوذر فقال : بايعت رسول الله على أن لا تأخذني في الله لومة لائم : أتقسم يا معاوية للسفن سهماً وإنما هي فيؤنا ، وتقسم للقبط سهماً وإنما هم أجراؤنا ، فقسمها معاوية على قول أبي ذر) . ( ونحوه في:٢/١٢٠ ، وتاريخ دمشق:٦٦/١٩٣ ، وحلية الأولياء:٥/١٣٤) .

أما البخاري فروى الحديث بدون ذكر أبي ذر ، ولا أبي أيوب ، ولا غيرهما من الصحابة ! لأن غرضه فقط أن يمدح معاوية بأنه أول من ركب البحر للغزو ، ويروي حديثاً يحتمل أن يكون مدحاً لمعاوية !

قال البخاري في:٣/٢٠٣: (أم حرام بنت ملحان قالت نام النبي (ص) يوماً قريباً مني ثم استيقظ يتبسم ، فقلت ما أضحكك ؟ قال أناس من أمتي عرضوا على يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة ! قالت : فادع الله أن يجعلني منهم ، فدعا لها ، ثم نام الثانية ففعل مثلها ، فقالت مثل قولها فأجابها مثلها ، فقالت ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت من الأولين ! فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازياً أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية ، فلما انصرفوا من غزوهم قافلين فنزلوا الشام فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت) انتهى.

وقد صحح ابن حجر وغيره خطأ البخاري في روايته ولم يذكروا معاوية !

قال في تهذيب التهذيب :١٢/٤١١: (والصحيح العكس ، فقد قال غير واحد وثبت غير واحد أنها خرجت مع زوجها عبادة في بعض غزوات البحر ، وماتت في غزاتها وَقَصَتْها بغلتها عندما نقلوا ، وذلك أول ما ركب المسلمون في البحر في زمن معاوية في خلافة عثمان . زاد أبونعيم الأصبهاني وقبرت بقبرس . قلت : والإسماعيلي في مستخرجه عن الحسن بن سفيان عن هشام بن عمار قال : رأيت قبرها ووقفت عليها بقبرس) .

(ونحوه في صحيح ابن حبان:١٠/٤٦٨ ، وطبقات ابن سعد:٨/٤٣٥ ، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي:٢/٨٥١ ، وتاريخ دمشق:٧٠/٢١٧، وغيرها . وفي تهذيب التهذيب:١٢/٨٢: ركبتْ البحر عام قبرس ، مع ثلاثة عشر رجلاً من الصحابة ، منهم أبوذر ).

أقول : يصعب تصديق حديث بنت ملحان وأمثاله ، الذي يذكر أن النبي (ص)  كان يزورها كأنها والدته أو خالته ، وينام في بيتها ويرى رؤية تتعلق بها !

وأنها كانت تفلي رأسه كابنها أو أخيها ، وكأن رأس النبي (ص) فيه قمل كرؤوس رجالهم !

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

دور أبي ذر (رحمه الله) في الفتوحات

 دور أبي ذر (رحمه الله) في الفتوحات

دور أبي ذر (رحمه الله) في الفتوحات واحدٌ مما طمسه تاريخ الخلافة الرسمي! فقد صوروا أبا ذر (رحمه الله) كأنه بدوي ساذج متزمت سئ الخلق ، وكأنه صغير الجثة ضعيف البنية عن الجهاد ! بينما نطقت ثنايا مصادرهم بالحقائق ، وأنه كان رجلاً جسيماً طويلاً ، وقائداً شجاعاً ذكياً !

(وكان أبوذر طويلاً عظيماً رضي الله عنه وكان زاهداً متقللاً من الدنيا...وكان قوالاً بالحق).(تهذيب الأسماء للنووي:٢/٥١٣).

(وكان أبوذر طويلاً عظيماً) .(أسد الغابة:٥/١٨٨ ، ومستدرك الحاكم:٣/٥١) .

(رجلاً طويلاً آدم أبيض الرأس واللحية). (الطبقات:٤/٢٣٠) .

(فجلس... فرجف به السرير ، وكان عظيماً طويلاً ) (سير أعلام النبلاء للذهبي:٢/٦٩).

وكان له فرس أصيل يقال له : الأجدل . (أنساب الخيل لابن الكلبي ص ٦، وأسماء خيل العرب وفرسانها لابن الأعرابي ص ٢).   

ومضافاً الى الرواية المتقدمة في استنكاره على الأمير الأموي لغصبه الجارية التي تدل على أنه كان في فتح الشام (سير أعلام النبلاء:١/٣٢٩ ، وتاريخ دمشق:٦٥/٢٥٠).

فقد قالت رواية الواقدي في فتوح الشام:٢/٢٥٤: (ثم حمل من بعده العباس بن مرداس ، ثم من بعده أبوذر الغفاري ، ثم تبارد المسلمون بالحملة ، فلما رأى الروم ذلك ايقظوا أنفسهم في عددهم وعديدهم وتظاهروا البيض والدرع ، ولم يزل القتال بينهم حتى توسطت الشمس في قبة الفلك).

وقال الواقدي أيضاً:٢/٥٨٣: ( ثم استدعى من بعده أبا ذر الغفاري ، وأمَّره على خمسمائة فارس ، وسلمه الراية فتوجه وهو يقول :

سأمضي للعداة  بلا  اكتئاب ***** وقلبي للِّقا  والحرب صابي

وإن صال الجميع بيوم حرب ***** لكان الكلُّ عندي كالكلاب

أذلهمُ  بأبيض  جوهريٍّ ***** طليقِ الحدِّ  فيهم  غيرُ آبي )

انتهى .

بل تدل عدة روايات كما يأتي على أن أبا ذر (رحمه الله) سكن الشام من أول حكم عمر ، للمشاركة في الفتوحات ، وعاد منها في زمن عثمان ، ثم نفاه اليها عثمان لمدة سنة ، ثم أعاده ونفاه الى الربذة فبقي فيها سنتين أو أكثر حتى توفي غريباً سنة٣٢ هجرية . وهذا يعني أنه قضى نحو عشرين سنة في الشام .

أما دور أبي ذر في فتح مصر فقد روت أكثر مصادر الحديث أنه كان يمرِّغ فرسه ويروِّضه ، فسألوه عن حبه له فقال : (ليس من ليلة إلا والفرس يدعو فيها ربه فيقول : رب إنك سخرتني لابن آدم وجعلت رزقي في يده ، اللهم فاجعلني أحب إليه من أهله وولده ، فمنها المستجاب ومنها غير المستجاب ، ولا أرى فرسي هذا إلا مستجاباً).

رواه أحمد:٥/١٦٢، و١٧٠، والنسائي:٦/٢٢٣، وفي الكبرى:٣/٣٦ ، والبيهقي في سننه:٦/٣٣٠ ، وعلل أحمد بن حنبل:٣/٤٠٤ ، وعلل الدارقطني:٦/٢٦٦ ، وسنن سعيد بن منصور:٢/٢٠٤، والعظمة لأبي الشيخ:٥/١٧٨٠، وحلية الأولياء:٨ /٣٨٧ ، والفردوس بمأثور الخطاب:٤/٥٣ ، وتفسير ابن كثير:٢/٣٣٤ ، والفروسية لابن قيم الجوزية ص١٣٠، وكنز العمال:٦/٣٢١ ...الخ. روته هذه المصادر وغيرها ولم تذكر مناسبته مع أنه حديث نبوي !إلا ثلاثة منها كشفت ربما عن غير قصد دور أبي ذر في فتح مصر !

قال السيوطي في الدر المنثور:٣/١٩٧: (وأخرج أبوعبيدة في كتاب الخيل عن معاوية بن خديج ، أنه لما افتتحت مصر كان لكل قوم مراغة يمرِّغون فيها خيولهم  ، فمر معاوية (يقصد ابن حديج التميمي) بأبي ذر رضي الله عنه وهو يمرغ فرساً له فسلم عليه ووقف ، ثم قال : يا أبا ذر ما هذا الفرس؟ قال فرس لي ، لا أراه الا مستجاباً ! قال : وهل تدعو الخيل وتجاب ؟ قال : نعم ، ليس من ليلة إلا والفرس يدعو فيها ربه فيقول : رب إنك سخرتني لابن آدم وجعلت رزقي في يده ، اللهم فاجعلني أحب إليه من أهله وولده ، فمنها المستجاب ومنها غير المستجاب ، ولا أرى فرسي هذا إلا مستجاباً) . (وحياة الحيوان للدميري ص٩٣٠).

وفي نهاية الإرب: ص٢٠٣٦: (لما نزل المسلمون مصر كانت لهم مراغة للخيل ، فمر حديج بن صومي بأبي ذر رضي الله عنه وهو يمرغ فرسه الأجدل ، فقال...)

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

أبرز القادة الشيعة الذين شاركوا في فتح العراق

  أبرز القادة الشيعة الذين شاركوا في فتح العراق

أبرز القادة والفرسان الشيعة الذين شاركوا في فتح العراق وإيران، هم:

المثنى بن حارثة ، وإخوته مسعود والمعنى وإبراهيم ، وبقية قادة جيشه من بني شيبان وبني عجل وبني تميم ، وغيرهم . والمثنى أكثر القادة تأثيراً في فتح العراق .

وسلمان الفارسي ، الذي نشط في دعوة الفرس إلى الإسلام ، خاصة شخصياتهم وحكامهم ، وقد عينه عمر رائد المسلمين وداعيتهم ، ثم أميناً على كنوز كسرى وأمواله عند فتح المدائن ، ثم والياً على المدائن ، وقاد بعض الفتوحات عسكرياً .

وعمار بن ياسر ، كان والي الكوفة ، وقائداً في معركة فتح تستر ، وهو الذي جاء بالهرمزان أسيراً إلى المدينة ، فأسلم على يد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

ثم كان عمار قائداً في معركة نهاوند ، وغيرها من معارك فتح إيران .

وحذيفة بن اليمان ، كان قائداً في معارك فتح العراق ، والقائد العام في فتح نهاوند ، وما بعدها ، ثم في فتح أرمينيا ، ومناطق من آسيا .

وعدي بن حاتم الطائي ، كان قائداً في معارك فتح العراق وإيران ، والشام .

وحجر بن عدي ، كان قائداً في القادسية والمدائن وجلولاء ، وفي فتح الشام .

وأبو عبيد بن مسعود الثقفي ، كان والياً على العراق ، وقائداً لمعركة الجسر أو قس الناطف ، واستشهد فيها رضي الله عنه .

وهاشم المرقال بن عتبة بن أبي وقاص ، كان قائداً في معركة أجنادين التي سببت فتح فلسطين ، ثم في معركة اليرموك ، ثم في معركة القادسية .

وكان القائد العام من قبل عمه سعد في معركة المدائن وجلولاء وحلوان ، وقائداً في معركة نهاوند ، ثم كان له دور في ترسيخ حكم المسلمين في مصر .

وقطبة بن قتادة بن الخصاصية ، وابنه سويد ، وهو صحابي ، كان مع المثنى يغير على مسالح الفرس في البصرة .

وبشير بن الخصاصية، وهو صحابي قائد ، كان المثنى يعتمد عليه في الإدارة والمعارك ويستخلفه إذا غاب ، وقد استخلفه قائداً لجيشه عندما توفي .

وعمرو بن حزم ، كان يغير مع المثنى على أطراف أرض السواد .

والنعمان بن مقرن ، وإخوته ، وهم سبعة : معقل وعقيل وسويد وسنان وعبد الرحمن ، وسابع لم يسم ، صحابة كان يعتمد عليهم علي ( عليه السلام ) ، وكلهم قادة ، كانوا مع علي ( عليه السلام ) عندما خرج للدفاع عن المدينة ، وكانوا قادة في فتح العراق وغيره . وكان النعمان القائد العام لمعركة نهاوند باقتراح علي ( عليه السلام ) ، وقد استشهد فيها .

ومذعور بن عدي العجلي ، كان قائداً عند المثنى في معركة الجسر ، ومعركة البويب وغيرها . وهو صحابي وفد مع المثنى إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ( تاريخ دمشق : 57 / 198 ) .

لكن رواة الخلافة عاملوهما كأنهما غير صحابة ، تبعاً لعمر !

وعمرو بن معدي كرب الزبيدي ، كان قائداً في معركة اليرموك ، ثم سارع مع هاشم المرقال إلى القادسية وشارك فيها ، ثم في معركة جلولاء وحلوان ، وتستر واستشهد في فتح تستر .

