الأحد، 29 أكتوبر 2017

حسينية البحارنة في كربلاء


حسينية البحارنة في كربلاء
دعوات لإعادة بناء وتجديد حسينية البحارنة بمدينة كربلاء لإقامة المناسبات والفعاليات الدينية والتي تقع خلف المخيم الحسيني والحسينية مسجلة لدى الوقف الشيعي في العراق ، بأسم وقف حسون الشيخ علي طه ، وهي مبنى قديم (خربة) ، مهمل بحاجة إلى إعادة بناء من أجل أن تمارس دورها في نشر الثقافة الحسينية والدينية .


السبت، 28 أكتوبر 2017

كتاب ورحل العالم يوثق حياة المرحوم الشيخ علي بن عبدالله الستري



كتاب ورحل العالم يوثق حياة المرحوم الشيخ علي بن عبدالله الستري ، وهو غير متوفر لدينا حاليا

تدشين كتاب وجوه من القرية في مركز شباب جدحفص


تدشين كتاب وجوه من القرية في مركز شباب جدحفص


كتاب جواثى تاريخ الصمود


كتاب جواثى تاريخ الصمود للباحث عبدالخالق الجنبي ، ليس لدينا نسخة من الكتاب حاليا

كتاب هجر وقصباتها الثلاث


كتاب هجر وقصباتها الثلاث للباحث عبدالخالق الجنبي ، ليس لدينا نسخة من الكتاب حاليا

كتاب تحقيق المنظومة الشعرية للملا عطية الجمري


كتاب تحقيق المنظومة الشعرية للملا عطية الجمري للباحث عبدالخالق الجنبي ، لم نحصل على نسخ من الكتاب لحد الآن

شرح ديوان علي ابن المقرب العيوني




شرح ديوان علي ابن المقرب العيوني ، يتكون من ثمانية أجزاء ، للباحث عبدالخالق الجنبي ، لم نحصل على نسخ من الكتاب

كتاب الديوان المصور لشعر علي بن المقرب

كتاب الديوان المصور لشعر علي بن المقرب للباحث عبدالخالق الجنبي ، الكتاب غير متوفر لدينا حاليا

كتاب آل عصفور أسرة حكمت الخليج مئة وخمسين عام


كتاب آل عصفور أسرة حكمت الخليج مئة وخمسين عام للكاتب خالد النزر ، الكتاب غير متوفر لدينا حاليا

كتاب علماء مقابا ومصنفاتهم


كتاب علماء مقابا ومصنفاتهم ، الكتاب غير متوفر لدينا حاليا

كتاب مدينة المنامة وقرى بحرانية


كتاب مدينة المنامة وقرى بحرانية للأستاذ يوسف مدن ، الكتاب غير متوفرة لدينا حاليا

الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017

مخطوطات في المآتم النسائية في البحرين


مخطوطات في المآتم النسائية في البحرين
رملة عبدالحميد
تفاعلت المرأة في البحرين مع الموسم العاشورائي ، وأصبحت جزءا من منظومته ، وساهمت بشكل فعال في إحياء شعائره . لم يؤرخ لبدايات المآتم النسائية في البحرين وتطورها ، ولكن على ما يبدو من خلال لقائي من التقوا المؤسسات الأوائل لها أو سمعوا عنها ، أن تأسيس المآتم النسائية – التي عرفت آنذاك بالحسينية -  في البحرين ، يرجع إلى مطلع القرن الماضي ،  حيث كانت النساء تستمع مسبقا إلى مجال الرجال عبر غرف مجاورة .
بدأت المآتم النسائية في البحرين صغيرة ، ففي كل حي أو لدى كل عائلة معروفة يوجد مأتم ، ولم تدرج الخطابة فيه لعقد من الزمن ، كما أن المجلس الحسيني كان يستغرق وقتا من الزمن يتراوح بين 3 و 4 ساعات ، نظرا إلى تناوب ما يفوق عشر قارئات على القراءة ، ضمن تدرج معهود فيها .
يختلف المأتم النسائي عن مأتم الرجال في التنظيم والأسلوب ، وإن كان ما يجمعها هو القراءة الحسينية . قامت المآتم النسائية على الشراكة بين المنظمات أو أصحاب المأتم ، والقارئة الكبيرة ومن معها من القارئات ،  وغالبيتهن طالباتها "الوليدات" ، وهي تعرف بالمعلمة ،  إذ أن الأهالي يلحقون بناتهم بإحدى دور تعليم القرآن من أجل ان تكون إبنتهم قارئة في المأتم ، فتخضع لبرنامج تعليمي تدريبي يستمر من سنتين إلى ثلاث سنوات ، بحسب قدرتها وإمكاناتها ، فتتعلم قراءة القرآن الكريم بداية بإعراب جزء عم ، ثم تعلم القراءة السردية لبقية أجزاء القرآن الكريم ، لتنتقل بعدها إلى تعلم القراءة في كتاب "المنتخب" لفخر الدين الطريحي المتوفي في العام 1085هجرية /1674م ، وهو كتاب يتضمن خطبا ومراثي في الإمام الحسين ع .
بعد تخرجها من "المعلم" ، تلتحق بالمأتم الذي تديره معلمتها ، وتبدأ كقارئة مبتدئة بقراءة ما يعرف بالحديث ، وهو لقراءة لكتاب الطريحي ،  ثم تتدرج بقراءة القصيدة ،  ولها لحن خاص ، ومن ثم اللطمية )الردادية) ، حتى تتمكن من إجادة قراءة النعي ،  وهو الرواية .
الرواية هي العمود الفقري في القراءة الحسينية النسائية في المأتم . عادة ما تقرأها كبار القارئات بلحن معين . هذه الروايات المختلفة لها مناسبات محددة تقرأ فيها ، في المآتم النسائية في البحرين ،  وبخاصة القديمة منها ،  التي تجاوز عمرها الزمني أكثر من قرن ، يوجد روايات على شكل مخطوطات عمرها أكثر من سبعين سنة ، وهي لا تزال موجودة في أدراج الكتب في المأتم ، ومكتوبة بخط اليد باللون الأسود على ورق كارتون غير مسطر ، ومغلفة بغلاف سميك ليس عليه عنوان أو أسم للكاتب .
في قريتنا الدير ، شمال محافظة المحرق في البحرين ، يوجد أكثر من 24 مأتما نسائيا ، بعضه حديث والآخر قديم ، من أقدم هذه المآتم في القرية ، مأتم الحاجية ، مأتم سلوم ، مأتم الشريفة ... ، قد اخترت من مكتبة مأتم الحاجية ، يعرف حاليا بمأتم الحاج عباس – ثلاثة كتب مخطوطة .  أول كتاب كان بلا عنوان ،  ويبدو أن كاتبه نقله من عدة كتب ، وهو يحتوي ثلاث روايات ، الرواية الأولى قصة مسيرة الإمام الحسين ع منذ خروجه من المدينة وحتى استشهاده . هذه الرواية تبدأ بقصيدة من 70  صفحة ،  لم يشر الكاتب إلى اسم الشاعر الذي نظمها ، ولكن تبدو أنها تعود إلى الشيخ شهاب الدين الحائري الحلبي المعروف بالشواء الكوفي ومطلعها :
أفكر والصبا الحزين يفكر *** وأسعر ليلي والمصائب تسهر
تنتهي الرواية بقصيدة أيضا لم يذكر شاعرها .  وبعد البحث ، أتضح أنها للشاعر البحريني الشيخ مغامس بن داغر الحلي ، المتوفي في سنة 850 هجرية وجاء في مطلعها :
لبني الهادي مناحي ***  في غدوي ورواحي
صاح ما بقلبي صاحي *** ما لحزني من براح واحسيناه
ثم تأتي صفحة بيضاء ، لتبدأ بعدها الرواية الثانية ، وهي تحمل عنوان "نوحية العباس بن علي بن ابي طالب )عليه السلام )" ، وتروي قصة استشهاد العباس ،  وتنتهي بقصيدة مطلعها :
للفتى العباس نوحوا *** وبسر الحزن بوحوا واشهيده
الرواية الثالثة في هذا المخطوط ، هي قصة مريم ابن عمران . الغريب في الأمر أن المآتم النسائية في البحرين تحيي ذكرى وفاة مريم ابنة عمران في السادس والعشرين من شهر صفر ، وتعتمد النساء في قراءة الذكرى على كتاب قديم في مقدمته "فيقول الفقير الذنب الأسير القاني محمد بن أحمد بن إبراهيم المقابي البحراني ، إني أسرد في هذا الكتاب الجليل بعض فضائل صاحب الإنجيل وما جرى له" ، وهي القصة التي رواها المؤلف مطابقة لما جاء في القرآن الكريم ، إلا أنه يتفرد برواية خاصة بمولد المسيح ، إذ يقول : "فلما أكملت مريم ستة أشهر ،  وقرب وقت وضعها ، أشتد بها الطلق ، وأدركهت المخاض ... فاقبلت تمشي من دمشق ،  فناداها جبرئيل وقال : يا مريم ،  عليك بموضع النخلة ، فهي خير بقاع وأشرفها … فلما أصبح الصباح ، وكان ذلك يوم سوق ، أستقبلها الحاكة ، وكانت الحاكة أنبل صناعة في ذلك الزمان ... فقالت لهم مريم : أين النخلة اليابسة التي في أرض كربلاء ؟ فاستهزأوا بها وزجروها ... ثم استقبلها قوم من التجار ، فدلوها على النخلة اليابسة عند ضريح الحسين ... فوضعت في موضع قبر الحسين" ، معتمدا على ما أشارت له الآية الكريمو : "فحملته فانتدبت به مكانا قصيا" ، لكن التفاسير الشيعية ، كتفسير "الميزان" للعلامة محمد حسين الطبطبائي ، ومجمع "البيان" للعلامة الفضل بن حسين الطبرسي ، اتفقت على أن المكان القصي هو المكان البعيد الذي لم يحدد موقعه . أما المخاض ، فكان عند جذع نخلة ، والتعبير بجذع النخلة دون النخلة ، لكونها يابسة غير خضراء .
عندما سألت النسوة : لماذا تحيين ذكرى وفاة السيدة مريم ؟ أشارت إحداهن
إلى أن السبب في ذلك هو قداستها وعبادتها وطهارتها ، وقالت أخرى : لأنها تشبه السيدة فاطمة الزهراء في طهارتها وقدسيتها  وما جرى على ابنيهما من ظلم من الأمة ، وأجابت ثالثة : ربما للأن موضع ولادة المسيح هو موضع استشهاد الإمام الحسين  (ع ) . لكن جميعهن اشرن إلى أنها عادة موروثة من الأمهات ، تستوجب النذورات الخاصة بما تأكله مريم من فواكه وعشب الأرض ، لتعاد الذكرى في كل عام ، ومعها تبقى مريم العذراء في النفوس شاهدة على أنها للجميع .
الكتاب الثاني جاء على شكل مستطيل ، يعرف لدى القارئات بالمجموع ، وسمي بذلك لأنه ، كما يبدو ، جمع أكثر من عشر روايات ،  تسرد الأولى قصة السيدة زينب في الأسر ، وتنقل الثانية عن رجل يدعى أحمد بن الحجاج : "كنت نائما ليلة الثاني عشر من عاشوراء ، وكان قلبي بنار الحزن مسجورا" ، ثم ينقل عنه أنه قال : "رأيت واعية .." . وفي هذه الرولية ،  يحكي رؤيته في منامه بأنه ألتقى طيرا ينوح على الإمام الحسين  (عليه السلام) ، ودار حديث بينه وبين هذا الطائر الذي شهد فاجعة كربلاء . أما الثالثة ، فهي حول رواية الأكفان الأربعة ،  وهي مأخوذة وفق ما جاء في الكتاب عن سلمان الفارسي ، كما جاء فيها رواية أبناء مسلم بن عقيل وغيرها .
الكتاب الثالث كان معظمه قصائد رثائية مع بعض الروايات ، أبرزها "في بعض الأخبار والعلوم ،  أنه لم رجع زين العابدين علي ابن الحسين )عليه السلام) ..." . هذه الرواية تشير إلى الحوار الذي دار بينهما ، مع أشعار تتخلل إجابات الإمام (عليه السلام) حول ما أصابه في موقعة كربلاء .
القراءة الحسينية في المآتم في البحرين تستغرق وقتا مطولا ، وتستمر طوال العام صباحا ومساء . لذلك ، فإنها بحاجة إلى روايات تقرأ من خلال عدة مؤلفات تصيغ هذه المرويات والقصص ، وتتخللها بعض القصائد ، تجمع في كتاب يخطها أحد الكتبة الذين امتهنوا هذه المهنة ، في وقت يقل عدد من يجيد الكتابة ، إضافة إلى نذرة الكتب المطبوعة ،  وبخاصة في بدايات القرن الماضي .  لذا احتفظت أدراج المآتم النسائية القديمة بالكثير منها ، والتي تحتاج إلى مراجعة وتحقيق ، لكنها تزخر بتاريخ قديم وثري يرجع إلى أصالة المآتم في البحرين ،  وأصالة من يحيي الشعائر الحسينية .
رملة عبدالحميد : باحثة بحرينية متخصصة في التاريخ الحديث . أعدت رسالة ماجستير حول البحرين بين العام 1939  والعام 1919 من خلال الوثائق البريطانية .  تعد حاليا أطروحة دكتوراه حول التنظيمات السياسية والاجتماعية في البحرين 2001-1971
للتواصل عبر الإيميل  history_r_h@yahoo.com
المصدر : أرشيفوا العدد السابع

تعليق الخواجة نصير الدين الطوسي على رسالة العلم للشيخ أحمد بن سعادة الستري


بسم الله الرحمن الرحيم
أتاني كتاب في البلاغة منته *** إلى غاية ليست تقارب بالوصف
فمنظوره كالدر جاد نظامه *** ومنثوره مثل الدراري في اللطف
دقيق المعاني في جزالة فضله *** تحير في ضم الغموض إلى الكشف
كغانية غار العقول بحسنها *** تمرض عيناها ومثلمها يشفي
أتى عن كبير ذي فضائل جمة *** عليم بما يبدي الحكيم وما يخفي
فأصبحت مشتاقا إليه مشاهدا *** بقلبي محياه وإن غاب عن طرفي
رجا الطرف أيضا كالفؤاد لقاءه *** وأن لا يوافي قبل إدراكه حتفي
قرأت من العنوان حين فتحته *** وقبلت تقبيلا يزيد عن الألف
ولما بدا لي ذكركم في مسامعي *** تعشقكم قلبي ولم يركم طرفي
فصادفت هذا البيت في شرح *** قصتي وإيضاح ما عانيته
المصدر : أرشيفوا العدد السابع

البحرين في ظل الدولة العيونية


ثم بعد ذلك ، ومنذ العام 467هجرية /1074م) ، وعلى مدى ما يقارب قرنين من الزمن ،
كان إقليم البحرين بحواضره الثلاث (الإحساء والقطيف وأوال) ، خاضعا لسلطة الحكام العيونيين الذين يرجعون في نسبهم إلى قبيلة عبد القيس العدنانية .
وكحال أهل البحرين آنذاك ، عرف العيونيون بولائهم إلى أهل البيت ، و لا زالت العملات المعدنية خلال تلك الحقبة شاهدة على تشيعهم ، حيث زينت تلك العملات بعبارات " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله " ، ويؤكد ذلك ما ورد في عبارات الرحالة والجغرافيين في تلك الأعصار ، حيث أكدوا تشيع أهل البحرين ، فمن ذلك ما ذكره ياقوت الحموي متحدثا عن عمان ، كما يؤيده ما ورد في شعر علي ابن المقرب العيوني (المتوفي سنة 629هجرية /1232م) ، الذي ينتمي إلى هذه الأسرة العيونية الحاكمة ، من أبيات في أهل البيت .
المصدر أرشيفوا العدد السابع