وقيس بن مكشوح المرادي ، وهو صحابي كتب له النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليساعد في قتل مدعي النبوة الأسود العنسي ، وكانت له أدوار بطولية وقيادية في الفتوحات ،

فقد شارك في معركة اليرموك وسارع مع هاشم المرقال إلى العراق، فحضر القادسية وكان قائد ميسرتها ، وكان قائداً فيما بعدها من معارك . وهو من كبار أصحاب علي (عليه السلام)، واستشهد معه في صفين .

وعطارد بن حاجب ، وأبوه حاجب زعيم بني تميم ، الذي اشتهر برهن قوسه وثيقة عند كسرى ، وابنه عطارد جاء بوفد تميم إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأسلم في السنة التاسعة ، وشارك في القادسية وبعض الفتوح ، وكذا ابنه عمير ، وكان من أصحاب علي ( عليه السلام ) وقادته في صفين .

وغيرهم كثير . . ورد ذكرهم في معارك الفتوحات ، وأحداثها .

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

أمير المؤمنين (ع) يرتب وضع البصرة ويواصل فتح إيران والهند

 أمير المؤمنين (ع) يرتب وضع البصرة ويواصل فتح إيران والهند

في تاريخ اليعقوبي:٢/١٨٣: (ولما فرغ من حرب أصحاب الجمل ، وجه جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي إلى خراسان ) .

وفي شرح نهج البلاغة:١٨/٣٠٨: (هبيرة بن أبي وهب ، كان من الفرسان المذكورين ، وابنه جعدة بن هبيرة ، وهو ابن أخت علي بن أبي طالب ، أمه أم هاني بنت أبي طالب ، وابنه عبد الله بن جعدة بن هبيرة ، هو الذي فتح القهندر وكثيراً من خراسان ، فقال فيه الشاعر :

لولا ابن جعدةَ لم تُفتح قهندركم ***** ولا خراسانُ حتى ينفخ الصور

انتهى.

أقول: في معجم البلدان:٤/٤١٩ ، وصحاح الجوهري:١/٤٣٣: قهندز بالزاي .

وقال الطبري في تاريخه:٤/٤٦: (فانتهى إلى أبرشهر وقد كفروا وامتنعوا فقدم على علي فبعث خليد بن قرة اليربوعي فحاصر أهل نيسابور حتى صالحوه وصالحه أهل مرو ، وأصاب جاريتين من أبناء الملوك نزلتا بأمان فبعث بهما إلى علي فعرض عليهما الإسلام وأن يزوجهما ، قالتا زوجنا ابنيك فأبى ، فقال له بعض الدهاقين إدفعهما إليَّ فإنه كرامة تكرمني بها ، فدفعهما إليه فكانتا عنده يفرش لهما الديباج ويطعمهما في آنية الذهب ، ثم رجعتا إلى خراسان ) . انتهى .

وقال ابن خياط في تاريخه ص١٤٣، في حوادث سنة٣٦: ( وفيها ندب الحارث بن مرة العبدي (من البحرين) الناس إلى غزو الهند ، فجاوز مكران إلى بلاد قندابيل ووغل في جبال الفيقان ...) .

وفي فتوح البلدان للبلاذري:٣/٥٣١: (فلما كان آخر سنة ثمان وثلاثين وأول سنة تسع وثلاثين في خلافة الإمام علي بن أبي طالب ع ، توجه إلى ذلك الثغر الحارث بن مرة العبدي متطوعاً بإذن علي ، فظفر وأصاب مغنماً وسبياً ، وقسم في يوم واحد ألف رأس ).

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

ذكر مشورة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

 ذكر مشورة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

قال : فقال علي : يا أمير المؤمنين ، إنك قد علمت أن الله تبارك وتعالى بعث نبيه محمداً (ص) وليس معه ثان ولا له في الأرض من ناصر ولا له من عدوه مانع ، ثم لطف تبارك وتعالى بحوله وقوته وطوله ، فجعل له أعواناً أعز بهم دينه ، وشد أزره وشيد بهم أمره ، وقصم بهم كل جبار عنيد وشيطان مريد ، وأرى موازريه وناصريه من الفتوح والظهور على الاعداء ما دام به سرورهم وقرت به أعينهم ، وقد تكفل الله تبارك وتعالى لاهل هذا الدين بالنصر والظفر والاعزاز . والذي نصرهم مع نبيهم وهم قليلون ، هو الذي ينصرهم اليوم إذ هم كثيرون....

وبعد فقد رأيت قوماً أشاروا عليك بمشورة بعد مشورة فلم تقبل ذلك منهم ، ولم يأخذ بقلبك شئ مما أشاروا به عليك ، لأن كل مشير إنما يشير بما يدركه عقله ، وأعملك يا أمير المؤمنين أنك إن كتبت إلى الشام أن يقبلوا إليك من شامهم لم تأمن من أن يأتي هرقل في جميع النصرانية فيغير على بلادهم ، ويهدم مساجدهم ، ويقتل رجالهم ، ويأخذ أموالهم ، ويسبي نساءهم وذريتهم !

وإن كتبت إلى أهل اليمن أن يقبلوا من يمنهم ، أغارت الحبشة أيضاً على ديارهم ونسائهم وأموالهم وأولادهم !  وإن سرت بنفسك مع أهل مكة والمدينة إلى أهل البصرة والكوفة ، ثم قصدت بهم قصد عدوك ، انتقضت عليك الأرض من أقطارها وأطرافها ، حتى إنك تريد بأن يكون من خلفته وراءك أهم إليك مما تريد أن تقصده ، ولا يكون للمسلمين كانفة تكنفهم ، ولا كهف يلجؤون إليه ، وليس بعدك مرجع ولا موئل ، إذ كنت أنت الغاية والمفزع والملجأ . فأقم بالمدينة ولا تبرحها ، فإنه أهيب لك في عدوك ، وأرعب لقلوبهم ، فإنك متى غزوت الأعاجم بنفسك يقول بعضهم لبعض : إن ملك العرب قد غزانا بنفسه ، لقلة أتباعه وأنصاره ، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وعلى المسلمين ، فأقم بمكانك الذي أنت فيه ، وابعث من يكفيك هذا الأمر . والسلام .

قال : فقال عمر : يا أبا الحسن ! فما الحيلة في ذلك وقد اجتمعت الأعاجم عن بكرة أبيها بنهاوند في خمسين ومائة ألف ، يريدون استئصال المسلمين؟

فقال له علي بن أبي طالب ع : الحيلة أن تبعث إليهم رجلاً مجرباً قد عرفته بالبأس والشدة ، فإنك أبصر بجندك وأعرف برجالك ، واستعن بالله وتوكل عليه واستنصره للمسلمين ، فإن استنصاره لهم خير من فئة عظيمة تمدهم بها ، فإن أظفر الله المسلمين فذلك الذي تحب وتريد ، وإن يكن الأخرى وأعوذ بالله من ذلك ، تكون ردءا للمسلمين وكهفاً يلجؤون إليه وفئة ينحازون إليها .

قال فقال له عمر : نعم ما قلت يا أبا الحسن ! ولكني أحببت أن يكون أهل البصرة وأهل الكوفة هم الذين يتولون حرب هؤلاء الأعاجم ، فإنهم قد ذاقوا حربهم وجربوهم ومارسوهم في غير موطن .

قال : فقال له الإمام علي ع :  إن أحببت ذلك فاكتب إلى أهل البصرة أن يفترقوا على ثلاث فرق : فرقة تقيم في ديارهم فيكونوا حرساً لهم يدفعون عن حريمهم .

والفرقة الثانية يقيمون في المساجد يعمرونها بالأذان والصلاة لكيلا تعطل الصلاة ، ويأخذون الجزية من أهل العهد لكيلا ينتقضوا عليك .

والفرقة الثالثة يسيرون إلى إخوانهم من أهل الكوفة .

ويصنع أهل الكوفة أيضاً كصنع أهل البصرة ، ثم يجتمعون ويسيرون إلى عدوهم ، فإن الله عز وجل ناصرهم عليهم ومظفرهم بهم ، فثق بالله ولا تيأس من روح الله إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ .

ووصف ابن الأعثم في الفتوح:٢/٢٩١، قال: فلما سمع عمر مقالة الإمام علي ع ومشورته ، أقبل على الناس وقال : ويحكم ! عجزتم كلكم عن آخركم أن تقولوا كما قال أبو الحسن ! والله لقد كان رأيه رأيي الذي رأيته في نفسي ، ثم أقبل عليه عمر بن الخطاب فقال: يا أبا الحسن ! فأشر عليَّ الآن برجل ترتضيه ويرتضيه المسلمون أجعله أميراً ، وأستكفيه من هؤلاء الفرس .

فقال الإمام علي ع : قد أصبته ، قال عمر : ومن هو؟ قال : النعمان بن مقرن المزني ، فقال عمر وجميع المسلمين : أصبت يا أبا الحسن ! وما لها من سواه . قال : ثم نزل عمر عن المنبر ودعا بالسائب بن الأقرع بن عوف الثقفي فقال : يا سائب ! إني أريد أن أوجهك إلى العراق فإن نشطت لذلك فتهيأ ، فقال له السائب: ما أنشطني لذلك...) .

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

ذكر ما أشار به المسلمون على عمر بن الخطاب

 ذكر ما أشار به المسلمون على عمر بن الخطاب

وكان أول من وثب على عمر بن الخطاب وتكلم : طلحة بن عبيد الله فقال : يا أمير المؤمنين ، إنك بحمد الله رجل قد حنكته الدهور وأحكمته الأمور وراضته التجارب في جميع المقانب ، فلم ينكشف لك رأي إلا عن رضى ، وأنت مبارك الأمر ميمون النقيبة ، فنفذنا ننفذ ، واحملنا نركب ، وادعنا نجب .

قال : ثم وثب الزبير بن العوام فقال : يا أمير المؤمنين إن الله تبارك وتعالى قد جعلك عزاً للدين.... وبعد فأنت بالمشورة أبصر من كل من في المسجد ، فاعمل برأيك فرأيك أفضل ، ومرنا بأمرك فها نحن بين يديك .

فقال عمر : أريد غير هذين الرأيين ، قال : فوثب عبد الرحمن بن عوف الزهري فقال : يا أمير المؤمنين ، إن كل متكلم يتكلم برأيه ، ورأيك أفضل من رأينا ، لما قد فضلك الله عز وجل علينا ، وأجرى على يديك من موعود ربنا ، فاعمل برأيك واعتمد على خالقك ، وتوكل على رازقك وسر إلى أعداء الله بنفسك ، ونحن معك ، فإن الله عز وجل ناصرك بعزه وسلطانه كما عودك من فضله وإحسانه .

فقال عمر : أريد غير هذا الرأي ، فتكلم عثمان بن عفان فقال : يا أمير المؤمنين إنك قد علمت وعلمنا أنا كنا بأجمعنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله منها بنبيه محمد (ص) ، وقد اختارك لنا خليفة نبينا محمد ، وقد رضيك الأخيار وخافك الكفار ، ونفر عنك الأشرار ، وأنا أشير عليك أن تسير أنت بنفسك إلى هؤلاء الفجار بجميع من معك من المهاجرين والأنصار ، فتحصد شوكتهم وتستأصل جرثومتهم .   

فقال عمر : وكيف أسير أنا بنفسي إلى عدوي وليس بالمدينة خيل ولا رجل ، فإنما هم متفرقون في جميع الأمصار ؟ فقال عثمان : صدقت يا أمير المؤمنين ، ولكني أرى أن تكتب إلى أهل الشام فيقبلوا عليك من شامهم ، وإلى أهل اليمن فيقبلوا إليك من يمنهم ، ثم تسير بأهل الحرمين مكة والمدينة إلى أهل المصرين البصرة والكوفة ، فتكون في جمع كثير وجيش كبير ، فتلقى عدوك بالحد والحديد والخيل والجنود .

قال فقال عمر : هذا أيضاً رأي ليس يأخذ بالقلب ، أريد غير هذا الرأي .

قال : فسكت الناس ، والتفت عمر إلى علي ع فقال : يا أبا الحسن ! لم لا تشير بشئ كما أشار غيرك ؟

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

ثلاثة أنواع من فعالية الإمام علي (ع) في الفتوحات

 ثلاثة أنواع من فعالية علي (ع) في الفتوحات

الأول : أن تلاميذه تصدوا لقيادة معاركها ، حتى لو تعطهم السلطة دوراً القيادة العليا .

كما نرى في خالد بن سعيد بن العاص وأبي ذر وحذيفة بن اليمان وهاشم المرقال والأشتر وحجر بن عدي وغيرهم .

وكل واحد منهم يحتاج الى دراسة خاصة .