الشيخ الإمام أحمد بن سعادة البحراني

كشكول
أديم الأرض
الشيخ الإمام أحمد بن سعادة البحراني
الشيخ فاضل الزاكي
عرفت البحرين منذ العصور الإسلامية الأولى كمركز إشعاع حضاري وعلمي ، فقد أنجبت العديد من العلماء أفذاذ الذين كانت لهم أدوار مؤثرة في جميع المجالات ، والأمثلة كثيرة على ذلك . والمتتبع لتاريخ البحرين العلمي ، يمكنه أن يلحظ أمرين مهمين ، الأول أن البحرين ، ورغم كونها جزيرة مقطوعة عن العالم ، وبعدها عن الحواضر العلمية النشطة في العالم الإسلامي ، فإن المعطيات المتوفرة تؤكد وجود حراك علمي بارز فيها ،  أهلها للعب دور الحاضرة العلمية في المنطقة .
وبشكل عام ، يمكن القول بإن هذا الدور بقي مستمرا ومتواصلا دونما انقطاع ، بالرغم من كثرة التقلبات السياسية والأمنية التي مرت بها البحرين طوال تاريخها ،  والتي كان لها أثرها البارز في ضعف هذا الدور أو أشتداده من زمن إلى آخر ،  وقد بقي الأمر كذلك حتى عهد قريب .
والأمر الآخر أن كمية المعلومات المتوافرة حول النشاط العلمي في البحرين بشكل عام ، تتفاوت من عصر إلى آخر ، فيمكن أن توصف أحيانا بأنها معلومات "قليلة" أو حتى "شحيحة جدا" فيما يتعلق ببعض القرون القديمة ، وهذا الأمر يختلف بالنسبة للقرون المتأخرة ، إذ أن المعلومات متوافرة بشكل أفضل نسبيا .
واللافت هنا ، أن اقدم المعطيات الموجودة لدينا ،  تشير إلى تمركز العلماء في القرون القديمة في جزيرة سترة وما جاورها ، من مثل "جزيرة أكل" و "قرية الماحوز" .  ولعل هذه المنطقة كانت بمثابة عاصمة للبحرين آنذاك .  بالتأكيد ، فإن هذا الأمر لا يلغي الدور العلمي للمناطق الأخرى ، حيث أن هذا الاستنتاج مجتزأ ، لأنه مبني على المعلوم7075ات الشحيحة التي وصلتنا عن تلك القرون ، ولا زلنا نفتقد الكثير من المعطيات في هذا المجال . وربما تتغير نظرتنا لو وصلتنا .
البحراني .. العالم الجليل
مما لا شك فيه أن النشاط العلمي لجزيرة سترة لم يقتصر على الحقبة القديمة ، فقد كان لهذه الجزيرة دورها العلمي الفاعل والمتواصل على مر القرون ، ويمكن الإشارة إلى كل من الشيخ عبدالله بن عباس الستري (المتوفي سنة 1267هجرية 1851م) ،  والشيخ أحمد بن صالح آل طعان )المتوفي سنة 1303هجرية 1886م) ، والشيخ علي بن عبدالله الستري (المتوفي سنة 1320هجرية 1902م ) ،  كأعلام بارزين من أبناء هذه الجزيرة في الفترات الأخيرة .
ولكن ، بحسب المعطيات المتوفرة ، يبقى الشيخ أحمد بن علي بن سعيد بن سعادة الستري البحراني أقدم من نعرفه من أعلام هذه الجزيرة ، وهو شخصية علمية بارزة . ولكن ، مع الأسف الشديد – وكأكثر علماء البحرين السابقين – لم يلقى هذا العالم الجليل الاهتمام اللائق من المؤسسات الثقافية ،  بل نجد تجاهلا مقصودا له ولأمثاله من علماء البحرين الأفذاذ في الإعلام الرسمي لهذا البلد ،  الذي يصر على التجاهل التام للماضي الإسلامي له ولتاريخ علمائه ، في حين يركز اهتمامه على بعض المقابر أو المعابد الوثنية لعصور ما قبل الإسلام .
والشيخ أحمد بن سعادة البحراني هو كمال الدين أبو جعفر أحمد بن علي بن سعيد بن سعادة البحراني .  عرف بنسبته إلى البحرين ،  فيقال له "البحراني" . ومن المعلوم أن "البحرين" كانت تطلق قديما ، ويراد منها ما يشمل الحواضر الثلاث ، الإحساء والقطيف وجزيرة أوال . ويظهر من جملة من المصادر أنها اسم لعموم الساحل الغربي للخليج ، أي ما بين البصرة شمالا إلى عمان جنوبا ، وفق ما ذكر الرحالة والمؤرخون . وبناء عليه ، فإن لفظة "البحراني" في تلك الأعصار ليست نسبة مختصة بجزيرة أوال ، التي هي البحرين الحالية ، بل هي نسبة إلى عموم الإقليم .
والظاهر أن اختصاص جزيرة أوال باسم البحرين ، انما حصل تدريجا في القرون اللاحقة ، وقد برزت هذه النسبة مع بداية الاحتلال البرتغالي للبحرين سنة 927هجرية 1521م ، إذ يظهر من المصادر أن اسم البحرين كان يطلق حينها على جزيرة أوال تحديدا دون بقية المناطق .
ورغم عدم تصريح المصادر بمكان سكناه على وجه التحديد ، فإن الذي يظهر من القرائن أنه كان يسكن جزيرة سترة ، حيث يوجد قبره وقبر تلميذه ، ولعله كان يسكن في قرية "الخارجية" ، لأنها أشهر قرى جزيرة سترة وأقدمها ، فهي بمثابة العاصمة لتلك الجزيرة .
الفيلسوف الحكيم
عند الحديث عن مشايخ عالم ما ، ينبغي التمييز بين نوعين منهم ، النوع الأول هو المشايخ الذين حضر ،  ودرس لديهم ، وأستقى من نمير علومهم ، ويعبر عنهم ب"الأساتذة" والنوع الثاني هو المشايخ الذين يروي عنهم وأجازوه ، ويعبر عنهم ب"مشايخ الإجازة" .  وكثير ما يكون الشيخ الأستاذ هو شيخ إجازة أيضا ولكن لا يوجد تلازم تام في ذلك ، لهذا قد يفترقان في خارجا في موارد عديدة . ولعل الغالب في تلك الأعصار -  خلافا لهذه الأعصار -  أن الشيخ لا يعطي إجازة الرواية للشخص ما لم يحضر لديه الدرس مدة مديدة .
ليست لدينا معطيات كثيرة تشير إلى عدد مشايخ ابن سعادة أو أسمائهم ،  ولكن المستفاد  من بعض الإيجازات ، ك"الإجازة الكبيرة" التي كتبها العلامة الحلي لبني زهرة الحلبيين ، أن الشيخ أحمد بن سعادة يروي عن الشيخ نجيب الدين يحيى السوراوي ، ولم نجد في المصادر الموجودة بين أيدينا أي تصريح براويته عن غيره ، وإن كنا نطمئن إلى وجود مشايخ آخرين له ، كما تقتضي العادة الجارية بعدم الاكتفاء بالتلميذ على شيخ واحد ، وخصوصا أن الشيخ نجيب السوراوي كان مقيما في مدينة الحلة العراقية ، التي كانت آنذاك تمثل الثقل العلمي للشيعة ،  وكانت بمثابة الحوزة الأم للحوزات الأخرى ، ما يظهر أن الشيخ أحمد بن سعادة لا بد من أن يكون قد سافر إليها وأقام فيها مدة من الزمن . وخلال ذلك ، لا بد له من أن يلتقي علماءها البارزين ، وهم كثر آنذاك .
وإذا كان لنا أن نحتمل بعض الأسماء من مشايخ ابن سعادة ، فنحن نستقرب روايته عن اثنين من علماء البحرين في وقته ، هما الشيخ راشد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد البحراني )المتوفي سنة 605هجرية /1208م) ، والشيخ قوام الدين محمد بن محمد البحراني )كان حيا سنة 588هجرية /1192م) ، لتقارب عصرهما مع عصره ، واتحاد اليلد ، ولكن مع هذا ، لا يمكننا الجزم بذلك  .
وقد بخلت علينا المصادر فيما يتعلق بمشايخ الشيخ ابن سعادة البحراني وأساتذته ، كما بخلت علينا كذلك فيما يتعلق بتلامذته ، فلم نتعرف إلا إلى شخص واحد من تلامذته ، وهو تلميذه الشيخ علي بن سليمان الستري . كان من أعلام القرن السابع الهجري ، وكان عالما فقيها ذا مشرب فلسفي .
كما أن أغلب المصادر لم تشر إلى شيء من مؤلفات الشيخ أحمد بن سعادة البحراني ، سوى رسالة مختصرة في حقيقة العلم ، وقد اشتهرت باسم "رسالة العلم" ،  وقد شرحها الخواجة نصير الدين الطوسي (المتوفي سنة 672 هجرية /1273م) . ولديه رسالة في معنى القبض والبسط ،  لم نجد من أشار إليها سوى الشيخ محمد علي العصفوري   )المتوفي سنة 1365هجرية /1946م) في تاريخه .
تجمع المصادر على وصف الشيخ البحراني بالحكيم والفيلسوف ،  وهو ما قد يستفاد من كتابه "رسالة العلم" ، الذي يدل على فضل كبير وعلم غزير ، مضافا إلى أن الشيخ جلال الدين الرومي (المتوفي سنة 672هجرية /1273م) ، أرسل إلى ابن سعادة يسأله عن القبض والبسط ، فكتب في جوابه كتابا ، وهو ما يؤكد نبوغه وفضله وشهرته في هذا الميدان ، بحيث صار مقصدا في تحقيق هذه المسائل التي تحتاج إلى النقض والإبرام ، ولكن هذا الأمر لا يعني بالضرورة أنه أختص بالعلوم العقلية ، ولم يكن بارزا أيضا في العلوم الأخرى ،  كالفقه والحديث وغيرها من العلوم النقلية ، فهذه الأوصاف كثيرا ما تلصق بالعالم نتيجة شهرة بعض مصنفاته وضمور البعض الآخر منها وخفائها ، أو لبعض القرائن التي يلتفت إليها البعض ويغفل القرائن الأخرى .
لم تشر المصادر القديمة إلى تاريخ وفاة ابن سعادة ،  ويمكننا نخلص إلى أن المترجم توفي في حدود منتصف القرن السابع الهجري )أي حدود سنة 650 هجرية /1265م) . ولا شك في أنه مدفون في جزيرة سترة ، كما صرح بذلك كثير ممن ترجم لعلماء البحرين .
وهو ، كما ذكر الشيخ المبارك ، مدفون مع تلميذه الشيخ علي بن سليمان الستري ، وقبورهم معروفة ومشهورة في مقبرة السلطان في جزيرة سترة . ومما يؤسف له أن عناية الناس بزيارتهم قليلة لا تتناسب ومقامهم الشامخ ومنزلتهم العلمية .
الوضع السياسي في عصره
منذ أواخر القرن الثالث وحتى اواسط القرن الخامس ،  كانت البحرين تحت سيطرة القرامطة الذين عاثوا في الأرض فسادا ،  وأذاقوا أهل البحرين أنواع البلايا ، إلى أن ثاروا عليهم ، وأقتلعوهم ، وأزالوا ملكهم ، وأنهوا بذلك حقبة سيئة من تاريخ المنطقة .
ثم بعد ذلك ، ومنذ العام 467هجرية /1074م) ، وعلى مدى ما يقارب قرنين من الزمن ،
كان إقليم البحرين بحواضره الثلاث (الإحساء والقطيف وأوال) ، خاضعا لسلطة الحكام العيونيين الذين يرجعون في نسبهم إلى قبيلة عبد القيس العدنانية .
وكحال أهل البحرين آنذاك ، عرف العيونيون بولائهم إلى أهل البيت ، و لا زالت العملات المعدنية خلال تلك الحقبة شاهدة على تشيعهم ، حيث زينت تلك العملات بعبارات " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله " ، ويؤكد ذلك ما ورد في عبارات الرحالة والجغرافيين في تلك الأعصار ، حيث أكدوا تشيع أهل البحرين ، فمن ذلك ما ذكره ياقوت الحموي متحدثا عن عمان ، كما يؤيده ما ورد في شعر علي ابن المقرب العيوني (المتوفي سنة 629هجرية /1232م) ، الذي ينتمي إلى هذه الأسرة العيونية الحاكمة ، من أبيات في أهل البيت .
فبعد سقوط دولة القرامطة التي حاربت الدين بضراوة وفتكت بالمتدينين ، بدأ أهل البحرين يتنفس الصعداء . وفي ظل قيام الدولة العيونية واستقرارها ، بدأ البعض بالهجرة إلى الحواضر العلمية في العراق من أجل طلب العلم ورواية الحديث ، فبدأ العلم يزدهر في حواضر البحرين ، وبدأ العلماء من أهالي المنطقة في تصنيف الكتب دونما خوف أو تهديد . ولعل أول كتب وصلنا هو كتاب "مختصر أحوال المعصومين" للشيخ راشد بن إبراهيم بن إسحاق البحراني (المتوفي سنة 605 هجرية / 1208م) ،  الذي عاصر الشيخ أحمد بن سعادة شطرا من حياته .
ومما قيل في حقه وحق كتابه "رسالة العلم" ، ما أورده الخواجة نصير الدين الطوسي .
بسم الله الرحمن الرحيم
أتاني كتاب في البلاغة منته *** إلى غاية ليست تقارب بالوصف
فمنظوره كالدر جاد نظامه *** ومنثوره مثل الدراري في اللطف
دقيق المعاني في جزالة فضله *** تحير في ضم الغموض إلى الكشف
كغانية غار العقول بحسنها *** تمرض عيناها ومثلمها يشفي
أتى عن كبير ذي فضائل جمة *** عليم بما يبدي الحكيم وما يخفي
فأصبحت مشتاقا إليه مشاهدا *** بقلبي محياه وإن غاب عن طرفي
رجا الطرف أيضا كالفؤاد لقاءه *** وأن لا يوافي قبل إدراكه حتفي
قرأت من العنوان حين فتحته *** وقبلت تقبيلا يزيد عن الألف
ولما بدا لي ذكركم في مسامعي *** تعشقكم قلبي ولم يركم طرفي
فصادفت هذا البيت في شرح *** قصتي وإيضاح ما عانيته جملة يكفي
مقالة مختصرة من ورقة بحثية قدمت في الندوة التعريفية بالشيخ أحمد بن سعادة عام 2015م
المراجع :
1. أنظر نزهقة المشتاق في اختراق الآفاق 1 : 379 ، ومعجم البلدان 1 : 347 .
2. أنظر كتاب "نقود الدولة العيونية في بلاد البحرين" ، لمؤلف نايف بن عبدالله الشرعان .
3. الذريعة إلى تصانيف الشيعة 173:20 .
الشيخ فاضل الزاكي : عالم دين بحريني ومدرس حوزوي ومدير حوزة الإمام زين العابدين ع في البحرين . درس المقدمات والسطوح العلية ، ثم حضر البحث الخارج لعدد من الفقهاء والمراجع . له العدد من المؤلفات والبحوث .
للتواصل عبر الإيميل fadhelfadhel@hotmail.com
المصدر : أرشيفوا العدد 7