الثاني : دور أمير المؤمنين (ع) في استكمال الفتوحات في خلافته بالرغم من ثلاثة حروب داخلية فتحوها عليه ! وقد سجل التاريخ منها فتح قسم من إيران كان مستعصياً ، وفتح قسم من الهند .

الثالث : أن عمر بن الخطاب بعد هزيمة المسلمين في معركة الجسر مع القوات الإيرانية ، أعطى علياً (ع) الدور الأساسي في إدارة الفتوحات ! ذلك أن الفرس طمعوا في استرجاع المناطق التي فتحوها ، وهي البصرة والكوفة والمدائن وجلولاء وخانقين وقسم من الأهواز ، فاستجمعوا قواهم وجمعوا مائة وخمسين ألف مقاتل في نهاوند ، وقرروا أن يجتاحوا هذه المناطق  ثم يزحفوا الى المدينة المنورة ، لاستئصال أصل دين العرب بزعمهم !

فهذه المرحلة كانت سبباً في أن الخليفة عمر أطلق يد علي (ع) في إدارة الفتوحات ، فقد روت المصادر أن عمر خاف خوفاً شديداً ، فاستشار كبار الصحابة ، وعمل برأي علي (ع) وأطلق يده في إدارة الفتح وإرسال القادة الذين يختارهم ، فاختار النعمان بن مقرن ، فإن قتل فحذيفة ، فإن قتل فجرير بن عبدالله البجلي ، وكانت معركة نهاوند الفاصلة التي قصمت قوة فارس!

قال ابن الأعثم في الفتوح:٢/٢٩٠:  (ذكر كتاب عمار بن ياسر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما :

بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبدالله عمر أمير المؤمنين من عمار بن ياسر ، سلام عليك .

أما بعد فإن ذا السطوات والنقمات المنتقم من أعدائه ، المنعم على أوليائه ، هو الناصر لأهل طاعته على أهل الإنكار والجحود من أهل عداوته ، ومما حدث يا أمير المؤمنين أن أهل الري وسمنان وساوه وهمذان ونهاوند وأصفهان وقم وقاشان وراوند واسفندهان وفارس وكرمان وضواحي أذربيجان قد اجتمعوا بأرض نهاوند ، في خمسين ومائة ألف من فارس وراجل من الكفار ، وقد كانوا أمَّروا عليهم أربعة من ملوك الأعاجم ، منهم ذوالحاجب خرزاد بن هرمز ، وسنفاد بن حشروا ، وخهانيل بن فيروزن وشروميان بن اسفنديار ، وأنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا وتحالفوا وتكاتبوا وتواصوا وتواثقوا ، على أنهم يخرجوننا من أرضنا ، ويأتونكم من بعدنا ، وهم جمع عتيد وبأس شديد ، ودواب فَرِهٌ وسلاح شاك ، ويد الله فوق أيديهم .

فإني أخبرك يا أمير المؤمنين أنهم قد قتلوا كل من كان منا في مدنهم ، وقد تقاربوا مما كنا فتحناه من أرضهم ، وقد عزموا أن يقصدوا المدائن ، ويصيروا منها إلى الكوفة ، وقد والله هالنا ذلك وما أتانا من أمرهم وخبرهم ، وكتبت هذا الكتاب إلى أمير المؤمنين ليكون هو الذي يرشدنا وعلى الأمور يدلنا ، والله الموفق الصانع بحول وقوته ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، فرأي أمير المؤمنين أسعده الله فيما كتبته . والسلام .

قال: فلما ورد الكتاب على عمر بن الخطاب وقرأه وفهم ما فيه وقعت عليه الرعدة والنفضة ، حتى سمع المسلمون أطيط أضراسه ! ثم قام عن موضعه حتى دخل المسجد وجعل ينادي : أين المهاجرون والأنصار ! ألا فاجتمعوا رحمكم الله ، وأعينوني أعانكم الله ! ). انتهى .

وفي تاريخ الطبري:٣/٢٠٩: وكتب إليه أيضاً عبد الله وغيره بأنه قد تجمع منهم خمسون ومائة ألف مقاتل ، فإن جاؤونا قبل أن نبادرهم الشدة ، ازدادوا جرأة وقوة...

ثم نقل الطبري مشورة عمر للصحابة وقوله : أفمن الرأي أن أسير فيمن قبلي ومن قدرت عليه ، حتى أنزل منزلا واسطاً بين هذين المصرين فأستنفرهم ، ثم أكون لهم رداء حتى يفتح الله عليهم ويقضى ما أحب ، فإن فتح الله عليهم أن أضربهم عليهم في بلادهم وليتنازعوا ملكهم...؟

فقام طلحة ابن عبيد الله وكان من خطباء أصحاب رسول الله(ص) فتشهد ثم قال : أما بعد يا أمير المؤمنين فقد أحكمتك الأمور وعجمتك البلايا واحتنكتك التجارب ، وأنت وشأنك وأنت ورأيك ، لا ننبو في يديك ولا نكل عليك .

إليك هذا الأمر فمرنا نطع وادعنا نجب ، واحملنا نركب ، وأوفدنا نفد ، وقدنا ننقد ، فإنك ولي هذا الأمر ، وقد بلوت وجربت واختبرت ، فلم ينكشف شئ من عواقب قضاء الله لك إلا عن خيار .

ثم جلس . فعاد عمر فقال : إن هذا يوم له ما بعده من الأيام فتكلموا .

فقام عثمان بن عفان فتشهد وقال : أرى يا أمير المؤمنين أن تكتب إلى أهل الشام فيسيروا من شأمهم ، وتكتب إلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم ، ثم تسير أنت بأهل هذين الحرمين إلى المصرين الكوفة والبصرة ، فتلقى جمع المشركين بجمع المسلمين ، فإنك إذا سرت بمن معك وعندك ، قل في نفسك ما قد تكاثر من عدد القوم ، وكنت أعز عزاً وأكثر...

فقام علي بن أبي طالب فقال : أما بعد يا أمير المؤمنين فإنك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم إلى ذراريهم ، وإن أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة إلى ذراريهم ، وإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك الأرض من أطرافها وأقطارها ، حتى يكون ما تدع وراءك أهم إليك مما بين يديك من العورات والعيالات ! أقْرِرْ هؤلاء في أمصارهم ، واكتب إلى أهل البصرة فليتفرقوا فيها ثلاث فرق : فلتقم فرقة لهم في حرمهم وذراريهم ، ولتقم فرقة في أهل عهدهم لئلا ينتقضوا عليهم ، ولتسر فرقة إلى إخوانهم بالكوفة مدداً لهم .

إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً قالوا هذا أمير العرب وأصل العرب ، فكان ذلك أشد لكلبهم وألبتهم على نفسك .   

وأما ما ذكرت من مسير القوم فإن الله هو أكره لمسيرهم منك ، وهو أقدر على تغيير ما يكره .

وأما ما ذكرت من عددهم ، فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة  ولكنا كنا نقاتل بالنصر .  

فقال عمر : أجل والله لئن شخصت من البلدة لتنتقضن عليَّ الأرض من أطرافها وأكنافها ، ولئن نظرت إلى الأعاجم لا يفارقن العرصة ، وليمدنهم من لم يمدهم وليقولن هذا أصل العرب ، فإذا اقتطعتموه اقتطعتم أصل العرب ). انتهى .

وفي نهج البلاغة:٢/٢٩: ( وقد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه : إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة ، وهو دين الله الذي أظهره ، وجنده الذي أعده وأمده ، حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع . ونحن على موعود من الله ، والله منجز وعده وناصر جنده .

ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمه ، فإن انقطع النظام تفرق وذهب ، ثم لم يجتمع بحذافيره أبداً . والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً ، فهم كثيرون بالإسلام وعزيزون بالإجتماع ، فكن قطباً ، واستدر الرحى بالعرب ، وأصلهم دونك نار الحرب ، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها ، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك !  إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا هذا أصل العرب ، فإذا قطعتموه استرحتم ، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وطمعهم فيك .  

فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين ، فإن الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك ، وهو أقدر على تغيير ما يكره .

وأما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ، وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة ).

ووصف ابن الأعثم في الفتوح:٢/٢٩١، مشاورة عمر للصحابة فقال : ( أيها الناس : هذا يوم غم وحزن فاستمعوا ما ورد عليَّ من العراق ، فقالوا : وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال : إن الفرس أمم مختلفة أسماؤها وملوكها وأهواؤها وقد نفخهم الشيطان نفخة فتحزبوا علينا ، وقتلوا من في أرضهم من رجالنا ، وهذا كتاب عمار بن ياسر من الكوفة يخبرني بأنهم قد اجتمعوا بأرض نهاوند ، في خمسين ومائة ألف ، وقد سربوا عسكرهم إلى حلوان وخانقين وجلولاء ، وليست لهم همة إلا المدائن والكوفة ، ولئن وصلوا إلى ذلك فإنها بلية على الإسلام وثلمة لا تسد أبداً ، وهذا يوم له ما بعده من الأيام ، فالله الله يا معشر المسلمين ! أشيروا عليَّ رحمكم الله ، فإني قد رأيت رأياً ، غير أني أحب أن لا أقدم عليه إلا بمشورة منكم ، لأنكم شركائي في المحبوب والمكروه) .

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

الإمام علي ( ع ) يشكو ظلامته وتعمد نسيان دوره في الفتوحات

 الإمام علي ( ع ) يشكو ظلامته وتعمد نسيان دوره في الفتوحات

 

تعامل علي وأهل البيت (عليهم السلام) مع الموجة القرشية ضدهم بعد النبي (ص) بنبل رسالي ، ونفذوا ما أمرهم به حبيبهم النبي (ص) ، وسجلوا صبراً لا نظير له ، فكظموا غيظهم وصبَّروا أنصارهم ، وارتفعوا على جراحهم ، فعملوا مخلصين في تسيير سفينة الإسلام وفتوحاته .

قال عليٌّ (ع) في كتابه إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لما ولاه إمارتها : ( أما بعد فإن الله سبحانه بعث محمداً (ص) وآله نذيراً للعالمين ، ومهيمناً على المرسلين ، فلما مضى تنازع المسلمون الأمر من بعده ، فو الله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده (ص) عن أهل بيته ولا أنهم مُنَحُّوهُ عني من بعده ، (يقصد (ع) أن هذا كان أمراً غير معقول لا يتصور) فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه ، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام ، يدعون إلى محق دين محمد (ص) ! فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً ، تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم ، التي إنما هي متاع أيام قلائل ، يزول منها ما كان كما يزول السراب ، أوكما يتقشع السحاب ، فنهضت في تلك الأحداث ، حتى زاح الباطل وزهق ، واطمأن الدين وتَنَهْنَهْ) . ( نهج البلاغة:٣/١١٨).

وقام أمير المؤمنين (ع) بمهته العظيمة في التخطيط والتوجيه وغرس الثقة والقوة في نفوس القادة والجنود ، حتى امتدت الدولة الإسلامية فشملت إيران وبلاد الشام ومصر وغيرها .

ولكن التاريخ الإسلامي نسب تلك الفتوحات الى أبي بكر وعمر وعثمان وخلفاء بني أمية وتعمد أن يغطي على دور علي (ع)  ، لذلك نراه يشكو ظلامته ويسجلها للتاريخ .

قال شرح النهج:٢٠/٢٩٨: (قال له قائل : يا أمير المؤمنين  أرأيت لو كان رسول الله (ص) ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم ، وآنس منه الرشد ، أكانت العرب تسلم إليه أمرها؟ قال: لا ، بل كانت تقتله إن لم يفعل ما فعلت ، ولولا أن قريشاً جعلت إسمه ذريعة إلى الرياسة ، وسلماً إلى العز والأمرة ، لما عبدت الله بعد موته يوماً واحداً ، ولارتدت في حافرتها ، وعاد قارحها جذعاً ، وبازلها بكرًا ، ثم فتح الله عليها الفتوح فأثْرت بعد الفاقة ، وتمولت بعد الجَهد والمخمصة ، فحسن في عيونها من الإسلام ما كان سمجاً ، وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطرباً ، وقالت : لولا أنه حق لما كان كذا ، ثم نسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها وحسن تدبير الأمراء القائمين بها ، فتأكد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين ، فكنا نحن ممن خمل ذكره ، وخبت ناره ، وانقطع صوته وصيته ، حتى أكل الدهر علينا وشرب ، ومضت السنون والأحقاب بما فيها ، ومات كثير ممن يعرف ، ونشأ كثير ممن لا يعرف .

وما عسى أن يكون الولد لو كان ! إن رسول الله (ص) لم يقربني بما تعلمونه من القُرْب للنسب واللحمة ، بل للجهاد والنصيحة ، أفتراه لو كان له ولد هل كان يفعل ما فعلت! وكذاك لم يكن يَقْرُب ما قَرُبْتُ ، ثم لم يكن عند قريش والعرب سبباً للحظوة والمنزلة ، بل للحرمان والجفوة .  اللهم إنك تعلم أني لم أرد الأمرة ، ولا علو الملك والرياسة ، وإنما أردت القيام بحدودك ، والأداء لشرعك ، ووضع الأمور في مواضعها ، وتوفير الحقوق على أهلها والمضي على منهاج نبيك ، وإرشاد الضال إلى أنوار هدايتك ).

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني

دور علي (ع) وشيعته في الفتوحات

 دور علي (ع) وشيعته في الفتوحات

في رأيي أن السلطة بعد النبي (ص) خافت من حرب مسيلمة والأسود العنسي التي يسمونها حروب الردة ، كما خافت من التوجه الى فتح بلاد فارس والشام ، وأن الذي دفعها الى الفتوحات هو علي (ع) والذين قادوا أهم الفتوحات هم تلاميذه الفرسان ، الذين لم تعطهم السلطة مناصب قيادية ، لكنهم كانوا القادة الميدانيين الذين خاضوا غمار المعارك وحققوا الإنتصارات الواسعة ، كانوا من شيعة علي (ع) وهم :

حذيفة بن اليمان ، وسلمان الفارسي ، وعمار بن ياسر ، وأبي ذر الغفاري ، وخالد بن سعيد بن العاص الأموي وأخواه أبان وعمرو، وهاشم بن أبي وقاص الأموي المعروف بالمرقال وأولاده خاصة عبدالله وعتبة , وبريدة الأسلمي ، وعبادة بن الصامت ، وأبي أيوب الأنصاري ، وعثمان بن حنيف وإخوته، وعبد الرحمن بن سهل الأنصاري، ومالك بن الحارث الأشتر وإخوته ، وعدد من القادة النخعيين معه ، وصعصعة بن صوحان العبدي وإخوته ، والأحنف بن قيس ، وحجر بن عدي الكندي ، وعمروبن الحمق الخزاعي ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وجعدة بن هبيرة ابن أخت أمير المؤمنين(ع) ، والنعمان بن مقرن ، وبديل بن ورقاء الخزاعي ، وجرير بن عبدالله البجلي ، ومحمد بن أبي حذيفة الأنصاري ، وأبي رافع وأولاده ، والمقداد بن عمرو، وواثلة بن الأسقع الكناني ، والبراء بن عازب ، وأبي أيوب الأنصاري ، وبلال بن رباح مؤذن النبي(ص)  ، وعبدالله بن خليفة البجلي ، وعدي بن حاتم الطائي ، وأبوعبيد بن مسعود الثقفي ، وأبي الدرداء ..
ويليهم: جارية بن قدامة السعدي ،  وأبي الأسود الدؤلي ، ومحمد بن أبي بكر ، والمهاجر بن خالد بن الوليد.. وغيرهم من القادة الميدانيين ! ولكل واحد من هؤلاء الأبطال أدوار مهمة ، عتَّم عليها إعلام الخلافة ورواتها ، وأبرزوا بدلها أصحاب الأدوار الشكلية أو الثانوية أو المسروقة !

إني أدعو الباحثين خاصة في تاريخ الفتوحات الإسلامية ، لأن يكشفوا هذه الحقيقة الضخمة التي غطت عليها حكومات الخلافة القرشية ، ورواتها الذين كتبوا التاريخ بحبر الحكام .

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني

فتح فارس والروم كان وعداً نبوياً

 فتح فارس والروم كان وعداً نبوياً

   كان النبي (ص) يدعو الناس في مكة الى الإسلام ويخبرهم بأن الله تعالى وعده أن يورِّث أمته ملك كسرى وقيصر ! فكل من قرأ سيرته(ص) يجد أن فتح فارس والروم كانا وعداً نبوياً من أول إعلان الدعوة ، وكان المشركون يسخرون من ذلك! واستمر هذا الوعد عنصراً ثابتاً في مراحل دعوته (ص) ، فكان برنامجاً إلزامياً للسلطة الجديدة بعد وفاته (ص) ، أيّاً كانت تلك السلطة .

ففي سنن البيهقي:٧/٢٨٣: ( فو الذي نفس محمد بيده ليفتحن عليكم فارس والروم ) .

وفي الكافي:٨/٢١٦: (عن أبي عبد الله (ع) : لما حفر رسول الله (ص) الخندق مروا بكدية فتناول رسول الله (ص ) المعول من يد أمير المؤمنين (ع ) أو من يد سلمان رضي الله عنه فضرب بها ضربة فتفرقت بثلاث فرق ، فقال رسول الله (ص ) : لقد فتح علي في ضربتي هذه كنوز كسرى وقيصر ، فقال أحدهما لصاحبه : يعدنا بكنوز كسرى وقيصر وما يقدر أحدنا أن يخرج يتخلى ) .

ونحوه في سيرة ابن هشام:٢/٣٦٥ وعندما جاءته رسالة تهديد من كسرى أخبره الله تعالى بأنه سيقتله في اليوم الفلاني في سيرة ابن هشام : ١/٤٥ :

( كتب كسرى إلى باذان : إنه بلغني أن رجلا من قريش خرج بمكة يزعم أنه بني فسر إليه فاستتبه ، فإن تاب وإلا فابعث إليَّ برأسه ، فبعث باذان بكتاب كسرى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتب إليه رسول صلى الله عليه وسلم : إن الله قد وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا من شهر كذا ، فلما أتى باذان الكتاب توقف لينظر ، وقال : إن كان نبيا فسيكون ما قال ، فقتل الله كسرى في اليوم الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن هشام : قتل على يدي ابنه شيرويه).

وهذا يدل ، على أن الإتجاه الى الفتوحات خطة نبوية وعقيدة معروفة عند المسلمين ، وأنه كان من الواجب على أي سلطة تأتي بعد النبي(ص) أن تتبنى هذ (الستراتيجية) وتسير فيها .

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني

شيعة الإمام علي ع وتلاميذه الذين فتحوا بلاد فارس

 شيعة الإمام علي ع وتلاميذه الذين فتحوا بلاد فارس


حذيفة بن اليمان ، وسلمان الفارسي ، وعمار بن ياسر ، وأبي ذر الغفاري ، وخالد بن سعيد بن العاص الأموي وأخواه أبان وعمرو، وهاشم بن أبي وقاص الأموي المعروف بالمرقال وأولاده خاصة عبدالله وعتبة , وبريدة الأسلمي ، وعبادة بن الصامت ، وأبي أيوب الأنصاري ، وعثمان بن حنيف وإخوته، وعبد الرحمن بن سهل الأنصاري، ومالك بن الحارث الأشتر وإخوته ، وعدد من القادة النخعيين معه ، وصعصعة بن صوحان العبدي وإخوته ، والأحنف بن قيس ، وحجر بن عدي الكندي ، وعمروبن الحمق الخزاعي ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وجعدة بن هبيرة ابن أخت أمير المؤمنين(ع) ، والنعمان بن مقرن ، وبديل بن ورقاء الخزاعي ، وجرير بن عبدالله البجلي ، ومحمد بن أبي حذيفة الأنصاري ، وأبي رافع وأولاده ، والمقداد بن عمرو، وواثلة بن الأسقع الكناني ، والبراء بن عازب ، وأبي أيوب الأنصاري ، وبلال بن رباح مؤذن النبي(ص)  ، وعبدالله بن خليفة البجلي ،وعدي بن حاتم الطائي ،وأبوعبيد بن مسعود الثقفي ، وأبي الدرداء ..

ويليهم: جارية بن قدامة السعدي ،  وأبي الأسود الدؤلي ، ومحمد بن أبي بكر ، والمهاجر بن خالد بن الوليد.. وغيرهم من القادة الميدانيين

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني

طاق كِسْرى


طاق كِسْرى، من أشهر المباني التي شيّدها الملوك الساسانيين، حيث يقع على بُعد أربعين كيلومتراً تقريباً، جنوب مدينة بغداد عاصمة العراق، بالقرب من قضاء سلمان باك التي دُفن فيها الصحابي سلمان الفارسي.

ارتج هذا البناء وسقطت منه 14 شرفة في الليلة التي ولد فيها رسول اللہ ﷺ ، كما أن المسلمين قد حولوه إلى مصلى بعد فتح المدائن ، وقد نقل التاريخ أن الإمام علي أقام الصلاة فيه .

طاق كسرى أو إيوان كسرى أو إيوان المدائن بناء أثري بقي من العهد الساساني ، ويقع على بعد أربعين كيلو متراً تقريباً جنوب مدينة بغداد ، بالقرب من مدينة سلمان باك الصغيرة التي تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة وفيها مرقد سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان . ل

بني إيوان المدائن عام 550 م[3] على يد أنوشروان[۳] من الآجر الكبير والجص (الجبس) . بلغ طوله مائة ذراع وعرضه خمسين ذراعاً ، وارتفع طوقه من الأرض ثلاثين متراً ، ثم خرب بعضه على يد المنصور العباسي عام 146 هـ (763 م) ؛ لأنه أراد أن يستخدم مواده وأنقاضه في بناء بغداد ، لكن انصرف عن الاستمرار في الخراب بعدما لاحظ ما كلفه الخراب والنقل من المال . في عام 1888 م ، دمر بعضه الآخر جراء فيضان ، إلا أنه جرت إعادة البناء بمساعدة جامعة شيكاغو فيما بعد .

حول سعد بن أبي وقاص إيوان كسرى إلى مصلى بعد فتح المدائن ، وقيل إن الإمام علي (ع) أقام الصلاة فيه ، ومن هنا أوصى الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان بأن يصلي الزائر بعد الفراغ من زيارة سلمان الفارسي ركعتين أو أكثر عند طاق كسرى .




 

السبت، 29 يوليو 2023

مؤتمر كامبل بنرمان بلندن

 ١٥ أبريل ١٩٠٧م

- إنعقاد مؤتمر كامبل بنرمان في لندن بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطانيين بهدف إلى إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن وقدم فكرة المشروع لحزب الأحرار الحاكم في ذلك الوقت . وضم الدول الاستعمارية في ذاك الوقت وهي : بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، اسبانيا، إيطاليا

١٤ مايو ١٩٠٧م
- مؤتمر (لندن) كامبل بنرمان يختتم أعماله بوثيقة سرية سميت " وثيقة كامبل" نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل-بانرمان.

وتوصلوا إلى نتيجة مفادها: "إن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للاستعمار! لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية وملتقى طرق العالم ، وأيضا هو مهد الأديان والحضارات". والإشكالية في هذا الشريان هو أنه كما ذكر في الوثيقة: " ويعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان".

وأبرز ما جاء في توصيات المؤتمر :

1- إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة:

وعلى هذا الأساس قاموا بتقسيم دول العالم بالنسبة إليهم إلى ثلاث فئات:

الفئة الأولى: دول الحضارة الغربية المسيحية (دول أوروبا وأمريكا الشمالية واستراليا) والواجب تجاه هذه الدول هو دعم هذه الدول ماديا وتقنيا لتصل إلى مستوى تلك الدول

الفئة الثانية: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ولكن لا يوجد تصادم حضاري معها ولا تشكل تهديدا عليها (كدول أمريكا الجنوبية واليابان وكوريا وغيرها) والواجب تجاه هذه الدول هو احتواؤها وإمكانية دعمها بالقدر الذي لا يشكل تهديدا عليها وعلى تفوقها

الفئة الثالثة: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها وتشكل تهديدا لتفوقها (وهي بالتحديد الدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام) والواجب تجاه تلك الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال ومحاربة أي اتجاه من هذه الدول لامتلاك العلوم التقنية

2- ومحاربة أي توجه وحدوي فيها:

ولتحقيق ذلك دعا المؤتمر إلى إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل الجزء الأفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب الا وهي دولة إسرائيل واعتبار قناة السويس قوة صديقة للتدخل الأجنبي وأداة معادية لسكان المنطقة

فصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا ليس فقط فصلاً مادياً عبر الدولة الإسرائيلية، وإنما اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، مما أبقى العرب في حالة من الضعف.