ماذا فعل القرامطة بأهل البحرين

منذ أواخر القرن الثالث وحتى اواسط القرن الخامس ،  كانت البحرين تحت سيطرة القرامطة الذين عاثوا في الأرض فسادا ،  وأذاقوا أهل البحرين أنواع البلايا ، إلى أن ثاروا عليهم ، وأقتلعوهم ، وأزالوا ملكهم ، وأنهوا بذلك حقبة سيئة من تاريخ المنطقة .
المصدر : أرشيفوا العدد السابع

24 مأتم نسائي في قرية الدير

في قرية الدير ، شمال محافظة المحرق في البحرين ، يوجد فيها 24 مأتم نسائي بعضها حديث والآخر قديم ، من أقدم هذه المآتم ، مأتم الحاجية والذي يعرف حاليا بمأتم الحاج عباس ، ومأتم سلوم ، ومأتم الشريفة .
المصدر أرشيفوا العدد السابع

قصيدة تراثية لأهل البحرين تقرأ ليلة ويوم العاشر من المحرم لبني الهادي مناحي

قصيدة تراثية لأهل البحرين تقرأ ليلة ويوم العاشر من المحرم بأسلوب ولحن معين وهي للشاعر البحريني الشيخ مغامس بن داغر الحلي


} مــــــــــــــنــــــــــــــــاحــــــــــة {

لبني الهادي مناحي           في غدوي ورواحي

صاحي ما قلبِ بصاحي                   مالي لحُزني من براحي

بـتُ والـحـزنُ سـمــيـــري
اهِ مِـمـا فـي ضــمـيــري
كـيفَ يـلـحـانـي شـجـيري
فـي مـصـابي بِـشـبـيــري

واحسيناه

عــزَ صــبـرِ واضــمـحـلا
وســلــوي قــد تــســلا
مـن يـكـن قَـبـلي تـسـلـى
فـإن الـعـانـي الـمـُحـلـى

واحسيناه

لبني الهادي مناحي           في غدوي ورواحي

صاحي ما قلبِ بصاحي                   مالي لحُزني من براحي

لــهــفَ نـفــسـي للإمــامِ
يـشـتَـكـي حــرَ الاُوامــي
ظـامـيـاً والـمـاء طــامــي
وهـجـيـرُ الـصـيـفِ حـامي

واحسيناه

خــرَ عـن ظــهـرِ الـحصانِ
بـيـن اصــحـابِ الـشـنانِ
مـن يــدِ الـطـاغـِي سِـنانِ
وهـو لـلـفـِصـطـــاطِ رانِ

واحسيناه

لبني الهادي مناحي           في غدوي ورواحي

صاحي ما قلبِ بصاحي                   مالي لحُزني من براحي

قَـصَـدَ الـمُهـرُ الـخـيـامـا
صــاهـلاً يـبـغـي الامـامـا
قــالَ لـو يـدري الـكـلامـا
صَـاحَ وجــداً وغـــرامــا

وحسيناه

سـمِـعـتـهُ اهِ زيـــنــب
وعـيـونُ الـدمـعِ تـنـصـب
ايـهــا الـمـُهـرُ تـقـرب
لأرى السَـرجَ الـمٌـخـضـب

واحسيناه


لبني الهادي مناحي           في غدوي ورواحي

صاحي ما قلبِ بصاحي                   مالي لحُزني من براحي

يـا اخـي دهـري رمـاني
بِـتـصـارِيـفِ الـهـوانِ
اهِ مـن بـلـوى زمـانـي
وشَـقـائـي يـا امـانـي

واحسيناه


واحــسـيـنـاهُ امـالـي
مـن مُـريـحٍ بـالـوصـال
اهِ مـن جـورِ الـلـيـالـي
اهِ مـمـا قـد جـرى لـي

واحسيناه

لبني الهادي مناحي           في غدوي ورواحي

صاحي ما قلبِ بصاحي                   مالي لحُزني من براحي

السبت، 21 أكتوبر 2017

قراءة معاصرة في تاريخ البحرين

قراءة معاصرة في تاريخ البحرين


المحاضر: د. منصور الجمري 
المكان والتاريخ: الحسينية الاثنيعشرية، بني جمرة، 10 يناير 2002 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


مقدّمة:-

البحرين اسم اطلق في الماضي على جغرافية غير الجغرافية الحالية. البحرين كانت تحتوي على أوال و الإحساء و القطيف و الساحل الممتد من عمان إلى البصرة. والبحرين على مر العصور كانت ممتدة من جزيرة قيس الواقعة على ساحل إيران حتى البصرة. و قيس (الموجود في اسم جزيرة قيس) هم قبيلة بني عبد القيس التي يرجع اليه نسب عدد غير قليل من أهل البحرين.

دعونا نفهم بعض التعقيدات الموجودة أيضا ما قبل فترة البحرين وهي فترة دلمون. ثم هناك فترة اختفى فيها ذكر دلمون و هي مجهولة لحد الآن ثم ظهر اسم اقليم البحرين (الاقليم الممتد من ساحل عمان حتى البصرة والذي استمر كذلك حتى الغزو البرتغالي لجزيرة اوال في العام 1521م).

فترة دلمون هي ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد أي قبل خمسة آلاف سنة، و دلمون كانت جزء من أول حضارة عرفها الإنسان وهي الحضارة السومرية.

السومريون في العراق(حضارة ما بين النهرين) هم أول من اخترع الكتابة(الكتابة المسمارية) و هم أول من بنى و أول من زرع و أول من نظم الحياة المدنية و أول حضارة يسجلها التاريخ لنا. و هذه الحضارة كانت من ضمن ملكهم منطقة تسمى أرض الخلود (دلمون) وكانوا يعتقدون بأنهم إذا ماتوا و دفنوا فيها فأنهم يعيشون إلى الأبد … تلك هي دلمون ؛ البحرين حالياً. 
فلذلك فنحن أيضا كنا في يوم من الأيام أساسا مقبرة وجنة على الارض تابعة إلى ملوك السومريين الذين كانوا يحكمون بلاد مابين النهلرين (العراق حاليا) .. أول حضارة عرفها الإنسان. فدلمون في حد ذاتها هي كلمة إله الخلود، أرض الخلود ، أرض الديمومة عندما يموت. فلذلك عندما تذهب إلى القبور في عالي و غيرها ترى بقايا هذه الأسطورة.