الجمعة، 28 يوليو 2023

إيليا حارس كوثي

 إيليا حارس كوثي

بعض الاصدقاء يثيرون اسئلة غريبة لا أدري من أين يحصلون عليها وخصوصا من يهوى التاريخ منهم . وقد وجه لي احد الاخوة الأعزاء سؤالا قال فيه : ضمن مطالعاتي
عثرت على نص في احد الكتب يقول فيه أن الرومـان حاصـروا كنيسـة في العـراق وضيقوا عليهـا الحصـار ، ولكـن ظـهـور فارس حـول الـديـر ثـم هـجـم على الرومان
وابعـدهـم عـن الـدير . فهـل تجـديـن هـذه القصة ومصدرها ؟

بعد البحث في تاريخ الحملات الرومانية على العراق والسؤال ممن له الاختصاص بذلك وجدت بعض الاشارات إلى ذلك نقلتها إلى الأخ فكان هذا الجواب .
أخي الطيب أحمد فيما ترويه او يرويه هذا الشخص هناك تضارب فالرومان كما هـو المعروف مسيحيين ، والقصـة تقـول بـان الرومان حاصروا كنيسة فهـذا التناقض لا يجتمع . ولكني اقول لك أخي الطيب بعد بحثي وتتبعي لحملات الرومان في منطقـة سـوريا والعراق تبين أن الرومان وصلوا للعراق مرتين فقط .
في المرة الأولى زحف هرقل بجيش جرار خلال العراق لاحتلال إيران واستغلال فرصة فراغ السلطة هناك ، حيث وصلته أخبار اغتيال الملك كسرى الثاني مـن قبـل أبنه
شيرويه. ثم تحالف هرقل مع الأحباش عـام (٦٢٩) وانتصر مجدداً على الفرس وصار قريباً من المدائن على مشارف بغداد الحالية حيث كـان مـروره على منطقة تكريت التي
كانت تعج بالأديرة والكنائس اليهودية والمسيحية . هذا
من ناحية ومن ناحية أخرى هناك قصة حدثت في العراق أيضا على شاطئ الفرات ولا يعرف بالضبط في اي مكـان منـه وهـي في زمـن هجمات القائد الروماني (فاسيل الأول) على مناطق بالقرب مـن الـفـرات حيث ورد في مذكرات هـذا القائـد بـأن رئيس الحملة (كوراكواس) الذي واصل حملاته وانتصاراته في بلاد وادي الرافدين ـ العراق ـ وقـد
هزم هذا القائد أمراء غربي العراق من الموصل وحتى الأنبار ولكن عند اقترابه من منطقة النووايس على الفرات تعرض هناك إلى نكسة روحية بسبب ضربات الأرواح الستة له ) Six lives (فانسحب مـن ضاحية بابل الجنوبية نحو صحراء (هيتون) غرب حصـن الاخيضر وهو لايعي ما يقول سوى كلام فارغ كما يبدو من كلامه حيث يقـول أن شعبتا
السيف التفتا حول الجيش الويل لكم من الفارس الملثم وحريق سيفه ذو الشعبتين . وتـرك کوراكـواس في مكاتباته نصـا غريبا سمعه من الرهبان الذين التقاهم في أديرة صحراء كوفان يقولون فيه : (إن إيليا ظهر لهـم عـدة مرات يمتطي فرسا ابيض لـه غـرة سـوداء في جبينه ويرتدي سيفا ذو شعبتين ومعه آخرين وأن نبيا من القدماء قام وهـم يحرسون منطقة كوثي وحولهم الأرواح الستة).(۲) مـن جـانبي فقد بحثت عـن هـذا النص في قواميس ميثولوجيا اليونان وتواريخها فوجدته يشير إلى نص في الانجيل على شكل نبوءة وفعلا وجدت النص في إنجيل لوقا بزيادات ، أضاعت ما المقصود من هذه العبارة . أما القرية فلا أدري أين هي ولكنها تقع ما بين الاخيضر وضاحية بابل الجنوبية على نهر صغير هناك .
الكتاب الذي يذكر هذه الواقعة كتاب قديم أسمه : القمطاريس بستان الرهبان (3). وهو مثل كتب الصوفية حيث فيه شطحات غريبة لا يستطيع العقل ان يهضمها إلا
أن يكـون قـد اطلـع علـى علـوم الصـوفية وعلـوم العرفاء وهـو مشـابه لما أشيع مـن أقـوال الحلاج كقوله : الله في جبتي . او قوله : رحت اطوف حول البيت فطاف البيـت حـولي سبعا ..او يسمعونه يقـول سبحاني سبحاني .. وهذا الكتب لا يقربها عامة الناس ولا يفهموها فهي من كتب الرهبان القديمة التي يتداولونها فيما بينهم . وكتاب بستان الرهبان من نفس السنخ ويقولون عنه بانه لا يحتمله إلا من وصل مرحلة الإيمان الجامع .
1 -الأرواح الستة خمسة اشباح حلت في اجساد بشرية يخدمها ملك عظيم من الملائكة
٢ - في اشارة إلى نص الوارد في إنجيل لوقا ۹: 8 ((وقوما ـ قالوا : إن إيليا ظهر آخرين ـ قالوا ـ : إن نبيا من القدماء قام)) . هذه النبـوءة مضطربة اقحمت في نص ليس لها .
3 - انظر كتاب بستان الرهبان القمطاريس ، اخيلاس سرابيون الطبعة المعمدانية
الرابعة 1965

المصدر : كتاب ما لا تعرفه عن الكتاب المقدس بحوث لاهوتية الجزء الأول ايزابيلا بنيامين ماما آشوري ص ٢٨-٣٠

تتمة مهمة لموضوع : شخصية تسير مع الزمن : إيليا

 تتمة مهمة لموضوع : شخصية تسير مع الزمن : إيليا

من بعد نشري لهذا الموضوع منذ سنة وإلى اليوم لم يعترض عليه احد لأنهم يعرفون ان ما موجود فيه من نفس
الكتاب المقدس ولكن اليوم تحالف ثلاثة اشخاص واحد منهم انتحل اسم إسلامي شيعي . والثاني اسم مسيحي
والثالث اسماً غامضاً يتكلم على استحياء .
الأول وهو المسلم قال بأن النص الذي وضعته غير صحيح من أن يسوع لم يناد : إيليا إيليا إنما نادى إيلي إيلي ولكنه غفل عما قلته قبل سطر من النص وغفل عن الاشارات التي
وضعت النص بينها .
والثاني وهو صاحب الاسم المسيحي قال بأن النص تم تحريفه .
والثالث تكلم على استحياء ولكنه أيدهم .

بحثت عن انتمائهم لصفحتي فوجدتهم منذ كم يوم قبلت صداقاتهم . وبحثت عن المسلم الشيعي من خلال صفحته ومن خلال اصدقائه فتبين انه مسيحي ايضا وهكذا هو عملهم يتسترون ولا يواجهون .
أقول لهم حول موضوع ايليا المنشور في صفحتي تحت عنوان (شخصية تسير مع الزمن) لم أشأ التوسع فيه واكتفيت فقط باستعراض النصوص الدينية الثابتة لأنها
مقدسة عندنا ولم اورد ما قاله المفسرون حول هذه النصوص ورأيهم فيها ومن هو إيليا في نظرهم ، لأن النقل عن المفسرين لا يخلو من تضارب ولكني نزولا عند عناد هؤلاء المندسين الثلاث أضع لهم بعضاً من آراء المفسرين .
يقول (نوبر) ومشاركته موجودة على الموضوع بأن المقصود من ذلك هو عيسى وليس إيليا لأن إيليا هو عيسى واني حرفت النص .
فماذا يقول المفسرون عن إيليا يا نوبر؟ .
طبعا انك لم تراجع ما قالوه بل رجعت للانجيل المشوش المضطرب (فخربط) لك عقلك أيضا ونسيت ان ترجع للتوراة التي هي اقدم من الانجيل بمئات السنين والتي
ذكرت إيليا نفسه الذي ظهر ليسوع المسيح على الجبل كما مذكور في النص الذي وضعته لك .
يقول القس انطونيوس فكري حول تفسير وقوف إيليا وموسى امام عيسى : إيليا لم يمت بينما موسى مات بالجسد ، موسى كان حليما وإيليا كان ناريا الرجل الناري الملتهب بالغيرة .
وهذا ما يقوله الكتاب المقدس عن إيليا من انه لم يمت بل حيا مدى الازمان كما في نص سفر المكابيين الأول ٢: ٥٨ ((وايليا بغيرته للشريعة رفع إلى السماء)) .
وقال فكري أيضا : قال بعض الناس عن المسيح أنه إيليا أو أحد الأنبياء . والتلاميذ الآن شهود حيث رأوا الفارق بين إيليا وموسى وبين المسيح . موسى الآن روح وقد ظهر
بشكل نوراني ، أما إيليا فقد ظهر بجسده لأنه لم يمت .
القس يؤكد هنا على أن شخصية إيليا غير شخصية المسيح امام : ثلاثة من الشهود هم تلاميذ يسوع لكي يقولوا للناس الذين يزعمون أن إيليا هو المسيح . يقولون لهم بأن يسوع شخص آخر غير إيليا .
اما القديس جيروم فيرى أن قدوم موسى وايليا آية من اللهة .
السؤال : هل إيليا كان موجوداً قبل عيسى؟
تعرضت التوارة وعلى طول ألف سنة ـ وهي الفترة التي تكامل فيها كتابة التوراة تعرضت لذكر إيليا في أكثر من سفر وموضع بالعشرات من أول سفر فيها وحتى نهاية
سفر المكابيين الأول سنة 135 قبل ميلاد يسوع . كما يقول في مدخل إلى سفري المكابيين
الأنبا مكاريوس الأسقف العام حيث يقول يغطى سفر المكابيين الأول الفترة الزمنية ما (ملك أنطيوخس سنة 175 وموت سمعان سنة 135 ق.م.) .
وهذا السفر يؤكد بأن إيليا لم يمت إنما يتم رفعه إلى السماء بعد نهاية كل حقبة ثم يأتي في الحقبة اللاحقة كما قرأنا من انه حضر مع موسى لمقابلة عيسى على جبل (تابور) وهذا يعني انه منذ أول ظهور لإيليا على مسرح أحداث الكتب المقدسة والأنبياء وبين آخر ظهور له في زمن يسوع ستة آلاف عام وهذا هو عمر الحقبة البشرية المبدعة على لأرض .
هذا هو حديث الكتب المقدسة ومن فسرها في نظر المليارات من البشر ، فإذا كان عندكم إشكال فليس على إيزابيل بل على تلك الكتب التي نؤمن بها جميعا .
وهكذا يبقى إيليا مصاحبا للانبياء حتى يأتي من ذريته من يستتب السلام على يديه مع يسوع . وقد فعل .

المصدر : كتاب ما لا تعرفه عن الكتاب المقدس بحوث لاهوتية الجزء الأول ايزابيلا بنيامين ماما آشوري ص ٢٦-٢٨

الخميس، 27 يوليو 2023

شخصية تسير مع الزمن من هو إيليا الذي يتمنى الأنبياء أن يحلوا سير حذائه؟ !

 شخصية تسير مع الزمن

من هو إيليا الذي يتمنى الأنبياء أن يحلوا سير حذائه؟ !