البحرين والعرب: 
العرب بدءوا بالنزول إلى منطقة البحرين الكبرى (ربما) في 1200 قبل الميلاد. بدأت القبائل العربية تأتي إلى البحرين و تستوطن البحرين، وسبب نزولها إلى البحرين هو حدوث الانهيار في سد مأرب باليمن (انهار عدة مرات).

وهذه – على الاقوى - كانت البداية. بعد ذلك بقرون كانت هناك ثلاث قبائل نزحت إلى منطقة البحرين بعد تكاثر العرب في الجزيرة العربية وبعد ان رأوا ان البلاد التي كانوا يقيمون فيها قد ضاقت بهم، تفرقوا حيث الماء والزرع. ومممن هاجر منهم عبد القيس بن ربيعة، وبطون من بكر بن وائل (وينتسب الشاعر العربي طرفة بن العبد الى بكر بن وائل)، وبطون من تيم بن مرة، وقد هاجروا الى جهة البحرين. وكان المنذر بن ساوى من بني حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم حاكم البحرين من قبل الايرانيين عند ظهور الاسلام. (أكثر الحكام الذين حكموا البحرين كانوا ينتمون لقبيلة عبد القيس - ومن هؤلاء العيونيون وال عصفور و آل جبر).

عبد القيس هي القبيلة الأكبر وأكثر الحكام الذين حكموا البحرين الكبرى كلهم كانوا ينتمون إليها . فكانت قبيلة كبرى بحيث ان جزيرة قيس – لحد الآن- مستمد اسمها من هذه القبيلة وكانت تخضع لحكمهم في يوم من الأيام.

وهذه القبائل وغيرها ممن لحق بها هم من كان يطلق عليهم "البحارنة". لكن البحارنة الموجودين حاليا ليس كلهم ينتمون إلى هذه الثلاث القبائل فمثلا اليوم لدينا السادة المنتمون لاهل البيت (ع) ويطلق عليهم ايضا بحارنة مع انهم جاءوا إلى البحرين بعد الرسالة الإسلامية و بعد ان اضطهدوا في المدينة ومكة ولجأوا إلى البحرين واندمجوا فيها واصبحوا جنس متداخل مع البحارنة . فهناك عدد من الاندماجات التي دخلت تحت مسمى واحد. شعب البحرين كان دائما متنوع ومتداخل ويندمج مع بعضه الاخر، وكثرة اللهجات واختلاف الاشكال والالوان دليل على التنوع. وحتى لو رجعنا الى الفترة غير المعروفة بين انتهاء دلمون وظهور البحرين. فحكام الحضارة السومرية اصلا جاءوا من وادى الاندوس، ومعنى ذلك انهم كانوا من المنطقة الواقعة في غرب الهند، اي باكستان حاليا. فلابد انهم ايضا اندمجوا مع العرب لاحقا.

البحرين تحت حكم الرسول (ص):-

قبل مجيء الإسلام كانت البحرين تحت سيطرة الدولة الايرانية الساسانية. و كانت الدولة الساسانية انتصرت على الدولة البيزنطية الرومانية و امتد نفوذها إلى فلسطين و اليمن و مصر (في اوج انتصاراتها). و البحرين كانت جزءاً من هذه الدولة الساسانية حتى مجيء الرسالة الإسلامية و قرار أهل البحرين بإعتناق الإسلام و هم أول من أسلم استجابة للرسول (ص) بطلب يتقدم به الاهالي انفسهم.

تدخل البحرين تحت حكم الرسول (ص) و ينتهي الحكم الساساني الإيراني من البحرين في العام 627م. الا ان الحكم الإيراني عاد إلى البحرين سنة 1602م حيث غاب الحكم الإيراني عن البحرين قرابة 1000 سنة تقريباً و من ثم عاد الحكم الايراني بشكل متقطع ومباشر احيانا وغير مباشر احيانا اخرى حتى العام 1783. و فترة الحكم الإيراني تستحق دراسة و بحثا خاصاً.

البحرين في حكم الدولة الأموية:-

أثناء حكم الدولة الأموية انحاز أهل البحرين للإمام علي (ع) و كانت البحرين تمثل مقراً و ملجأ للمعارضة و الثوار. و كان الثوار و الذين ينفصلون عن الدولة الأموية يأتون إلى البحرين كمقر لهم. و البحرين كانت تمثل أحد الاقاليم الواقعة على أطراف الدولة الإسلامية و هي لذلك بعيدة عن عاصمة الدولة الإسلامية حيث كانت في المدينة و من ثم في دمشق و من ثم في بغداد. والدولة المركزية لم تستطع دائما السيطرة على الاقاليم الواقعة على الاطراف، و لذلك كان الثوار دائماً يلجأون إليها. فالبحرين تعتبر من الدول التي لم تخضع دائماً للحكم المركزي في بغداد أو في دمشق، والحادثة التي يذكرها الشيخ يوسف البحراني أن عبد الملك بن مروان أراد أن يعاقب أهل البحرين لأنه كان يلجأ لديهم الثوار، فأعطى رشوة للفسّاق منهم ليخذلوا أهلهم و يعينوه، فاستولى على البحرين و دفن عين أم السجور بعد قمع اهل البحرين والثوار. فالقتال البحري صغب في تلك الفترة.

البحرين في حكم الدولة العباسية:-

في ايام الدولة العباسية أصبحت البحرين معقل كثير من الثوار مثل الزنج و هم عبيد من أفريقيا جيء بهم إلى البصرة و كان الحكام يسيئون لهم كثيراً فأعلنوا الثورة على الحكم العباسي و دمروا و حرقوا و طاردوا ولاة الدولة العباسية و وصلوا إلى البحرين و حكموا البحرين الكبيرة لمدة 20 سنة (مابين عام 863 و 883 م). و منطقة الزنج هي بقايا تلك الفترة.

و من ثم جاء القرامطة و هم حركة اسماعيلية سرية ادعت التشيع وحكمت البحرين الكبرى 180 سنة (من عام 899م حتى عام 1080م) و انتهى حكم القرامطة عندما غزوا الكعبة و انتزعوا الحجر السود منها و أحضروه إلى منطقة الإحساء لنقل الكعبة إليها. و الثورة على القرامطة بدأت من جزيرة أوال فكانت هناك قبيلة تسمى الزجاج (الثائر ضدهم كان اسمه أبو البهلول وهو من هذه القبيلة). و لا بد من الانتباه إلى أن حكم القرامطة كان يدين بالولاء إلى الدولة الفاطمية في مصر حيث كانت دولة شيعية اسماعيلية. و القرامطة فرع من فروع الاسماعيلية فكانت الصلاة تقرأ و المساجد تفتح باسم الخليفة الفاطمي. في فترة الثورة على القرامطة، سيطرت عائلة عسكرية شيعية على الدولة العباسية و هم البويهيون. وعائلة آل بويه سيطرت على بغداد والدولة العباسية لمدة 120 سنة. ففي هذه الفترة أيضا قام أهل البحرين قام اهل الحرين بالانقلاب على الدولة القرمطية (التابعة من حيث الاسم للدولة الفاطمية بمصر) و أعلنوا الولاء إلى بغداد على أساس أن بغداد أيضاً كانت شيعية في تلك الفترة و رفعوا اسم الخليفة العباسي (الخليفة العباسي كان خاتم في يد أمير الأمراء من آل بويه)، ولذا بقت البحرين على الولاء السياسي لأهل البيت (ع). (ملاحظة: القرمطة هم الذين اسسوا مدينة الاحساء لتصبح عاصمتهم وذلك بعد ان دمروا العاصمة القديمة للبحرين الكبرى وتلك العاصمة كانت تسمى هجر). 

البحرين تحت حكم عوائل من عبد القيس:-

في الفترة 1058م - 1238م أي لمدة 120 سنة حكمت البحرين الكبيرة عائلة من آل عبد القيس اسمهم "العيونيون" و كان مقرهم في الاحساء.

و جاء بعدهم من 1238م – 1453م (لمدة 215 سنة) عائلة آل عصفور. و هي عائلة كبيرة جداً و تسمى عائلة البحراني في العراق و حكموا البحرين الكبرى لمدة 215 سنة.

و البحرين الصغيرة اوال تعرضت لبعض الهجمات أثناء حكم ال عصفور في فترات متقطعة و هذه المعلومة التاريخية تحتاج إلى مراجعة و تدقيق.

في 1453م انقلب آل جبر – و لهم وجود حالياً في دار كليب – على آل عصفور ( و هم أبناء عمومتهم ) و حكموا البحرين الكبرى لمدة 68 سنة حتى مجيء البرتغاليين سنة 1521م. 

البرتغاليون و البحرين:-

عندما جاء البرتغاليون و سيطروا على البحرين في عام 1521م قتلوا الحاكم (مقرن آل جبر) و تم قطع رأسه و أرسلت صورة الرأس (صورة بواسطة الرسم) هدية إلى ملكة البرتغال – و لا زالت صورة الرأس المقطوع موجودة في متاحف البرتغال حتى الآن. و كانت تلك الفترة هي بداية التوسع الأوروبي للمنطقة الخليجية. وقد فضلوا احتلال جزيرة البحرين الصغيرة على باقي المناطق لأنها كانت غنية بصيد اللؤلؤ و كانت أغنى بلد في الخليج..

و منذ تلك الفترة بدأ انفصال هذه الجزيرة عن البحرين الكبرى و اقتصر اسم البحرين على أوال و الجز الصغيرة المحيطة بجزيرة اوال.

نهاية الحكم البرتغالي في البحرين:-

في عام 1602م حدثت انتفاضة كبرى ادت لانهاء الاحتلال البرتغالي. البرتغاليون عينوا على البحرين رجلاً ايرانياً سنياً من منطقة هرمز ( على أساس أنه ايراني لا يعرف العربية و سني يختلف عن الشيعة ) حتى لا يتعاطف مع الناس. وحادثة أبو رمانة معروفة ومدونة وملخصها ان الحاكم اراد اقناع الاخرين بان شيعة البحرين غير مسلمين لاستحلال التصرف بممتلكاتهم، و كان ظالماً جداً و يستولي على ممتلكات كثيرة وكان يحكم من كرباباد لأن القلعة هناك. حدثت الانتفاضة ضد الحاكم في الوقت الذي كان البرتغاليون مشغولين بالهولنديين و اتصل أهل البحرين بشاه ايران أنذاك وهو الذي وفر الحماية لاهل البحرين وبدأ الحكم الإيراني مرة ثانية في البحرين سنة 1602م.

ايران مرة أخرى:-

كما أسلفنا أن أهل البحرين اتصلوا بشاه إيران الذي وفر لهم الحماية و بدأ بذلك الحكم الإيراني يرجع للبحرين مرة أخرى سنة 1602م. و استمر الحكم الايراني حتى سنة 1700م تحت حكم الدولة الصفوية. (انقطع لمدة 37 سنة ثم عاد واستمر حتى 1783م).

الحكم الإيراني كان على نمطين: كان هناك الحاكم العام و لا يعينه الا الشاه الايراني. و البحرين في فترة من الفترات كانت تتبع شيراز و الحاكم العام يتفق مع أهل البحرين على تعيين شيخ الإسلام و هو الحاكم الديني – قاضي القضاة – المتصرف في الأموال الشرعية مثل الزكاة و الخمس و المسئول عن المدارس الدينية و المؤسسات الخيرية، بالإضافة إلى تنفيذ الحدود ورعاية الامور الحسبية.

اذا بعد تعيين الحاكم يتم تعيين شيخ الإسلام من أبناء البلد بالاتفاق مع علماء الدين و وجهاء البلد باستثناء سنة 1700م كان الحكم الصفوي على نهايته (أفغانستان احتلت ايران سنة 1722م). انتهى الحكم الايراني الصفوي و استقل الحكم في البحرين عام 1700.

الحكم الايراني كان متقطعا. ففي قرابة منتصف القرن السابع عشر استولى احد افراد ال جبر على الحكم (وهو من الجبور الذين حكموا البحرين قبل الاحتلال البرتغالي) لمدة 15 سنة، وكان ظالما مما ادى للانتفاض ضده وعودة الحكم الايراني الصفوي. وايضا في العام 1722 سيطر الشيخ جبارة الهولي وحكم البحرين لمدة 15 سنة حتى عودة الحكم الايراني الافشاري (نادر شاه) في العام 1737م. 

البحرين و العتوب:-

في بداية 1700م بدأ هجوم من العتوب ( و هو تحالف ثلاث قبائل : أسرة ال خليفة الحاكمة مع آل الصباح و الجلاهمة ). و يذكر هذه الرواية الشيخ يوسف البحراني في كتابه لؤلؤة البحرين. و كان شيخ الإسلام في تلك الفترة محمد بن عبد الله آل ماجد. استعان الشيخ ال ماجد بجيش من الهولة الذين جاءوا إلى البحرين بطلب من حاكمه انذاك لصد الهجوم المذكور. ما بين 1700-1735 هتكت البحرين 3 مرات من قبل حكام مسقط ، و سمي هذا العهد بعهد "خراب البحرين". و ذكر الشيخ يوسف البحراني ان القرى تم احراقها و فرض عليها الحصار ثلاث مرات من قبل حكام مسقط و حدثت مجاعة و لأول مرة في تاريخ البحرين حتى استسلم أهل البحرين و هرب كثير منهم للخارج. (حدث الامر ذاته في 1799 واستولى حكام مسقط على البحرين لمدة 3 سنوات بعد حرب مع ال خليفة واهل البحرين وهي الحادثة التي استشهد فيها العلامة الشيخ حسين العصفور الذي لازال يقلده الكثير من شيعة البحرين).

في سنة 1735م أعاد نادر شاه توحيد ايران فعاد الحكم الايراني إلى البحرين في سنة 1737م و بنى القلعة الحالية (قلعة المنامة) و أسس الحكم الايراني مرة أخرى. الحكام الذين حكموا البحرين من سنة 1737م لغاية 1783م كانوا من آل مذكور و هم يمثلون الحكم السياسي الايراني. أما شيخ الإسلام (الحاكم الديني) فقد كان من أبناء البلد.

في هذه الفترة كانت البحرين معرضة للاضطراب لانها هي البلد الغني في الخليج و كان يشاركها في هذا الامر البصرة. أما البلدان الأخرى فكانت تكثر فيها المجاعة و تموت من الجوع كما حدث في نجدفي العشرينات من القرن الثامن عشر. ولذلك فإن الكثير من سكان الجزيرة العربية كانوا يقتربون من البصرة للحصول على بعض من التجارة العامرة هناك ولذلك تكونت الكويت في تلك الفترة.

ساد المنطقة الجفاف و القحط أما البحرين فكانت محط الأنظار لكثرة العيون فيها و كثافة الزراعة و فيها اللؤلؤ و أغنى الناس كانوا هم أهل البحرين. حدثت خلال هذه الفترة حرب أهلية داخل البحرين بين العوائل المتنفذة فيها مثل عائلة البلادي (حاليا تسمى الجشي) و آل مدن و ال ماجد و غيرهم. و حدث التصادم بين المدينتين الرئيسيتين المتمركزة فيها هذه العوائل و هما جدحفص و بلاد القديم – العاصمة أنذاك. و كانت البلاد القديم دائماً في حالة تنافس مع جد حفص، فحدث القتال فيما بينهما و انتهت بانتصار جدحفص على البلاد القديم. فاستعانت الأخيرة بآل خليفة الموجودين في الزبارة سنة 1783م. حدثت الحرب الاهلية بعد فشل حملة قادها أل مذكور ضد ال خليفة الذين اتهموا بقتل عدد من اهالي سترة اثناء شجار حدث في العام 1782 بين عدد من اتباع ال خليفة الذين جاءا للتجارة وبعض اهالي سترة. انتهت المعركة البحرية ضد ال خليفة بالزبارة بفشل ذريع مما ادى لنشوب الحرب الاهلية بين جدحفص والبلاد. في فترة ما بين 1783-1799م استقر الحكم إلى الحاكم الأول من عائلة ال خليفة و هو الشيخ أحمد ال خليفة. 

البحرين في القرن التاسع عشر:-

ما بين 1799-1802م اصبح حاكم مسقط حاكم البحرين و عين شخصاً من آل عصفور نائباً عنه لمدة 3 سنوات. ثم تعاون آل خليفة مع الوهابيين و كانت بداية ظهورهم في الجزيرة العربية ولذا حكم الوهابيون البحرين لمدة 9 سنوات (1802-1811م). بعد ذلك تعاون آل خليفة مع حكام مسقط ضد الوهابيين و طردوهم من البحرين.

فترة 1811-1869م هي فترة تحارب أجنحة آل خليفة مع بعضهم البعض فهرب الكثير من اهالي البحرين إلى مناطق عديدة مثل القصبة و البصرة و الأهواز.

في عام 1869م كان هناك عزم من بريطانيا على إنهاء كل هذه المشاكل فتدخلت في البحرين بصورة مباشرة و طردت فرعاً من العائلة الحاكمة وهجرت بعضهم إلى الخارج و هو الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة ( و حفيدته الشيخة مي آل خليفة و هي خبيرة في كتابة تاريخ البحرين). و الشيخ محمد بن خليفة طرد من البحرين لأنه قتل أخاه الشيخ علي بن خليفة. ولذا أحضر البريطانيون الشيخ عيسى بن علي آل خليفة من قطر و كان عمره 21 سنة و استمر في حكم البحرين 54 سنة. و هذه هي الفترة التي استقر فيها الحكم و هي الفترة التي تم التعامل مع الذين يطلق عليهم بـ"البحارنة" معاملة قاسية حيث فرض عليهم نظام السخرة ( و هو نظام اقطاعي حيث يستلم شيخ من العائلة الحاكمة قرية أو قريتين او اكثر و يعين شخصاً من هذه المنطقة يسمى "وزيرا") . و مهمة هذا الوزير اخبار الشيخ عن عدد أفراد العوائل الموجودة في القرية و حصر ممتلكاتهم و مزارعهم و ثرواتهم لدفع الضرائب للشيخ. و هذا النظام الإقطاعي الظالم طبق فقط على فئة البحارنة مما ترتب عليه هجر المزارعين لمزارعهم حيث تحولوا من ملاك للأراضي إلى مستأجرين ثم إلى عمال في المزرعة مقابل أجر زهيد او مقابل العيش فقط بسلام. و بدأت مرحلة معاناة كبيرة جداً لهذه الفئة مما ترتب عليه توحد هذه الفئة و لأول مرة لرفع المعاناة سنة 1922م.