سألت أحد الآباء المقدسين عن شخص ورد ذكره كثيرا في الكتاب المقدس وفي أدبيات وملاحق وتفسيرات الكتاب المقدس هذا الشخص كان منذ القدم اسمه ((إيليا)) فمن هو هذا الشخص؟. قال : إنه نبي من الأنبياء . فقلت له : ولكن الكتاب المقدس ينفي ذلك ، ويسوع أكد بأن إيليا ليس نبياً وأنه عظيم لو تسنى له لانحنى ليحل سيور حذائه
وقال عنه بأنه سوف يأتي مع نبي .
فلم يقل الأب شيئا ولكنه قال لي : عجيبة هي مسائلك سأعطيك الجواب غدا .
طبعا هذا قد مضت أكثر من سنة ولم يردني الجواب .
في سفر يسوع بن سيراخ جاء وصف لهذا الشخص المقدس . إيليا خلقه الرب منذ القدم ليكون عونا للأنبياء وغيرهم في ساعات الشدة .
الوصف يجعل القارئ يقف أمام شخصية لا يستوعبها عقله أترككم مع النص الذي هو على شكل تضرع لله باسم هذا الشخص .
جاء في سفر يشوع بن سيراخ 48: 1 ((وقام إيليا كالنار وتوقد كلامه كالمشعل .
بعث عليهم الجوع ، وبغيرته ردهم ، أغلق السماء بكلام الرب وانزل منها نارا ثلاث مرات . ما أعظم مجدك يا إيليا! بعجائبك ومن له فخر كفخرك أنت الذي أقمت ميتاً من
الموت ومن الجحيم بكلام العلي وأبطت الملوك إلى الهلاك والمفتخرين من أسرتهم .
وسمعت في سيناء القضاء وفي حوريب أحكام الانتقام ومسحت ملوكا للنقمة وخطفت في عاصفة من النار في مركب نارية وقد اكتتبك الرب لأقضية تجرى في أوقاتها . طوبى لمن عاينك ولمن حاز فخر ـ موالاتك ـ تكشف عما سيكون على مدى الدهور وعن الخفايا قبل حدوثها)) .
من هو إيليا الذي تنبأ به جميع الأنبياء وطلبوا نصرته وحتى زمن يسوع الذي تنبأ به فقال في إنجيل متى 16: 14 ((جميع الأنبياء والناموس تنبأوا ، هذآ الله الله ٩هو إيليا المزمع أن
يأتي . من له أذنان للسمع فليسمع))
. من هو إيليا الذي ينقذ من نار الحريق كما في سفر دانيال 3: 6 حيث نورد القصة كاملة: ((نبوخذ نصر الملك صنع تمثالا من ذهب طوله ستون ذراعا وعرضه ست اذرع
ونصبه في بابل ونادى بشدة قد أمر تمأيها الشعوب والأمم والألسنة أن تخروا وتسجدوا لتمثال الذهب الذي نصبه نبوخذ نصر الملك ومن لا يخر ويسجد يلقى في وسط أتون نار متقدة . تقدم حينئذ رجال كلدانيون واشتكوا على شدرخ ومشيخ وعبد نغو هؤلاء الرجال لم يجعلوا لك أيها الملك اعتبارا الهتك لا يعبدون ولتمثال الذهب الذي نصبت لا
يسجدون حينئذ أمر نبوخذ نصر بغضب وغيظ بإحضار (شدرخ وميشخ وعبد نغو) فاتوا بهؤلاء الرجال قدام الملك وقال لهم نبوخذ نصر أن كنتم الآن مستعدين أن تخروا
وتسجدوا للتمثال الذي عملته وان لم تسجدوا ففي تلك الساعة تلقون في وسط أتون النار المتقدة ومن هو الإله الذي ينقذكم من يدي ـ فقالوا ـ هوذا يوجد إلهنا الذي نعبده
يستطيع أن ينجينا من أتون النار المتقدة وان ينقذنا من يدك أيها الملك ولا نسجد لتمثال الذهب الذي نصبته أمر الملك جبابرة القوة في جيشه بان يلقوهم في أتون النار المتقدة ثم أوثق هؤلاء الرجال في سراويلهم وأقمصتهم وأرديتهم ولباسهم وألقوا في وسط أتون النار المتقدة والأتون قد حمي جدا سقطوا موثقين في وسط أتون النار المتقدة حينئذ تحير نبوخذ نصر الملك وقام مسرعا وقال لمشيريه الم نلقي (((ثلاثة رجال))) موثقين في وسط
النار فأجابوا وقالوا للملك صحيح أيها الملك أجاب وقال ها أنا ناظر (((أربعة رجال))) يتمشون في وسط النار وما بهم ضرر ((ومنظر الرابع)) شبيه بابن الآلهة ـ فمن أين أتى هذا الرابع ـ ثم اقترب نبوخذ نصر إلى باب أتون النار المتقدة فقال يا شدرخ وميشخ وعبد نغو اخرجوا وتعالوا فخرجوا من وسط النار فاجتمعت المرازبة والشحن والولاة ومشيرو الملك ورأوا هؤلاء الرجال الذين لم تكن للنار قوة على أجسامهم وشعرة من رؤوسهم لم تحترق وسراويلهم لم تتغير ورائحة النار لم تأت عليهم (السؤال من هو هذا الرابع
الذي يعرفونه بأنه شبيه بابن الله؟ والملقب إيليا )) وفي سفر الملوك الأول 17: 1 منع إيليا المطر : ((وقال إيليا لأخاب :حي هو الرب الذي وقفت أمامه ، إنه لا يكون طل ولا مطر في هذه السنين إلا عند قولي)) .
من هو هذا إيليا الذي يرافق الأحداث عبر الزمن فيكون مع كل نبي ويحضر عند كل شدة؟ .
إيليا حضر أيام المجاعة فأكل عند أرملة فخبزت له من طحينها وزيتها القليل الذي ادخرته لها ولابنها وقالت لإيليا كما في سفر الملوك 17: كيف اخبزه لك وهو آخر ما تبقى
عندي سنأكله أنا وابني ونموت من الجوع ، فقال لها إيليا اخبزي لي أولا ثم اخبزي لابنك وكلما أخذت من هذا الطحين والزيت لا ينفد أبدا حتى تنتهي المجاعة . وبقيت سنين ببركة دعاء إيليا تأكل من كف الدقيق و ضحضاح الزيت ولم ينفد ، ثم مات ابن الأرملة ، فقام إيليا وقال للرب : أتميت ابن الأرملة وأنا ضيف عندها؟ أرجع يا الهي روح الفتى إليه فرجعت روح الفتى إليه ونهض حيا .
سفر الملوك الأول 17: ٢٢ ((أيها الرب إلهي ، أأيضا إلى الأرملة التي أنا نازل عندها قد أسأت بإماتتك ابنها؟ وصرخ إلى الرب وقال : يا رب إلهي ، لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه . فسمع الرب لصوت إيليا ، فرجعت نفس الولد إلى جوفه فعاش . فأخذ إيليا الولد ودفعه لأمه ، وقال إيليا : انظري ، ابنك حي فقالت المرأة لإيليا هذا الوقت علمت أنك رجل الله ، وأن كلام الرب في فمك حق)) .
ومن هو إيليا الذي يأمره الرب أن يعطي مطرا للأرض كما في : ((سفر الملوك الأول 18: ۱((وبعد أيام كثيرة كان كلام الرب إلى إيليا قائلا : اذهب فأعطي مطرا على وجه الأرض)) .
ومن هو إيليا الذي يسجد له الأنبياء الأمميون كما في سفر الملوك الأول 7 :18 ((وفيما كان عوبديا في الطريق ، إذا إيليا قد لقيه فعرفه ، وخر على وجهه وقال : أأنت هو
سيدي إيليا)).

ومن هو إيليا الذي يطلب من الرب أن ينزل نارا لتأكل أعداءه فيسمع الرب له وينزل النار ثلاث مرات كما في سفر الملوك الثاني ١:١٢: ((فأجاب إيليا وقال إن كنت أنا رجل الله ، فلتنزل نار من السماء وتأكلك أنت والخمسين الذين لك . فنزلت نار من السماء وأكلته هو والخمسين الذين له)) .
ومن هو إيليا الذي عندما تنتهي مهمته يصعد إلى السماء كما في سفر الملوك الثاني ٢: ١ ((وكان عند إصعاد الرب إيليا في العاصفة إلى السماء)) .
ومن هو إيليا الذي يضرب الماء بردائه فينشق وتظهر الأرض اليابسة فيعبر كما في سفر الملوك الثاني ٢: ٨ ((وأخذ إيليا رداءه ولفه وضرب الماء ، فانفلق إلى هنا وهناك ، فعبر كلاهما في اليبس))
ومن هو إيليا الذي تأت مركبة من السماء فتأخذه سفر الملوك الثاني 3: 11 ((وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار فصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى
السماء)) .
ومن هو إيليا الذي تغسل الأنبياء يديه كما في سفر الملوك الثاني 3:11 ((فقال يهوشافاط: أليس هذا نبي للرب فنسأل الرب به؟ فأجاب واحد من عبيد ملك إسرائيل وقال : هنا اليشع بن شافاط الذي كان يصب ماء على يدي إيليا)) .
ومن هو إيليا الشجاع الذي يغار على ربه فتحمله مركبة ثم ينزل وينصر الأنبياء فيقتل كفار مدينة كاملة بسيفه كما في سفر الملوك الثاني 10: 17 ((هلم معي غيرتي للرب . وأركبه معه في مركبته ، وجاء إلى السامرة وقتل جميع الذي بقوا لأخاب حتى أفناه حسب كلام الرب الذي كلم به إيليا)) .
ومن هو إيليا الذي حضر مع موسى الذي توفى منذ آلاف السنين لنصرة يسوع المسيح كما في إنجيل متى 17: 3:((أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم
إلى جبل عال منفردين ..وإذا موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه)) . فموسى لا يستطيع الحضور إلى العالم مرة ثانية إلا مع إيليا الذي يمتلك مفاتيح بوابة الآخرة .

ومن هو إيليا الذي استنجد به يسوع المسيح عندما وقع في الأخطار كما في إنجيل متی ٢٧: ٤٧: ((صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا : إيليا إيليا فقوم من الواقفين هناك لما
سمعوا قالوا : إنه ينادي إيليا . لنرى هل يأتي إيليا يخلصه)).
ومن هو إيليا صديق الأرامل والأيتام الذي قال عنه يسوع المسيح كما في إنجيل لوقا ٤: ٢٥ ((وبالحق أقول لكم : إن أرامل كثيرة كن في إسرائيل في أيام إيليا حين أغلقت
السماء مدة ثلاث سنين وستة أشهر ، لما كان جوع عظيم في الأرض كلها ، ولم يرسل إيليا إلى واحدة منها ، إلا إلى امرأة أرملة )) .
نعم فقد كان نصيرا للأرامل والأيتام أيام محنتهن . وأخيرا علينا أن نعرف أن إيليا هذا ليس نبيا إنه أكبر من مقام نبي لأن يسوع المسيح رفض ان يقيس نفسه بإيليا ولا بالنبي الذي سوف يأتي معه كما في إنجيل يوحنا 1:۲۱ ((فسألوه : إذن من أنت؟ إيليا أنت؟ «فقال : لست أنا. فسالوه :النبي أنت؟ فأجاب : لا هو الذي يأتي بعدي ، الذي صار قدامي ، الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه)) هذه عظمة إيليا ، أن يتمنى نبي أن يحل سيور عندنا نحن من نؤمن بالكتاب المقدس أن إيليا هذا شخص عظيم مقدس جدا يحل كل معضلات ومشاكل الناس وهو يسير مع الزمن ليس له وقت معين ، ومنتهاه سيكون بعد بعثة نبي حيث سيكون معه ، ثم ينتقل إلى عالم آخر ليمارس دوره بعد أن يرسي دعائم الدين الجديد ويكون حارسا عليه .
فماذا تقول مصادر المسلمين عن إيليا ومن هو؟
بحثت كثيرا فوجدت أن هناك شريحة جدا كبيرة من المسلمين قد ابعدوا إيليا . وشطبوا حذائه .
كل مآثره وأعماله ولكني وجدت ما يلي :
في كتاب الاحتجاج للطبرسي الجزء الاول صفحة 308 : روي انه وفد من بلاد الروم إلى المدينة على عهد أبي بكر وفيهم راهب من رهبان النصارى فأتى مسجد النبي فسأل أسئلة لم يجبه احد عليها ، فأرسلوا إلى عليا فقام علي وخرج ومعه الحسن الحسين حتى أتى المسجد ، فلما رأى القوم عليا كبروا الله ، وحمدوا الله ، وقاموا إليه أجمعهم ،
فدخل علي وجلس فقال أبوبكر : أيها الراهب سله فإنه صاحبك وبغيتك ، فأقبل الراهب بوجهه إلى علي ثم قال : يافتى ما اسمك؟ قال : اسمي عند اليهود (اليا) وعند النصارى (إيليا) وعند والدي (علي)وعند أمي (حيدرة) .
وفي حديث آخر كما في (بحار الأنوار ج٢٤٤/٢٩) عن الأصبغ بن نباتة قال : قال لي معاوية : يا معشر الشيعة تزعمون أن علياً دابة الأرض؟ ـ يعني الذي يمشي على الأرض منذ خلقها ـ قلت : نحن نقول واليهود يقولون .
قال : فأرسل إلى رأس الجالوت فقال: ويحك تجدون دابة الأرض عندكم مكتوبة؟
فقال : نعم ، فقال : وما هي أتدري ما أسمها؟ قال : نعم ، اسمها : إيليا .
قال(الأصبغ) فالتفت إلي (معاوية) فقال : ويحك يا أصبغ ما أقرب إيليا من علياً..
الزخرف آية:4: ((وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم)) نعم إنه علي حكيم .
ايها الرب انزل مراحمك من عليائك على عبدتك إيزابيل بالاسم القابع خلفها وأغفر لها خطاياها .
آمین

المصدر : كتاب ما لا تعرفه عن الكتاب المقدس بحوث لاهوتية الجزء الأول ايزابيلا بنيامين ماما آشوري ص ٢٠-٢٥

حروف حول كربلانو (كربلاء)

 حروف حول كربلانو (كربلاء)

لعله من أسرار بقاء الديانات هو بقاء شعائرها وبقاء طقوسها وتوقير رموزها لأن الديانات والعقائد والأفكار تبقى تبعا لحجم شخصياتها فكل الديانات إنما بقيت تبعا لقوة هذه الشعائر أو الطقوس ، ولعل أقدم ديانة موجودة هي الديانة الصابئية التي تحاول جاهدة أن تبقى وذلك من خلال طقوسها ، وكذلك الديانة اليهودية والمسيحية والإسلامية وحتى الديانات الأخرى غير التوحيدية فإن بقاءها مرهون بتلك الطقوس والشعائر .

ولعل اخطر ما ينادي به الفكر الشيطاني هو إزالة هذه الشعائر وإلغاء الطقوس لكي تبقى الناس مثل البهائم ليس لها ما تقوم به . الشيطان هو الوحيد الذي ليس له شعائر أو
طقوس إنما له أحابيل ومكر وخبث وغيرها مما جاءت على ذكره الكتب المقدسة .
الإنسان هو الوحيد الذي تميز بهذا الابداع الديني حيث تنطلق من ضمن إطار الدين طقوسه ومن صميم تعاليم دينه فاليهودية لها طقوسها وشعائرها والمسيحية كذلك
لها طقوسها وشعائرها الحزينة والمفرحة وهكذا الإسلام ، ولكن لعل اخطر دعوة هي تلك التي تنادي بإزالة هذه الطقوس والشعائر ، ولكن أصحاب هذه الدعوات لم يضعوا
البديل ، فقط هم ينادون بإزالة هذه الطقوس والشعائر .

ل ابل أن هؤلاء ذهبوا بعيدا في دعواهم حيث نادوا أيضا بإزالة قبور الأنبياء وإزالة المنائر وحتى حرموا بناء المساجد والكنائس ودور العبادة ويريدون الرجوع بالناس إلى الصلاة بالصحراء وركوب الحمير والجمال بحجة أن الرسول والسلف الصالح لم يكونوا يفعلوا ذلك .!! وأنا في رأيي وكما اقرأ أن إزالة هذه الطقوس والشعائر تفرغ الدين من محتواه الوجداني والعاطفي . فأي أمة لا تفرح بذكرى ميلاد عظيم من عظمائها وأي أمة لا تحزن لفقد عظيم من عظمائها؟ .
أنا وضمن اختصاصي قلبت اغلب الأديان وحتى الوثنية وجدت أن لكل هذه الديانات طقوساً كانت هي السبب في حفظ الشكل العام للدين وتكفل العلماء بحفظ جوهر الدين وتوجيه هذه الشعائر والطقوس الوجهة الصحيحة لكي لاتخرج عن مسارها الصحيح . إن شعائر وطقوس ثورة الحسين عليه مراضي الرب كانت في بدايتها سيفا ودما وحربا ، لقد أدى ثقل الفاجعة على قلوب الناس بقتل ذلك المقدس ابن السماء وسيد الجنة إلى حزن تفجر طاقة هائلة لم يفرغها إلا بريق السيوف فلم تهدأ ثورة الحزن حتى قضت على دولة كانت قائمة (الدولة الأموية ) وإقامة دولة أخرى باسمها (الدولة العباسية ) ولكن هذه الدولة أيضا انحرفت عن مسارها وأصبحت من ألد أعداء صاحب
تلك الشعائر الحسين فأزالوا قبره ولمرات عديدة وقتلوا كل من يزوره لقد كان الكبت والقهر والإذلال على أشده في زمن هاتين الدولتين المتفرعنتين فلم يكن بإمكان أي حزين
أن يظهر حزنه في العلن ، لا بل لا يمكن لأي مولود أن يتسمى باسم علي والحسن والحسين إلا والسيف يذبحه في المهد طفلا .
فهؤلاء الذين يثيرون شبهة عدم وجود هذه المآتم والشعائر في زمن المعصومين أما هم من الحمقى أو المغفلين ولو أحسنا الظن لقلنا يتغافلون عن عمد عن هذه الحقيقة ولكن .
ولكن وبمجرد أن أطل العهد البويهي في القرن الرابع الهجري حتى تحرر الحزن في هذا اليوم وتجلى كما ينبغي بأروع معانية حزيناً ليس في شارع أو منطقة صغيرة لا بل في بغداد والعراق كله وخراسان كلها وما وراء النهر والدنيا كلها ، إذ أخذت تتوشح البلاد بالسواد ، ورفعت الرايات ، ويخرج الناس بأتم ما تخرج الفجيعة الحية أهلها الثاكلين ، وكذلك الحال في العهد الحمداني في حلب والموصل وما والاهم ، ولا ننسى ما حدث في العهود الفاطمية فكانت المراسيم الحسينية في عاشوراء تخضع لمراسيم بغداد حيث تشرف على إدارتها الدولة ، فوضعت لها برنامجا وهو الذي يجري الآن في جميع الأقطار الإسلامية والعربية ، وخاصة في العراق وإيران والهند وسوريا والحجاز وأفريقيا وأوربا ودول الشمال الأفريقي ، فتقام المآتم والمناحات وتعقد لتسكب العبرات ، وأصبحت إقامة الشعائر الحسينية مظهرا من مظاهر خدمة الحق وإعلان الحقيقة ورمزا من أقوى عوامل التحريك في المجتمع من اجل الثورة على الفراعنة الظالمين ولعله من أقوى الأقوال التي صدرت في القرن العشرين والتي تجسد بحق عمق المفاهيم الحسينية في الوجدان المسلم ماقاله زعيم ثورة الفقراء والمستضعفين في إيران الخميني عليه رضا الرب عندما قال : ((نحن أمة استطاعت بهذا البكاء ، أن تزيل من الوجود إمبراطورية عمرها ألفين وخمسمائة عام)) وهذا هو السر في خوف فئة معينة من هذه الشعائر والطقوس فينادون بإزالته ورميها بكل ما هو قبيح لأنهم يعرفون أن هذه الرموز جدا مقدسة والناس يتأسون بهم ويستمدون منهم العزيمة في مقارعة الظالمين .
لعلي أطيل عليكم ولكن هناك تصورات أثارت تساؤلات ولدتها عندي قراءات معمقة لما حدث في وادي الرافدين وخصوصا في هذا البقعة من بابل وكربلاء وما جاورها هذا التساؤلات أثارها من نقبوا منذ البداية في بابل وسومر وآشور وربلا Ribla والذين أشاروا إشارات واضحة إلى واقعة تاريخية دونتها كل موروثات تلك العهود فلم
يجدوا لها جوابا إلا بربطها في واقعة كربلاء حيث اجمع مستشرقون كبار هم كل من (أيردمن وشتريك ومايسنر) على أن ما حدث في وادي الرافدين من مناحات لا تشبهه
كل مناحات وشعائر وطقوس الدنيا لأنه انطلق من هذه البقعة فكانوا يتعجبون من مناحات المقدسة عشتار على أخيها تموز (اله سين ) فلم يجدوا لها شبيها سوى مناحات
المقدسة زينب على أخيها المقدس الحسين .
ولعل الذي أذهل هؤلاء المستشرقين هو أنهم وجدوا أن أب هذا المقدس اسمه إيليا وابنه اسمه سين أو اله سين وأن المناحة كأنها لا زالت تتوغل في أحزان آرام وشنعار
على مر العصور ولفت انتباه هؤلاء المستشرقين كلمة لا زالت تترد على السنة العراقيين كلمة (ويلاه) التي ذكرتها المدونات الشنعارية على أنها ندبة باسم مقتله منذ آلاف السنين وهي إيليا (علي) وبين (اله سين ) الحسين والتي تدل على مظلوميتهم فقد جاء سين إلى بابل في شهر تموز ، واعتقلته أبالسة الشر ومنعت عنه الطعام والشراب حتى الاثنين يوم القمر وهو مصير الإمام الحسين نفسه الذي قتل ممنوعاً من الماء والزاد ، في شهر تموز أيضاً ، ويوم الاثنين وفي كربلانو التي يعني اسمها ضاحية بابل الجنوبية . يقول هؤلاء المستشرقين : صرخت المقدسة عشتار لمقتل المقدس سين ، وبكت نائحة : ويلاه ويلاه ، ويلي عليك يا ولدي وأخي سين . لقد اختلط دمك بالتراب ، وعفر وجهك الأرض . يا فتيات مزقن جيوبكن ، والطمن صدوركن . وبقيت صرختها حتى زمن حزقيال القرن السابع
قبل الميلاد ولا زال دويها مستمرا إلى يوم القيامة .

المصدر : كتاب ما لا تعرفه عن الكتاب المقدس بحوث لاهوتية الجزء الأول ايزابيلا بنيامين ماما آشوري ص ١٣-١٦

من هو قتيل شاطئ الفرات؟ نبوءة كتاب الرب المقدس (الحلقة الثانية )

 من هو قتيل شاطئ الفرات؟

نبوءة كتاب الرب المقدس (الحلقة الثانية )

ضمن دراستي للكتاب المقدس والتي استمرت سنوات وأنا أتفكر في نص غريـب موجود في الكتاب المقدس لكوني عراقية ونهر الفرات يمر في البلد الذي اسكنه . سألت عن
هذا النص الكثير من القساوسـة والعلمـاء والأساتذة وراجعـت التفاســــــــير والمراجـع الخاصـة بتفسير الكتـاب
المقدس .
ولكـن يبـدو أن الجميـع تواطـأ علـى السكوت . حتـــــــــى
التقيت بقداســـــــة الأب : صـبـح بـولس بيروني . وسألته عن النص الذي يذكر بأن هناك ذبيح على شاطئ الفرات ، فمن يكون . فنظر لي ملياً ثم قال . لولا انك مسيحية وباحثة في علم اللاهوت وان هـذا ضمن دراساتك ما أجبتك على سؤالك ولكني سأجيب . قال : أولا إن شاطئ النبوءة يمتد طـولا على امتداد نهر الفرات من منابعه وحتى مصبه في البصرة . وقد حدثت معارك كثيرة على شاطئه ولكنني استطعت أن احصر منطقة الحدث في صحراء تقع في العراق بالقرب من ضاحية بابل .
الثاني : بحثت أيضا عن تفسير هذه النبوءة فوجدت أنه من تاريخ نزول هذه النبوءة وحتى يومنـا هـذا لم تتحقـق هـذه النبـوءة إلا مرة واحـدة . قلـت لـه : وأيـن المكـان ومـن هـو
الذبيح؟ قال : إن النبوءة تتحدث عن شخص مقدس (ابن نبي) وهو سيد عظيم مقدس في النبوءات اسمه ((اله سين)) . ولما سألت الأب بطرس دنخا الكبير عن معنى كلمة ((إله سين)) قال : إن العرب في جنوب العراق يقلبون الهاء حاء . فتصبح (الحسين) مثـل أهـواز يقلبونهـا أحـواز . لم نجد غير هذا المذبوح بشاطئ الفرات وهي نبوءة تتعلـق بـابن نبي مقدس جدا وهو سيكون سيدا في السماء .
من هذه النقطة بحثت وتعمقت والآن أضع هذا النص بين يدي الإخوان لعلي أحظى بإطلالة شافية كافية وافية مع أن النص واضح لأنه يشير إلى معركة مصيرية كبيرة بجانب شط الفرات في أرض يقال لها ((كركميش)) من قبل شخص يرتبط بالله من أجل إرجاع خلافة مغتصبة لأن النص يقول في مكان آخر بأن هذا السيد ذهب ليرد سلطته .
وعندما بحثت في المعاجم وجدت أن ((كركميش)) تعني كربلاء ـ ولكن القواميس تذكرها باسم جرابلس ـ أو كركيسيون كما يسميها الروم قديما فمن هذا السيد الذي ذبح بجانب شط الفرات ؟ ولماذا يصف الكتاب المقدس هذه الواقعة بهذا الوصف المخيف وكأن مصير البشرية يتوقف عليها؟.