البحرين في القرن العشرين و بداية البحرين الحديثة:-

ما قبل سنة 1922م كان هناك محاولة انقلابية من شخص اسمه السيد شبر الستري حيث قام بإحضار أسلحة و رجالاً من مناطق البحرين و الإحساء و أراد القيام بانتفاضة مسلحة في سنة 1895م. و لكن المحاولة فشلت لعدم تعاون علماء الشيعة الاخرين معه. الانتفاضة السلمية كانت في سنة 1922م عندما اندلعت احداث اعتداءات هنا وهناك و غلقت الأسواق و طالب البحارنة بإلغاء نظام السخرة و إلغاء الضرائب والرقبية ( و هو دفع ضريبة للشيخ عن كل شخص بلغ من العمر 15 سنة ). و تدخل الانجليز و وعدوا الشيعة بإلغاء نظام الإقطاع مقابل تأييدهم لانتقال الحكم من الشيخ عيسى بن علي الى ابنه حمد بن عيسى (واقصاء عبد الله بن عيسى غير المحبوب انذاك)، و تبدأ بذلك مرحلة الإصلاحات الإدارية. 

بدأت مرحلة البحرين الحديثة بالفعل بتأسيس بلدية المنامة سنة 1919م و تم تأسيس دوائر أخرى لاحقا مثل دائرة الطابو من أجل تسجيل الأراضي و هو مطلب تحقق بعد معاناة طويلة. و انتهى نظام الضريبة الرقابية و انتهت السخرة و بدأت المرحلة الحديثة بمجيء المستشار البريطاني تشارلز بلجريف - مستشار الحاكم - فهو المؤسس لمؤسسات البحرين الحديثة و هو المؤسس للمالية و الشرطة وكل الدوائر الاخرى... و أقام هذا المستشار البريطاني في البحرين لمدة 30 سنة (1926م-1956م).

انتهى في هذه الفترة صيد اللؤلؤ و بدأت صناعة النفط و بدأت مرحلة التعليم الحديث و بدأت لأول مرة ظواهر مجتمع البحرين المتنوع الذي تحرك بصورة غير طائفية و بدأ المثقفون السنة والشيع بقيادة الحركة الوطنية. (السنة كانوا السباقين في التعليم لأن الشيعة كانوا يرفضون التعلم في مدرسة الهداية الخليفية ولذا أسسوا لاحقا المدرسة الجعفرية و المدرسة العلوية لأنهم كانوا يشعرون دائماً أنهم مستنقص منهم). 

أول حركة وطنية:-

مع كل ما سبق؛ فإننا نلاحظ أن تجار الشيعة و تجار السنة كان لهم دور مشرّف كبير و تحالفوا مع بعضهم البعض في العام 1938 لقيادة اول حركة وطنية تطالب بنقابات وهيئة وظنية تشريعية منتخبة.

اذاً مع مجيء النفط و مجيء التعليم حدثت أول حركة وطنية قادها الشيعة و السنة. و تاريخ النضال الوطني الحديث بدأ في سنة 1938م عندما تحرك تجار الشيعة و تجار السنة و الوجهاء و طالبوا بمجلس تشريعي منتخب و طالبوا بنقابات و طالبوا بقانون مكتوب و طالبوا بنفس المطالب التي طالب بها الشعب في التسعينات. و في تلك الفترة؛ و عندما هجم تشارلز بلجريف على الحركة لم يهجم على الشيعة بينما هجم فقط على السنة و ظلم السنة كثيرا و حاكمهم محاكمة عشوائية و صورية و كان من بينهم أبناء من عوائل الفاضل والشملان وغيرهم و نفى ثلاثة من قادة الحركة الوطنية السنة. أما الشيعة فأعطاهم بعض المصالح لتسكيتهم. وبهذا يشهد االتاريخ أن الظلم لم يقع فقط على الشيعة – كما يتصور البعض – و إنما السنة هم أيضاً تعرضوا لظلم كبير من سنة 1938م لأنهم تحركوا مع الشيعة و طالبوا بمطالب وطنية و تم نفي القادة من السنة بعد محاكمتهم خلال يوم واحد.. و نفوهم إلى الهند و هي نفس الممارسة التي مورست ضد آخرين في فترة لاحقة.

عودة الطائفية:-

في الخمسينات عادت الطائفية مرة أخرى؛ اذ بدأت في سنة 1953م. حدثت حادثة خطيرة جداً حيث قامت مجموعة و كان من بينهم شخص من الأسرة الحاكمة وهجموا على موكب العزاء في المنامة و حدثت مواجهة و جرح الكثير من الناس. و بدأت الفتنة الطائفية و حدثت حركة بابكو؛ ففي سترة خرج الشيعة و هجموا على الباصات التي تقل السنة؛ و في المحرق هجم السنة على الشيعة. فحدثت مشكلة الطائفية .. السني يضرب الشيعي و الشيعي يضرب السني .. و بدأت الطبقة المثقفة (الشيعية والسنية) عملها و تحركت لتوحيد الصف.. تحركت الطبقة المثقفة من السنة و الشيعة لحل المشكلة ، مثل عبد الرحمن الباكر و عبد العزيز الشملان و عبد علي العليوات و محسن التاجر.. و هؤلاء كلهم تجمعوا و حشدوا معهم المثقفين و المصلحين فبدأوا بحل المشاكل.

حدثت تعقيدات كثيرة في البحرين انذاك. مثلا فرضت الحكومة التأمين على أصحاب التكسي فاعتقد أصحاب التكسي أن المستشار يريد أن يسرقهم فعطلوا البلد بالاضراب و التوقف عن العمل.

الباكر و صندوق التعويضات و الهيئة التنفيذية العليا:-

أدى ضعف الثقة في المستشار بخصوص موضوع التكسي إلى تدخل عبد الرحمن الباكر الذي أسس بدوره صندوق للتعويضات و التأمين الاجتماعي. و خاطب اصحاب التكسي قائلا لهم أن هذا العمل أهلي و لخدمتهم و أنهم مشتركون فيه، فهو منهم واليهم. و كان عبد الرحمن الباكر أذكى القادة الوطنيين انذاك. ففي الوقت الذي كان مع الآخرين يحل مشكلة الطائفية قام أيضاً بحل مشكلة اصحاب التكسي ولذا تم تعيينه رئيساً لذلك الصندوق.

قام بتحويل الصندوق إلى مقر للنشاط السياسي بدلا النشاط التجاري فبدأت اجتماعاته كلها في الصندوق مما ادى لانزعاج المستشار تشارلز بلجريف. قام بليجريف بسحب جنسية عبد الرحمن الباكر متذرعاً بأن عائلة الباكر أصلهم من قطر. و رداً على ذلك تجمع الناس في الخميس و كان تجمعاً كبيراً جداً احتجاجاً على سحب جنسية عبد الرحمن الباكر. و بعد اسبوع واحد قرروا التجمع في السنابس و أسسوا الهيئة التنفيذية العليا من ثمانية أشخاص ( أربعة شيعة و أربعة سنة ) و تتبعهم جمعية عمومية تضم 120 عضواً من وجهاء البلد نصفهم من الشيعة و النصف الآخر من السنة.

وهكذا بدأ أول حزب سياسي في الخليج يتشكل و يقود الساحة و أصبح الآمر و الناهي لمدة سنتين في الساحة البحرينية. فلقد فازوا بانتخابات مجلس الصحة و مجلس التعليم واي انتخابات أخرى. وكان لديهم كشافة تتصرف مثل الشرطة فهي التي تنظم السير و وصل الأمر إلى أن الانجليز قرروا الاعتراف بالهيئة التنفيذية العليا و تدخلوا لدى الحاكم و أقنعوه بذلك. و طلبوا منهم تغيير الاسم إلى هيئة الاتحاد الوطني و تم الاعتراف بأول حزب سياسي في الخليج.

قمع الاتحاد الوطني:-

بعد ذلك تسارعت الأحداث خارج إطار هيئة الاتحاد الوطني حيث ما عادت تسيطر على الشارع فكانت أحداث تمر عليها و تفرض نفسها. فمثلاً نزول وزير خارجية بريطانيا (سلوين لويد) إلى البحرين كمحطة ترانزيت في سنة 1956م و بعد خروجه من المطار تزامن مروره باستاد المحرق و كانت هناك مباراة فخرجت الجماهير معترضة على موكبه و قذفوه بالحجارة و كاد يقتل.

بعد هذا الحادث جاء العدوان الثلاثي على مصر من قبل اسرائيل و فرنسا و بريطانيا وخرجت الجماهير لتنتقم من بريطاني. فتدخل الجيش البريطاني و قمع الحركة و اعتقل قادة الهيئة و حاكمهم في البديع و نفاهم إلى سانت هيلانة و أعلنت حالة الطوارئ في ديسمبر 1956م و لم ترفع حالة الطوارئ هذه إلا في فبراير 2001م.