صحيح أني وضعت أحاديث وأشياء تدل على هذه الواقعة لكن كلها افتراضات لأني لست من داخل الحدث الإسلامي ولكن هذا الشيء موجود على شكل نبوءة لم يستطع احد أن يغيرها أو يتلاعب بها وإن أصابها بعض التشويش ، فمنذ كتابتها منذ آلاف السنين لم تتحقق هذه النبوءة إلا في الإسلام من حيث المكان والشخص المقتول كما يقول
كبير علماء أهل الكتاب والمتضلع بالكتب السماوية ((كعب الأحبار بن ماتح)) أتمنى القراءة بتدبر وتروي وعدم الانسياق وراء العاطفة وإنما يتم تحكيم العقل .
جاء في سفر إرمياء الإصحاح 46: فما 6 - 10 النبوءة التالية وهي تحكي عن المستقبل البعيد حيث كان وصف إرمياء النبي صحيح مائة بالمائة فقد كان الوصف مهيبا رهيبا كأنك ترى ذلك المصروع والجيوش التي التفت حوله : ((أسرجوا الخيل ، واصعدوا أيها الفرسان وانتصبوا بالخوذ اصقلوا الرماح البسوا الدروع . لماذا أراهم مرتعبين ومدبرين
إلى الوراء ، وقد تحطمت أبطالهم وفروا هاربين ، في الشمال بجانب نهر الفرات حيث عثروا وسقطوا لأن للسيد رب الجنود ذبيحة عند شط الفرات)) . ثم ماذا تقول النبوءة في مكان آخر حشر حشرا عن أسباب ذهاب هذا السيد إلى ذلك المكان؟ تقول : ((ذهب ليرد سلطته إلى كركميش ليحارب عند الفرات في الصحراء العظيمة التي يقال لها رعاوي عند الفرات)) .
كلمة كركميش تعني كربلاء ، وكلمة رعاوي هي جرابلس الصحراء الواسعة التي تمتد من حدود بابل إلى عرعر والتي يسميها الكتاب المقدس (رعاوي) وهي بالقرب من مدفن مقدس لأهل الكتاب اسمه النواويس ولا يعرف بالضبط السر في وجود دور عبادة لأهل الكتاب في هذا المكان تحيط به المقابر ، ولكن الأخ أنطوان يوسف فرغاني يقول : بأن أكثر أهل الكتاب دفنوا في هذا المكان لأنهم كانوا ينتظرون ذلك السيد المذبوح لينصروه لأنه مقدس جدا ، ولكن قدومه تأخر وماتوا وهم ينتظروه كما كان نصارى نجران ينتظرون مقدس آخر ، ولذلك لم يقتل مع هذا المقدس عند نهر الفرات سوى نصرانيان اثنان يقال أنهما اعتنقا دین هذا المقدس .
لم يصف احد من شخصيات الأديان نفسه بأنه هو المذبوح هناك على ساحل كركميش حيث رعاوي الصحراء القاحلة . فقط الحسين عليه مراحم الرب وبركاته
يصف نفسه بأنه المذبوح بجانب الفرات وانه ابن الذبيحين وهذا ما قاله كعب الأحبار المتضلع بالتوراة ، عندما مر بجانب الفرات في كربلاء حيث قال : ((ما مررت في هذا المكان إلا وتصورت نفسي أنا المذبوح )) ولما ذبح الحسين قالوا هذا هو لأننا سمعنا أن ابن نبي يذبح في هذا المكان . ملاحظة أن كعب الأحبار قال ذلك أمام حشد من الصحابة وغيرهم
كما في الرواية التالية ((ولما أسلم كعب الأحبار وقدم جعل أهل المدينة يسألونه عن الملاحم التي تكون في آخر الزمان وكعب يخبرهم بأنواع الملاحم والفتن ثم قال كعب :
نعم ، وأعظمها فتنة وملحمة هي الملحمة التي لا تنسى أبداً ، وهو الفساد الذي ذكره الله في الكتب ، وقد ذكره في كتابكم بقوله : (ظهر الفساد في البر والبحر وإنما فتح بقتل
هابيل ، ويختم بقتل الحسين )) المصدر انظر مقتل الخوارزمي الجزء الأول , ص١٦٢ هذا  إذا أخذنا بنظر الاعتبار رواية إمام أهل السنة احمد التي تؤكد بأن ابن النبي يقتل بشاطئ الفرات وإليك الرواية : ((روى الإمام أحمد بن حنبل من حديث علي بن أبي طالب ـ في ص85 من الجزء الأول ـ من مسنده ، بالإسناد إلى عبد الله بن نجا عن أبيه : قال: ((دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم وعيناه تفيضان ، قلت : يا نبي الله ،
ما شأن عينيك تفيضان؟ قال : قام من عندي جبرائيل قبل ، فحدثني أن ولدي الحسين يقتل بشط الفرات)) أو في الرواية التالية : ((روى الشافعي - في باب إنذار النبي (صلى
الله عليه وآله) بما سيحدث بعده ، من كتابه أعلام النبوة . عن عروة ، عن أم المؤمنين عائشة ، قالت : دخل الحسين بن علي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو
يوحى إليه ، فقال جبرائيل : إن أمتك ستفتتن بعدك وتقتل ابنك هذا من بعدك ، ومد يده فأتاه بتربة بيضاء ، وقال : في هذه يقتل ابنك ، اسمها الطف ، قال : فلما ذهب جبرائيل ، خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم إلى أصحابه والتربة بيده ـ وفيهم : أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وحذيفة ، وعثمان ، وأبو ذر ـ وهو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله؟
فقال: ((أخبرني جبرائيل : أن ابني الحسين يقتل بعدي)) بحثت فلم أجد غير ذلك تفسيرا فهل هناك إضافة لا أعرفها)) .

المصدر : كتاب ما لا تعرفه عن الكتاب المقدس بحوث لاهوتية الجزء الأول ايزابيلا بنيامين ماما آشوري ص ٩-١٢

من هو ذبيح الفرات في الكتاب المقدس (الحلقة الأولى)

 يقولون لي : مالك وللحسين ولقضايا المسلمين؟

فأقول لهم : اذهبوا وقولوا لمئات الألوف من اليهود والنصارى الذي يعشقونه لا بل الملحدين والشيوعيين والعلمانيين وحتى الوثنيين يتخذون من الحسين رمزاً رافضاً للظلم وثائرا أوحداً على طول التاريخ  .

وضع أحدهم مشاركة على صفحتي وفيها صورة لغاندي وهو يصف تأثره بثورة الإمام الحسين عليه مراضي الرب فلم أر أي تعليق سلبي على تصريح الزعيم غاندي حول الحسين عليه مراحم الرب وبالمقابل لم أر أي تفاعل مع ما قاله غاندي مع الحسين للمسلمين فعرفت أن هناك ظلما لا يزال يحيق بهذا المقدس . ولكن عندما كتبت ـ أنا إيزابيلا ـ عن الحسين في صفحتي هذه أصبحت الأسف طائفية وعندي أهداف مبطنة . مع علمهم بأني مسيحية وإنما عشقت الحسين لأنه شعار لرفض الظلم في أي مكان هذا الظلم الذي يعيشونه الآن على أرض العراق العظيم أرض الحسين الثائر . هذا الظلم الذي يرفضونه أنفسهم الآن ولكن لا يتخذون أسوة لهم وقيادة يستمدون منها المبادئ المثلى في محاربتهم للظلم ولذلك فهم يدورون في حلقة مفرغة لأن من لا هدف له فسهمه طائش .
إن لم نحب الحسين لأنه مقدس ، فإننا نحبه لأنه أصبح رمز الثورات ورمز مقارعة الظالمين وأنا أحصيت آلاف الأقوال والأشعار من غير المسلمين في الحسين وثورته . أنا لا
أدري من القائل من رجال الثورة في إيران ولكني اتذكر قوله الذي قرأته والذي يقول فيه : ((إن دموع الباكين على الحسين تجمعت وأحدثت طوفانا أزاح الشاه وأعوانه))
وكذلك أتذكر قول قائد من حزب اااه في لبنان عندما سألوه عن سر انتصارات الحزب على إسرائيل العظمى فقال : ((إن كل ما عندنا من الحسين)) وغاندي عندما سألوه قال : تعلمت أن أكون مظلوما مثل الحسين فانتصر . مهما حاول الناس حجب  الشمس عن العين لا بد أن تتحسسها الروح فكم أعمى رأى ما لم يراه المبصرون .

وأنا احكي لكم هذه القصة لكي تعرفوا ماذا اقصد .

قبل ألف سنة كان هناك أعمى يصلي في المسجد وكان إلى جانبه رجل يقرأ القرآن .
سمع الأعمى القارئ يقرأ : ((أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت)) فقال الأعمى للقارئ : هل هذه الآية في القرآن؟ قال الرجل نعم . فقال له الرجل إن الله لا يذكر شيئاً في القرآن إلا وفيه عجيبة أو معجزة ، فطلب الأعمى من القارئ أن يصف له البعير .
فوصفه له . فسأله الأعمى : قال له : هل للبعير خمسة أرجل؟؟ قال القارئ : لا . له أربعة أرجل فقط ، فقال الأعمى : مستحيل ما تقوله لأنه لو كان للبعير أربعة أرجل لاندق
عنقه وانكسر عندما يبرك . فطلب الأعمى من القارئ أن يتفحص الأمر ، فخرج القارئ ووجد بعيرا مربوطاً بباب الجامع لرجل يصلي ففحصه جيداً فوجد رجلاً خامسة تحت
العنق مباشرة على الصدر تتلقى صدمة ثقل العنق عندما يبرك الجمل . فرجع القارئ ، وسأل الأعمى؟ هل أنت كنت مبصراً ثم عميت؟ فقال الأعمى : لا أنا ولدتني أمي أعمى
لم أبصر من الدنيا أي شيء . فقال له القارئ فكيف علمت أن للجمل رجلاً خامسة وأنت لم تره؟ قال الأعمى : تعجبت من خالق خلق كل شيء يلفت نظرنا إلى البعير فقلت لا بد أن هناك علة ما تدل على دقة الصنع .
وأنا إيزابيل بنيامين أقول : منذ أيام كتبت موضوعاً للحسين بمناسبة قدوم شهر محرم ولكني مع الأسف لكوني أحب أصدقائي أخشى أن أنشره لأني رأيت أن ((بعض)) أصدقائي يزعجهم ذلك . فمن خلال مشاركات عفوية لي وردود بريئة اتهمني البعض بأني : ((أهيئ الناس لأمر ما)) ، وعندما طلبت منه أن يبين لي ماهو هذا الأمر لم يجبني .
ولذلك سوف انشر موضوع الحسين . فقط للحقيقة ولكوني وجدت إلى ذلك إشارة في الكتاب المقدس تدل على أن قضية الحسين ليست بالأمر الهين . وأنا لا ادري
لماذا يتحسسون من الحسين وهو كما يذكرون مبشر بالجنة لابل سيد شبابها أو انه إمام بالنص أو انه من المطهرين أو على الأقل صحابي عاصر الرسول إن لم يكن ابن ابنته أو
ريحانته من الدنيا .
لقد كنت أشاهد عزاء الحسين في الديوانية حيث اخرج مع صديقاتي فلم أع ما يجري حتى رأيت كيف يجلل الحزن كنائسنا في ذكرى إهداء رأس يوحنا المعمدان في طشت إلى القيصر . يوحنا الذي يقول عنه المسيح : لم تلد النساء أعظم منه . وعندما أقمت في أوربا رأيت أوروبا تتشح بالحزن في يوم معين من السنة يطلق عليه A1)
((juhansوهو يوم عطلة عندهم وكلمة يوهانوس تعني يوم قطع رأس يوحنا وهو نفس القول الذي وجدته في خطبة زين العباد عليه مراضي الرب في الشام عندما قال : ((من عجائب الدنيا أن رأس يحيى يهدى إلى بغي من بغايا بني إسرائيل)).
البحث الذي أود نشره يتعلق بنبوءة تتعلق بشخص يذبح على شاطئ الفرات وهو تحليل لنبوءة مقدسة وردت على لسان نبي مكتوبة في الكتاب المقدس .
هناك كثيرين منا مع الأسف لا يستخدمون عقولهم : لهم أعين لا يبصرون بها وإذا أبصروا بها لا يتفكرون ، وإذا تفكروا ، لا يتدبرون لأنه على قلوب أقفالها! آه من الثقافة
المغلوطة التي تزرقها الأباطرة والقياصرة وخلفاء السوءة. ألم يقل فرعون لقومه بأنه ربهم الأعلى فعبدوه . إهذه الثقافة المغلوطة التي تزرق في العقول انظر كيف تعيق هذا
الفكر المبدع الخلاق عن الابداع كم هو محروم الإنسان الذي لا يستقي من الفيض الصافي لخدام الرب الأنبياء فهو في تراجع حضاري وإنساني ، لا زلنا نرى مصاديقه على
أرض الواقع .

المصدر : كتاب ما لا تعرفه عن الكتاب المقدس بحوث لاهوتية الجزء الأول ايزابيلا بنيامين ماما آشوري ص٦-٨