قام الانجليز بتأسيس القسم الخاص سنة 1957م و بدأ حكم الطوارئ في البحرين بصورة قمعية شرسة. و في سنة 1965م استبدل قانون الطوارئ بقانون الأمن العام؛ وهو الذي قنن قانون الطوارئ و في سنة 1974م استبدل بقانون أمن الدولة و ألغي قانون أمن الدولة في فبراير 2001م. و انشاء الله لايرجع الى الابد.

لقد مررنا بصورة سريعة على مجمل أحداث البحرين من فترة الدلمونيين حتى العصر الحديث؛ و لكننا كنا سريعين بعض الشيء؛ فهناك أحداث و كل حدث ممكن أن يأخذ محاضرة و يستدعي توسعة كبيرة جداً.

خلاصة الموضوع:-

الفكرة هي أن نبدأ بأن نفكر بإعادة قراءة التاريخ و هي النقطة التي أريد أن أركّز عليها.


1. هل نفتح التاريخ لكي نقع في مأزق؟
2. هل نفتح التاريخ لكي نخلق بلبلة في المجتمع؟
3. هل نفتح التاريخ لكي نفتح الجروح؟
4. أم نكون عقلانيين و نفتح التاريخ لكي نستفيد من أخطاء الماضي و أجدادنا و أجداد غيرنا… و إذا كان لهم ذنب لا ينعكس على الأبناء.


هناك كتاب فيه أسماء الوزراء من أبناء القرى الذين تعاونوا مع الشيوخ و أبناؤهم موجودون فيما بيننا فهم أبناء القرى أساساً و لكن ليس لهم ذنب فالأولاد و الأحفاد ليس لهم ذنب. لقد كان هناك من شيوخ ال خليفة من وقف ضد الظلم، مثل الشيخ محمد بن عبد الرحمن الذي توفي قبل سنوات وكان عمره 104 سنوات، واهل المرخ جميعهم يشهدون له بالعدالة و الصفات الحميدة. 

هل آن الأوان لكي نستطيع أن نفتح هذا التاريخ أيضاً؟ 

سمو الأمير الشيخ حمد قال في كلمته في ديسمبر الماضي انه ان الاوان للتصالح مع التاريخ.. فإذا أمكن أن نفتح قراءة عصرية و إجراء مصالحة مع التاريخ فهذا امر عظيم. و يجب الأخذ بعين الاعتبار أن كثيراً من الذي قيل هو أوهام و كثير من الأخطاء و المشاكل حدثت من جميع الأطراف و أن الظلم لم يقع على البحارنة فقط و إنما أصاب آخرين أيضاً و أن هناك أناساً كثيرين دافعوا عن حقوق الشعب و كانوا بعضهم ايضا من الأسرة الحاكمة. 

و توجد حوادث تتطلب الإنصاف؛ فمثلاً عائلة الدواسر عندما هجموا على باربار و عالي فهناك كثير من الدواسر لم يرتكبوا هذه الأخطاء. و يوجد هناك من البحارنة ارتكبوا من الأخطاء ربما ما هو أعظم.

- آن الأوان أن نتصالح أنفسنا نحن أيضاً مع التاريخ.
- أن نفتح التاريخ لا لكي نثير الحماس.
- أن نفتح التاريخ لا لكي ننتقم من عائلة فلان أو علان.
- أن نفتح التاريخ لكي نفهمه بصورة أكبر.
- أن نفتح التاريخ لكي نتصالح مع بعضنا الآخر.
- أن نفتح التاريخ لكي نفتح به مستقبلاً مشرّفاً.

الآن السود .. كانوا عبيداً في أمريكا.. اليوم لا يجرؤ أحد أن يسمّيهم عبيداً. و الآن أصبحوا وزراء و أصبحوا في الحكم و أصبحوا مليارديرية .. جاءوا قبل 500 سنة بصفتهم عبيداً.. الآن الأبيض لا يستعبد الأسود و الأسود ليس له الحق في الانتقام من الأبيض في أمريكا. و الأسود له الحق أن يدرس تاريخه بأسلوب نزعت منه العبارات النابية و أيضاً الأبيض ينزع العبارات التحقيرية مثلاً عبارة (النيكا) كلمة تحقيرية للأسود الآن ممنوعة و يعاقب عليها القانون. إذاً نحن أيضاً في حاجة لحذف بعض العبارات.. آن الأوان أن نخلّص و ننظّف مصطلحاتنا و نغيّر الشكل السياسي السابق السيء لكي نستفيد و نخلق بحريننا الجديدة.

توجد كتب كثيرة مريضة تحتاج إلى معالجة مثل كتاب خرج قبل سنتين تقريباً من إعداد رئيس تحرير جريدة الوطن الكويتية مع الأخت سوسن الشاعر و هو سيء جداً و غير واقعي و يوجه الاتهامات و يثير الأحقاد و الطائفية حيث يتهم الشيعة بأنهم تحالفوا مع الانجليز و أنهم كانوا عملاءً للانجليز في العشرينات من القرن العشرين و هذا كلام سافل وخطير و خاطئ لأن الشيعة كانوا مساكين و كانوا مظلومين. عندما يلجأ تاجر اللؤلؤ أحمد بن خميس (مؤسس مأتم بن خميس) إلى البريطانيين (بيت الباليوز وهو نفسه مبنى السفارة البريطانية الحالية) فأنه ليس عميلا بل انه أول لاجئ سياسي في تاريخ البحرين.. فقد اشترى لؤلؤة غير مفصولة من القطيف و جلبها معه إلى البحرين حيث اشتراها رخيصة و تباع بسعر مرتفع بعد فصلها اذا نجح في فصلها. فسمع عن أمرها شيخ منطقة السنابس فطلب منه الضريبة بسعر اللؤلؤ المفصول فرفض أحمد بن خميس لأنه لم يخرجها من سواحل البحرين بل انه اشتراها من القطيف (حيث المتعارف عليه أنه تدفع الضرائب على اللؤلؤ المستخرج من سواحل االبحرين) بالإضافة إلى أنه لم يقرر بعد هل يبيعها قبل فصلها أو بعد فصلها؛ فبعث له الشيخ رجاله (الفداوية) لقتله لامتناعه عن دفع الضريبة المطلوبة فلجأ أحمد بن خميس إلى بيت الباليوز. فهل يسمى لجوء أحمد بن خميس هذا إلى بيت الباليوز عمالة؟؟؟

هل هذا اللجوء عمالة في الوقت الذي كان يحصل فيه الاخرون على حماية شاهات ايران وعلى حماية ابن سعود انذاك بينما يتفرد الشيخ بفئة واحدة فقط يفرض عليها مايشاء ... فإلى اين يذهبون؟ 

وملاحظة هنا ايضا ان الشيعة الاحسائيين لم يقع عليهم الظلم ذاته لانهم كانوا يأتون البحرين لحاجة السوق لمهارات معينة (حياكة، حدادة، الخ) وكانوا ايضا يستطيعون اللجوء الى ابن سعود لو وقع عليهم ظلم. …هذا كلام سخيف ان يتحدث شخص ويقول ان البحارنة عملاء لانهم طالبوا بحماية من الظلم في الوقت الذي لم توجد فيه مؤسسات دولة ولا نظام سياسي واضح المعالم…و نحن لا نريد الرد عليهما فنثير الطائفية و لكن نريد أن نثير المواضيع التي تذكر أن هناك ظلماً و انتهى هذا الظلم و لا عودة إليه إن شاء الله.

نحن بحاجة إلى أن نعي ذلك التاريخ و ندرسه و نستفيد منه لا لكي نثير الضغائن و المشاكل في أوساط المجتمع البحريني؛ فالبحرين لكل أهل البحرين سواءً كان سنياً أو شيعياً؛ سواءً كان بحرانياً، هولياً، عجمياً، حساوياً،...إلخ. و سوف ترى أنك لو رجعت إلى التاريخ فإنه ليس كل شيعي مظلوما و ليس كل سني لم يكون مظلوماً؛ فمن بيت الجودر كان هناك أناس مظلومين كثيراً بينما الاحسائيين لم يكونوا مظلومين!

أحسن كتاب كتب عن تلك الفترة هو إعداد رسالة الدكتوراه لطلال فرح و كتب باللغة الانجليزية و لم يترجم حتى الآن فهو كتاب قيم و عندما تقرأه يحترق قلبك.

و الغريب في الأمر أنني اكتشفت أن أحسن الناس الذين كتبوا عن تاريخ البحرين هم من اللبنانيين المسيحيين مثل أميل نخلة (مستشار الإدارة الأمريكية لشئون الخليج و لا زال مستشاراً لديهم) و كتابه من أحسن الكتب التي كتبت عن البحرين بالإضافة إلى طلال فرح و هو مسيحي لبناني وهناك كتاب ثالث لاسحاق الخوري و هو كاتب مسيحي لبناني ايضا و كلهم حضروا إلى البحرين و مكثوا فيها سنة أو سنتين و كتبوا التاريخ.

عندنا مصادر قيّمة جداً يمكننا فتحها و لكن علينا أن نكون حذرين و متفهّمين لمشاكل الماضي لكي نفتح مستقبلاً أفضل و تلك هي القراءة المعاصرة لتاريخ البحرين التي أدعو الجميع لإحيائها بناءً على أن هناك على رأس الهرم السياسي من يريد المصالحة مع تاريخ البحرين.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته