الجمعة، 20 أكتوبر 2023

كيف تأسس الكيان الصهيوني في أرض فلسطين

 كيف تأسس الكيان الصهيوني في أرض فلسطين 

مع تنامي القوميات الأوروبية في القرن ١٩ زاد إظهاد الأوروبيون لليهود

ظهرت الحركة الصهيونية بأوروبا الشرقية أواخر القرن ١٩ وسعت إلى إنشاء دولة يهودية بأرض فلسطين

تبلورت أهدافها على يد تيودور هرتزل الذي كان وراء انعقاد مؤتمر بال بسويسرا

أكد المؤتمر أن اليهودية ليست دين بل أيضاً قومية ودعا إلر جمع شتات اليهود خصوصاً بعد تعرضهم للإظهاد في أوروبا

رحبت بريطانيا بالأطماع اليهودية بفلسطين لكونها تخدم مصالحها بقناة السويس

وكانت بريطانيا في حاجة لمساعدة اليهود لها ضد ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى

كانت قبل ذلك تخضع فلسطين للخلافة العثمانية قبل هزيمتها في الحرب العالمية الأولى

دعمت بريطانيا الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين ضد الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى

ووعدت بريطانيا الشريف حسين بدولة عربية كبرى تضم معظم أرض فلسطين

لم توفي بريطانيا بوعودها للشريف حسين وقسمت الوطن العربي بينها وبين فرنسا بعد اتفاقية سايكس بيكو ١٩١٦م

قدمت بريطانيا وعداً بتكوين دولة قومية لليهود وهو ما يسمى وعد بلفور وذلك عام ١٩١٧م

في تلك الفترة كان اليهود يشكلون ٨% فقط من سكان فلسطين

قامت عصبة الأمم بوضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني عام ١٩٢٢م وبذلك سهلت بداية سيطرة الصهاينة عليها

عملت الإدارة البريطانية مع المنظمة الصهيونية العالمية على السماح بهجرة اليهود إلى أرض فلسطين وأعطتهم امتيازات اقتصادية مهمة

ازداد عدد اليهود بسبب هجرتهم من جميع أنحاء العالم إلى فلسطين وسمحت لهم بريطانيا بتملك الأراضي وتكوين ميليشيات مسلحة

أدت عمليات التطهير العرقي التي قامت بها الميليشيات الصهيونية المسلحة إلى استيلاء اليهود على مساحة واسعة من أراضي فلسطين

قتل وتهجير حوالي ٨٠٠ ألف فلسطيني قسرياً إلى دول الجوار مما خلق أزمة اللاجئين المستمرة إلى الآن

قامت الثورة الفلسطينية الكبرى عام ١٩٣٦م وأستمرت ٣ سنوات ضد سياسة الإنجليز واليهود المهاجرين

خلال الحرب العالمية الثانية انتقل ثقل الحركة الصهيونية من انجلترا إلى الولايات المتحدة

أصدر الكونغرس قرار سنة ١٩٤٤م يساند فيه الهجرة غير المحدودة وتأسيس الدولة اليهودية على حساب الفلسطينيين خاصة مع تنامي المصالح البترولية الأمريكية بالشرق الأوسط

بعد تزايد عدد اليهود الوافدين من جميع انحاء العالم إلى أرض فلسطين تم تدويل القضية

أصدرت هيئة الأمم المتحدة سنة ١٩٤٧م القرار رقم ١٨١ يقضي بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود

حصل اليهود الذين لا يمثلون الإ ٣١% فقط من السكان على ٥٥% من الأراضي في حين خصص الباقي للفلسطينيين

رغم أن اليهود في تلك الفترة لم يكونوا يمتلكون الإ ٦% فقط من أرض فلسطين

١٥ مايو ١٩٤٨م تم إعلان قيام دولة إسرائيل وإنتهاء الإنتداب البريطاني على فلسطين

عارض الفلسطينيون والعرب هذا التقسيم واندلعت حرب ١٩٤٨م بين الجيوش العربية وإسرائيل

حدثت النكبة وهزم العرب في تلك الحرب واستولت إسرائيل على حوالي ٧٨% من فلسطين

في عام ١٩٥٦م شاركت إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر مع بريطانيا وفرنسا وانتهت الحرب بفضيحة دولية لبريطانيا

قامت حرب ثانية عام ١٩٦٧م أدت إلى توسع إسرائيل لمساحتها بإحتلال منطقة الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء المصرية والضفة الغربية للأردن

قامت حرب ثالثة عام ١٩٧٣م أستعادت خلالها مصر لجزيرة سيناء واستعادت سوريا جزء من الجولان وأظهر فيها العرب لأول مرة قوة هددت إسرائيل

أنشأ الفلسطينيون منظمة التحرير الفلسطينية سنة ١٩٦٤م التي أصبحت سنة ١٩٧٤م الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني

تبين لإسرائيل بعد ١٩٧٣م أن القوة العسكرية لا تكفي فدخلت في مفاوضات سلام انتهت بتوقيع معاهدة كامب ديفيد مع مصر سنة ١٩٧٨م ومعاهدة سلام مع الأردن سنة ١٩٩٤م

بتوقيع مصر والأردن اتفاقيات سلام مع إسرائيل انتهت الحروب الكبرى بين العرب وإسرائيل

اتفاقيات السلام هي على الورق بين الحكومات لكن لم يحدث تطبيع فعلي بين الشعوب العربية وإسرائيل

أطلق الفلسطينيون سنة ١٩٧٨م انتفاضة أطفال الحجارة التي ارغمت إسرائيل على الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين أسفرت عن عقد عدة مؤتمرات

بدأ الحوار الرسمي بين الفلسطينيين وإسرائيل في مدريد ١٩٩١م بحضور عدة دول أدى ذلك إلى توقيع أتفاق أوسلو (إعلان مبادئ) في ١٩٩٣م

من نتائج أتفاق أوسلو هو قيام حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة

سنة ٢٠٠٠م إنطلقت إنتفاضة الأقصى بسبب التعنت الإسرائيلي وزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون باحة المسجد الأقصى

عام ٢٠٠٢م أطلق الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك السعودية مبادرة للسلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين

شهدت نهاية القرن ال ٢٠ انطلاق عملية السلام التي ما زالت تتعثر بسبب المواقف الإسرائيلية والانحياز الغربي وخاصة الأمريكي إلى جانب إسرائيل

في ٢٠٠٦م قصفت إسرائيل جنوب لبنان بهدف القضاء على المقاومة في الجنوب وحزب الله

تعتبر القضية الفلسطينية من القضايا التي نتجت عن تحالف إمبربالي صهيوني ، نتج عنها تأسيس كيان جديد إستيطاني عسكري وإسرائيل هي أخر بقايا العصر الاستعماري الامبريالي




الجمعة، 1 سبتمبر 2023

كم مرة هدم قبر الإمام الحسين عليه السلام

 كم مرة هدم قبر الإمام الحسين عليه السلام

الهدم الأول :

هدم قبر الإمام الحُسين ع لأول مرة عام ١٩٣هجرية على يد هارون العباسي ، إذ لم يكن سوى قبر وشجرة يستظل بها الزوار ، عمد هارون إلى هدم القبر وحرث موضعه لمحو أثره ، وهدم الدور المجاورة وقطع الشجرة التي يستظل بها الزوار .

وبعد هلاك هارون أعيد بناء القبر الشريف وعاد المؤمنون لزيارته .

الهدم الثاني :

وفي عام ٢٣٣ هجرية وفي الأيام الأولى لحكم المتوكل العباسي ، أمر مساعده اليهودي إبراهيم الديري بكرب القبر الشريف وتخريب كل من حوله ، فهدمه ومحى أثره ، ولم يكتفي بذلك وإنما عمد إلى تخريب ما حوله ، فهدم مدينة كربلاء بأكملها ، وبعد فترة وجيزة ، أعيد بناء القبر وعاد الشيعة لزيارته مجدداً .

الهدم الثالث :

وفي عام ٢٣٦هجرية أمر المتوكل جنوده بهدم القبر وما حوله من الدور بشكل تام إذ حرثوا القبر الشريف حتى وصلوا إلى الحصيرة التي تحتوي جسد الإمام الحسين عليه السلام ، غير أنهم فوجئوا برائحة المسك فشعروا بالخوف وأعادوا دفن القبر .

أمر المتوكل أيضاً بمنع الناس من زيارة القبر الشريف ووضع عدد من الجنود في محيطه وقتل كل من يقترب منه ، فثار الشيعة من أجل ذلك وصاروا يلعنون المتوكل وسقط العديد من الشهداء دفاعاً عن القبر الشريف ، وأعيد بناؤه مرة أخرى وعاد الشيعة لزيارة مرقد الإمام الحسين ع من العراق وإيران ودولٍ أخرى .

الهدم الرابع :

في عام ٢٤٧هجرية هدم المتوكل قبر الإمام الحسين عليه السلام للمرة الرابعة وحرث أرضه وأجرى فيها الماء . حاول المتوكل العباسي منع الزوار ففرض عليهم ضرائب مالية صخمة تصل إلى مئة ألف دينار ، غير أنهم لم ينقطعوا عن الزيارة ، ثم تطور الأمر لقطع يد ورجل كل من يزور الحسين عليه السلام ولم ينته الأمر ، ثم تطور الأمر إلى قتل واحدٍ من كلِ عشرةٍ فصبروا واستمرت الزيارة .

الهدم الخامس :

وفي عام ١٢١٦هجرية جهز سعود بن عبدالعزيز جيشاً من أعراب نجد وغزى كربلاء مغتنماً فرصة زيارة الإمام علي عليه السلام في النجف الأشرف في ذكرى بيعة الغدير ودخل كربلاء وقتل ٤ آلاف من بينهم شيوخ وأطفال ونهب محتويات مرقد الإمام الحسين عليه السلام وأخذ جميع ما فيها من مقتنيات ثمينة واقتلع الشباك وربط خيله في الصحن الشريف .

الهدم السادس :

وفي نظام المقبور صدام ، منعت زيارة الإمام الحسين عليه السلام وأعدم الكثير من زواره وارتكبت أبشع الجرائم بحقهم ، وفي عام ١٩٩١م قامت القوات الخاصة بمحاصرة المرقد الشريف واقتحامه بعد أن وجهت له مدافع الذبابات وأحرقت المرقد الشريف .

وبعد ٢٠٠٣م تعرض المرقد الشريف إلى هجمات عديدة بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة من قبل التنظيمات الإرهابية التي حاولت بشتى الطرق الوصول إلى مرقد الإمام ، لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل .

ومنذ أكثر من ألف وأربعمائة عام حاول الكثير من أعداء الإمام الحسين عليه السلام منع زيارته وهدم مرقده ، إلا أن محاولاتهم تفشل دوماً ، إذ يتصدى الشيعة بكل ما يملكون للدفاع عنه بأموال وأرواح طاهرة .

الخميس، 24 أغسطس 2023

زُهْدُ المرجع السيستاني وعطاؤه

 


*زُهْدُ المرجع السيستاني وعطاؤه:*


كتب أحد أبناء السنّة باسم (الطالب) مقالاً في (الانترنت) على شبكة هجر الثقافية بتاريخ (17 / 4 / 2003م) الموافق (١٤ / صفر / ١٤٢٤ هـ) … تحت عنوان *"السيستاني يشكو من الظلم"* يقول فيه:


*"الحقيقة أنّ السيّد السيستاني رجل عظيم القدر ، مهيب الطلعة ، جليل المكانة ، سمح الملامح".*


*زُرْتُه في بيته قبل عدّة سنوات -يعني قبل سقوط النظام الصدّامي- وكان كلّ همّي أن أرى كيف يعيش مراجع الشيعة الذين يدخل عليهم من الخُمس أكبر من ميزانيّات بعض الدُّول !*


*أودّ أن أرى "القصر" الذي يعيش فيه أكبر مراجع الشيعة وأكثرهم دخلًا:* 


*السيّد علي السيستاني...*


*ذهبتُ إلى منزله عصرًا ، وهو قرب مسجد الإمام علي (كرّم الله وجهه) ـ يقصد الحرم الشريف ـ سِرْتُ في طريق ، وقابَلَني رجلٌ عراقيٌّ أراد أن يستدرجني إلى منزلٍ قيل إنّه للمخابرات ، ولكن الله سلّم.*


*سِرْتُ في طريق مستقيم مستدبراً لمسجد الإمام علي (كرّم الله وجهه) ، ثمّ انعطفتُ إلى اليسار في زقاق صغير ، ثمّ سِرْتُ حتّى أصبح "قصر" السيستاني على يميني !*


*إستقبلني الخادم مشيراً إلى أنّ الزيارة صباحاً -إذ لم يكن لديّ موعد خاص- ، ولكنّه لمّا رأى أنّي غريب عن البلد سمح لي بالدخول.*


*دخلتُ "القصر" ، نزلتُ عدّة عتبات إلى بَهْوِ "القصر" الذي لا يتجاوز عدّة أمتار ! وإنْ لم تَخُنّي الذاكرة كانت على يساري ثلّاجة ماء ودَرَج.

ومباشرةً من البهو دخلتُ إلى غرفة الاستقبال التي كانت تواجه باب المنزل مباشرة.*


*جلستُ أنتظر السيّد في تلك الغرفة الصغيرة ، وكان فيها بعض الخليجيّين الذين قَدِموا لزيارة السيّد ، وما أنْ فرغتُ من شرب كاسة الشاي العراقي ، حتّى أقبل أحد المعمّمين وهو ابن السيّد ، يُؤذِن بدخول السيّد (المرجع).*


*وقفنا جميعاً وقد دخل علينا رجل يحمل سيماءَ أبناء الأنبياء (عليهم السلام) ، رجلٌ بهيُّ الطلعة ، دخل مبتسماً ، وأخذتْني الهيبة ، فقمتُ بتقبيل رأسه ويده كما فعل الآخرون ، وكأنّه استحى منّي وأراد أن يمنعني من ذلك تواضعاً منه.*


*طُرِحتْ عليه عدّة أسئلة من قِبَل الزوّار ، وما أن جاء سؤالي المشؤوم حتّى نظر إليّ بحسرة وألم ، وقال شاكياً بشكوى قَرَحَتْ قلبي:*


*"ماذا يأخذ المرجع من المرجعية ؟! أُنظر إلى بيتي ! (وقد كان بيت لا يسكنه أفقر الناس في بلادنا) أُنظر إلى حالي ، لا يُسمَح لي بزيارة الحسين (عليه السلام) ، ولا يُسمَح لي بالخروج من بيتي إلا مرّةً واحدة في الأسبوع لزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وحتّى الهواء الذي أستنشقه مُحرَّمٌ عليّ ! هذه هي المرجعيّة ، وهذا هو حال مراجع الدّين !*


*ليت علماؤنا أصحاب (الشَّبَحات) والسيّارات الفاخرة والقصور الفخمة ، وأرصدة البنوك ، الذين يتّهمون مراجع الشيعة بأنّهم يأكلون الخمس ، أن يزوروا السيستاني وينظروا بأعينهم كيف يعيش مراجع الشيعة ، وكيف هو الزهد الحقيقي في هذه الدنيا !*


ويعلّق سماحة السيّد محمّد صالح الغروي الذي نقل هذا المقال في كتابه (لمحات عن شخصيّة المرجع الديني الأعلى السيّد السيستاني) قائلًا: *يُفْرِضُ السيّد المرجع (مُدّ ظلّه) التزامه بالتقشّف على أولاده والمنسوبين إليه أيضاً ، فقد سُئِل صهرُه ووكيلُه العام السيّد جواد الشهرستاني عن بيته الكبير نسبياً الذي يملكه في مدينة قم.. فقال: الحمد لله أنّي ملكتُ بيتاً قبل مرجعية السيّد ، ولو لم يكن عندي لَما استطعتُ الآن أن أملك بيتاً ، لأنّ السيّد لا يجيز للمنسوبين إليه أن يشتروا لأنفسهم بيوتاً !*


*أمّا ما ذكره هذا الأخ عن خروج السيّد المرجع للزيارة في الأسبوع مرّة ، فقد يكون في أوائل التضييق عليه ، وإلا فقد مُنِع من التدريس وصلاة الجماعة ، ثمّ حُرِم لسنين من الخروج من بيته حتّى لزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام).*


هذا وعلّق على مقال الأخ السنّي في الانترنت كاتبٌ باسم (البرهان) مخاطباً إيّاه: *الحقيقة أنا في حيرة من أمري: أأعجب من عيشة هذا المرجع الجليل على الحال التي ذكرتَها ، وهو مرجع لملايين البشر من الشيعة ، تُجبى إليه الملايين من أموال الخمس أم أعجب من إنصافك الرائع الذي بهرتَني به حتّى ظننتُ أنّك شيعيٌّ ولستَ سنّياً. أشكرك أخي العزيز على هذه اللفتة الكريمة ، وصدِّقني أخي الكريم لو نظر الشيعة للسنّة والسنّة للشيعة بمنظارك هذا الجميل ، لحُلّتْ نصف مشاكلنا أو أكثر. وإن شاء الله جاء الوقت لينزاح هذا الظلم عن هذا المرجع الجليل وأمثاله من الملايين من أبناء الشعب العراقي المظلوم ، وشكراً.*


وجاء الكاتب أبو إبراهيم في رسالة إلى صاحب المقال الأصل قائلًا: *الأخ النجيب / الطالب: أُحيّيك أيّها الأخ لإنصافك وحُسْن خُلُقك ، حيث قَلّ الإنصافُ والأخلاق هذه الأيّام ، وفّقك الله وإيّانا للمزيد من الزيارات للمدن المشرّفة والعلماء الأعلام.*


ويعود الأخ السنّي "الطالب" بمداخلة قائلًا لإخوته الشيعة في هذا الحوار: 


*إخواني لا تتعجّبوا من الإنصاف ، فهذا أقلّ من حقّ ذلك العالم الجليل ، والحقيقة أنّ ظاهرة الإنصاف بدأت تنتشر في بلادي ، ولها أمثلة كثيرة. وأذكر لكم مثالًا واحدًا: فقد قال أحد الأساتذة الوهّابية عندنا: لم أرَ في حياتي أشدّ إخلاصًا من اثنين وهما الخميني ونصر الله. الخميني حكم ايران ولم يولّ ابنه شيئاً ، ونصر الله قدّم ابنه شهيداً في ساحة الجهاد. وسوف تُريكم الأيّام الكثير من الإنصاف ، إذا زال التعصّب وانقشع الظلام. ويا ليت الإنصاف يتقدّمنا في كلّ مواقفنا لنكون مرّةً أُخرى *( خَیۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ ).*


ويكتب أحد طلّاب المرجع السيستاني عن زهده ما يلي:


*لسيّدنا المرجع السيستاني مُسلكٌ ثابتٔ منذ صغره إلى اليوم ، في ولائه واقتدائه بأهل البيت الطاهرين (عليهم السلام) في الورع والزهد والتقشّف والابتعاد عن زخارف الدنيا. ولم يتغيّر شيءٌ من مسلكه بعد مرجعيّته الواسعة (بعد سقوط صدّام)، فلم يقبل أن يغيّر بيته الصغير في النجف ، وكذلك الأمر في مسلكه وفي طعامه ولباسه ، ومستلزمات معيشته المتواضعة ولا سمح لأحد من أولاده أن يشتري بيتاً واسعاً !*


*وقد جاءه أحد التجّار وأهدى إليه مبلغاً مالياً كبيراً ، وقال إنّه من خالص ماله وليس حقوقاً شرعيّة ، وأنّه هديّة خاصّة للسيّد لشراء بيت أو صَرْفه في نفقاته الخاصّة ، فلم يأخذه ، فألحّ عليه التاجر ، فقال له السيّد: يوجد بعض طلبة العلم لا يأخذون من الحقوق الشرعيّة فأعْطِه لهم ، واستحضر السيّدُ بعضَهم ، ودفع التاجر المال إليهم.*


*أقول:* 


إنّ الزُّهْد في الدّنيا على مستوى المرجع نفسه ينتج مثل ما أنتجه المرجع السيستاني (متّع الله المسلمين بطول بقائه) من انجازات في كلّ العالم.. فعلى مستوى مدينة قم المقدّسة مثلًا ومن خلال صهره المبجّل سماحة السيّد جواد الشهرستاني (حفظه الله) فإنّه يدير شؤون (٥٦) ألف طالب للعلوم الإسلاميّة ، من ناحية الرواتب الشهريّة ، ومن ناحية السكن في المجمّعات الطلّابية ، وسائر احتياجاتهم العلميّة والإنسانيّة. ففي مدينة قم أسّس (٥٥٠) وحدة سكنيّة ، وفي مشهد المقدّسة (١٨٠) وحدة سكنيّة على خطّ البناء والتأسيس وفي منطقة سراجه (١٨٠) وحدة سكنيّة ، ناهيك عن البلدان الأُخرى التي تُدار فيها الحوزات والمؤسّسات عبر وكلاء سماحته.


ولعلّ من أهمّ الخدمات التي تُقدِّمها مرجعيّة السيّد السيستاني (دام ظلّه العالي) للحوزات العلميّة وعلماء الدّين المنتشرين في العالم اليوم هو استخدام تكنولوجية الانترنت لتوصيل العلوم الإسلاميّة بشتّى مجالاتها وبمختلف اللغات إلى طلّابها والباحثين الإسلاميّين. مثلًا قام سماحة العلاّمة الشيخ علي الكوراني (حفظه الله) بتجميع آلاف كتب المصادر والمعاجم الفقهيّة والحديثيّة والعلميّة للشيعة والسنّة في أقراص كمبيوتريّة بدعم مباشر من مكتب المرجع السيستاني في حوزة قم المقدّسة، ويتبعه فيها المركز العالمي لعلوم آل البيت (عليهم السلام) بإدارة سماحة السيّد إبراهيم اللاجوردي وفضيلة السيّد علاء الدين النجفي وباللغات العربيّة والفارسيّة والانجليزيّة والآذريّة والتركيّة والفرنسيّة والألمانيّة والايطاليّة والصينيّة والروسيّة والاندونيسيّة والتايلنديّة والهنديّة والبنغاليّة والسواحليّة و....


تأتي هذه الإنجازات الحضاريّة ضمن المنهج المؤسساتي الذي تعتمده مرجعية السيّد السيستاني تحت إشراف وكيله العام وصهره سماحة العلّامة السيّد جواد الشهرستاني في حوزة قم المقدّسة ، ومنها تأسيسه المكتبات التخصّصية لأهل العلم والتحقيق والتأليف والدراسات ، مثل مكتبة العلوم القرآنيّة بإشراف العالم الجليل الشيخ المهدوي وتحتوي على أكثر من (١٥) ألف كتاب في أكثر من (٥٠٠٠) عنوان ومكتبة علوم الحديث بإشراف العالم الجليل الشيخ المعراجي وتضمّ أكثر من (٥٠) ألف كتاب. ومكتبة علوم الفقه والأُصول وهذه تضمّ أكثر من (١٢) ألف كتاب بإشراف العالم الجليل الشيخ المهريزي. ومكتبة علوم الفلسفة والكلام تحتوي على أكثر من (١٠٠٠٠) كتاب تحت إشراف العالم الجليل الشيخ العابدي ، ومكتبة الأدب والبلاغة واللغة تضمّ أكثر من (٥٠) ألف كتاب بإشراف الأُستاذ فرات الأسدي. ومكتبة خاصّة بعلوم التاريخ تحتوي على أكثر من (٥٠) ألف كتاب بإشراف العالم الجليل الشيخ جعفريان. ومركز الزهراء الثقافي للطالبات في الحوزة والنساء العالمات بإشراف العالمة الجليلة أُمّ علي مشكور. كما أسّس مكتب المرجع السيستاني في قم المقدّسة مركزاً نجوميّاً للرصد الفلكي ورؤية الهلال وأسّس المراكز الطبيّة والخيريّة لمعالجة المرضى الفقراء ومراكز دعم اللاجئين الأفغان والعراقيّين.


*وأقول:* 


حديثًا في لقائي بسماحة السيّد جواد الشهرستاني (حفظه الله) في شهر يونيو من هذا العام (2023م) الموافق لـ (شهر / ذي القعدة / ١٤٤٤هـ) أخبرني أنّه قام ببناء أضخم مستشفى في مدينة قم لمعالجة الأورام الخبيثة وغيرها وبأحدث الأجهزة الطبّية المستوردة أكثرها من ألمانيا. 


*وأقول أيضًا:* 


لا يمكن نسيان مواقف المرجع السيستاني (دام ظلّه العالي) في قضيّة العراق ما بعد السقوط.. أبرزها عشرة:


*١ ـ* فتواه حول الدفاع عن أراضِ المسلمين.


*٢ ـ* تحريمه نهب الأموال الحكوميّة بعد سقوط صدّام.


*٣ ـ* تحريم الانتقام والتصفيات الجسديّة في البعثيّين من غير المحاكمة.


*٤ ـ* تحريمه بقاء قوّات الاحتلال في العراق.


*٥ ـ* عدم تجاوبه مع ساسة أمريكا في العراق.


*٦ ـ* تحريمه بيع الأراضي لليهود في العراق.


*٧ ـ* رفضه لصلاحيّة مجلس الحكم الانتقالي لتدوين دستور العراق.


*٨ ـ* مطالبته بالانتخابات الشعبيّة الحُرّة لبناء دولة العراق ومؤسّساته. 


*٩ -* فتواه الجهاد الكفائي لصدّ هجمات داعش الإرهابي. 


*١٠ -* مساعدة ملايين الفقراء والأيتام والنازحين ما آلاف الطلبة في الحوزات العلميّة.. ماليًّا وعلاجيًّا وسكنيّا ومعيشيًّا... 


*وفي الختام:*


إنّ هذه المواقف المناقبيّة والإنجازات العظيمة للمرجع السيستاني ومرجعيّته الرشيدة لها جذور في الفكر الشيعي الرائد.. حيث بنى عليها المرجع السيستاني شخصيّته ضمن أقسى ظروف مرّتْ على سماحته في النجف الأشرف من قِبَل نظام صدّام الدموي وكذلك بعد سقوطه.. وهذا يدلّنا ويكشف للأجيال على أنّ المرجعيّة الشيعيّة عندما تحصل على فرص التنفيس فإنها لن تَألُوَ جهدًا في خدمة الدّين والناس والوطن دون تفريق بين العرب والعجم والشيعة والسنّة والمسلم غير المسلم وبلا تمييز بين بلدٍ وبلد.


هذه الحقائق المُشرِقة يمكننا رصدها في كلّ المرجعيّات الشيعيّة المعاصرة والماضية.. والسيستاني مثالًا.



*إعداد مكتب العلّامة المهتدي*

 

٤/شهر صفر/١٤٤٥

2023/8/21



الجمعة، 4 أغسطس 2023

القصة الكاملة لهداية حاكم إيران وشعبه


 هو العالم الكبير الشيخ جمال الدين الحسن بن يوسف المطهر الحلي (648 ـ 726 هـ) ، المعروف بالعلامة الحلي الفقيه والمتكلم الشيعي في القرن الثامن

للهجرة . من أشهر مؤلفاته : كشف المراد ، ونهج الحق وكشف الصدق ، وباب الحادي عشر ، وخلاصة الأقوال ، والجوهر النضيد .

يوجد قبره الشريف أسفل المنارة الجنوبية لمرقد امير المؤمنين (عليه السلام) وهو من أحد أقرب القبور للضريح المقدس

عاصر العلامة الحسن بن المطهر الحلي ابن تيمية وللاسف كان يلقبه بالقبيح ابن المنجس وفي أحد سفرات العلامة الحلي إلى مكة صادف حلقة دراسية لابن تيمية وبدأ بعرض الإشكاليات والاستفسارات على ابن تيمية فأحرجه !
ثم . سأله ابن تيمية ما اسمك ؟ قال : أنا القبيح ابن المنجس فاحرج ابن تيمية وقام واعتذر للعلامة الحلي .

كان العلامة أول من لقب بآية الله ؛ وذلك لفضله وعلمه الكثير ، فمن جملة أساتذته السيد ابن طاووس ، والخواجة نصير الدين الطوسي ، وابن ميثم البحراني ، ومن أشهر تلامذته : قطب الدین الرازي ، وفخر المحققين .

القصة الكاملة لهداية حاكم إيران وشعبه

روي أن السلطان حاكم ايران "محمد شاہ خدا بنده" المغولي غضب يوماً على امرأته ، فقال لها : « أنت طالق ثلاثاً ، ثم ندم» وجمع العلماء فقالوا : لابد من المحلل "اي ان تتزوج شخصا آخر"
فقال : عندكم في كل مسألة أقاويل مختلفة أو ليس لكم هنا اختلاف؟
فقالوا : لا. فقال أحد وزرائه : إن عالما بالحلة ، وهو يقول ببطلان هذا الطلاق ،
فبعث كتابه إلى العلامة وأحضره ، فلما بعث إليه . قال علماء العامة - أنه مذهب باطل ، ولا عقل للروافض ، ولا يليق بالملك أن يبعث إلى طلب رجل خفيف العقل .

فلم يهتم الملك لكلامهم فلما حضر العلامة بعث الملك إلى جميع علماء المذاهب الأربعة وجمعهم ، فلما دخل العلامة أخذ نعليه بيده ، ودخل المجلس . وقال : "السلام عليكم" ، وجلس عند الملك . فقالوا للملك : ألم نقل لك أنهم ضعفاء العقول؟
قال الملك : اسألوه عما فعل فقالوا له : "لم لم تسجد للملك ، وتركت الآداب؟"
فقال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) كان ملكا ، وكان يسلم عليه ، وقال الله : ( فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة ) .
ولا خلاف بيننا وبينكم أنه لا يجوز السجود لغير الله ، قالوا له : " لم جلست عند الملك؟ . قال : " لم يكن مكان غيره" ؟ وكلما يقول العلامة بالعربي كان المترجم يترجم للملك . قالوا له : "لأي شئ أخذت نعلك معك ، وهذا مما لا يليق بعاقل بل إنسان؟"
قال : "خفت أن يسرقه الحنفية كما سرق أبو حنيفة نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
فصاحت الحنفية : "حاشا وكلا . متى كان أبو حنيفة في زمان رسول الله؟ "بل كان تولده بعد المائة من وفاته صلى الله عليه وآله".
فقال : "نسيت فلعله كان السارق الشافعي . فصاحت الشافعية كذلك ، وقالوا :
" كان تولد الشافعي في يوم وفاةزأبي حنفية وكان نشوؤه في المائتين من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله" .
قال : "ولعله كان مالكاً ، فصاحت المالكية كالأولين . قال : "فلعله أحمد بن حنبل ، " ففعلت الحنبلية كذلك
فأقبل العلامة إلى الملك ، وقال : "أيها الملك علمت أن - رؤساء المذاهب الأربعة لم يكن أحدهم في زمن رسول الله - (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا الصحابة ، فهذا أحد بدعهم أنهم اختاروا من مجتهديهم هذه الأربعة ، ولو كان فيهم من كان أفضل منهم بمراتب لا يجوزون أن يجتهد بخلاف ما أفتى واحد منهم .
"يقصد الائمة الأربعة"
فقال الملك : "ما كان واحد منهم في زمان رسول الله والصحابة؟ فقال
الجميع : لا. فقال العلامة : ونحن معاشر الشيعة تابعون - لأمير المؤمنين (عليه السلام ) نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله ) وأخيه وابن عمه ووصيه ، وعلى أي حال فالطلاق الذي أوقعه الملك باطل ، لأنه لم يتحقق شروطه ومنها العدلان ، فهل قال الملك بمحضرهما؟ قال : "لا" .
ثم شرع في البحث مع العلماء حتى ألزمهم جميعاً ، فتشيع الملك ، وامر باعلان المذهب الجعفري المذهب الرسمي للبلاد .

تاريخ المآتم في المنامة

 تاريخ المآتم في المنامة

في المدينةِ التي غدت مركزا تجاريا مركزياً في القرنِ الثامنِ عشر، ومتطوراً بشكل سريع في القرنِ التاسعِ عشر؛ فإن أبرزَ ما صاحبَ هذا التشكل وما ميَّزهُ حتى اليوم هو التنوعُ والتعايشُ والتسامحُ الدينيُ والمذهبي.

في مدينةِ المنامة، حيثُ الذاكرةُ تتسعُ والجغرافيا تتجاوزُ نفسها باحتواءِ الجميع؛ مكانٌ يعرّفُ نفسهُ بالتعددِ والاختلاف، مكانٌ يحتوي عوالمَ لا تتقاطعُ إلا فيه.

المآتم مكوّنٌ أساسيٌ من نسيجِ المنامةِ منذ بداياتِ تأسيسها، ففي القرنِ التاسعِ عشر وبناءً على حركتها وسوقِ اللؤلؤ بها، ونتيجةً للوضعِ الماديِّ المربحِ من تجارةِ اللؤلؤ في البحرينِ عموماً، وفي المنامة خصوصاً، الذي تواصلَ حتى الرُبعِ الأولِ من القرن العشرين؛ ظهرت ونمت طبقةُ التجار من “الطواويش”، و”المسقّمين”، أو الممولين لرحلاتِ الغوص، و”النواخذة”، وسماسرة اللؤلؤ. من بين هؤلاء في العاصمة المنامة، اتجهَ البعضُ لإنشاءِ الحُسينيات بالمعنى المستقلِ لها كمبنى في قطعةِ أرضٍ أُوقفَت لهذا الغرضِ تحديداً قبل أن تكونَ هناكَ أوقاف ونظامٌ خاصٌ لها، وتسجيلٍ لكُلِ ما يدورُ فيها.

فامتلأت المنامةُ بكثافةِ المآتمِ حتى وصلَ عدَدُها التقريبيُ في العاصمةِ المنامة، أي المنامةِ التاريخية، وحدها 84 مأتما منها 46 للنساء.

فقد كانت مجالسُ الوعظِ والنواحةِ الحسينيةِ في البحرين تقامُ في المنازلِ أو في حُسينياتٍ متواضعةِ البناء من السعفِ وجذوعِ النخيل، ويقدَّرُ عددُ المآتم في البحرين عامة بحوالي ألفٍ وخمسمئةِ مبنًى مستقلٍ كحسينيةٍ يشمل كافةَ الأحجامِ في المباني والإمكانيات.

فما هي أقدمُ حسينيةٍ بُنيت في المنامة؟  

وثائقيًا أثبتت بعض الوثائق المؤكدةُ وجود حسينياتٍ في المنامةِ بعد النصفِ الثاني من القرن التاسع عشر للميلاد، مثل حسينيةِ البدع عام ألف وثمانمئة وثمانيةٍ وخمسين (العام 1858م). فقبل منتصف القرن التاسع عشر، تفرعَ من العاصمةِ المنامة القديمةِ حيٌ جديدٌ سُمي بالبدعِ نسبةً للمنطقةِ التي أُقيمَ بها. والبدْع، تعني المنطقةَ المنخفضةَ من الأرضِ، وبها مقوماتٌ زراعيةٌ.

وإن كانتْ بعضُ الرواياتِ الشفاهيةِ تعودُ بتأسيسِ بعضِ المآتم إلى الثُلثِ الأولِ من القرنِ التاسع عشر كحسينيةِ “الكرخانة- بن أمان” ألفٍ وثمانمئة وأربعةٍ وعشرين(1824) وبيت محمد حسين العريض عام ألفٍ وثمانمئة وخمسة وعشرين ، وبن رجب ألف وثمانمئة وخمسة وثلاثين (العام 1835)، و بن سلوم في حدود عام ألفٍ وثمانمئةٍ وأربعين1840م. ومأتم مدن عام ألف وثمانمئة واثنين وأربعين (العام 1842م). أو النصف الثاني من ذات القرن؛ مثل حسينية الحاج (خلف البقالي) في فريق “الحطب”، وتُطل على أهم شوارع المنامة التجارية. و رواية تأسيسها تعود لعام ألفٍ وثمانمئةٍ واثنين وستين 1862م تقريباً ،وحسينية الساكن في العام ألفٍ وثمانمئةٍ وستةٍ وستين 1866م ،و حسينية العريض عام ألف وثمانمئة وسبعين (العام 1870)، أما حسينية (أولاد بن ناصر)أو (المديفع حاليا)، فالمشهور أنها تأسست في العام ألفٍ وثمانِ مئةٍ وخمسةٍ وسبعين 1875م، على يد أحمد بن علي بن ناصروأخوته، وهو من تجارِ مجتمعِ اللؤلؤ في المنامةِ آنذاك.

وفي الجانبِ المقابل، قام أحمد بن علي بن ناصر كذلكَ بتأسيسِ حسينيةٍ أخرى سُميت فيما بعد بحسينية بن زبر، و ذلك كان في عام ألفٍ وثمانِ مئةٍ وواحدٍ وثمانين (188١م).

وأيضا في العام ذاته تأسست حسينية القصاب مجاورة لحسينية مدن .

وكذلكَ في نفسِ الفترةِ تأسست حسينيةُ العجمِ الكبيرة وربما كان قبل ذلك ،حيث كانت في موقعٍ آخر وكان البناءُ في بدايته من الخوص وجريد النخل والطين فيما يُسمى حينها بـ “البرستج” .

وتأسست الحسينيةُ المميزةُ بعزاء ما يُعرف في البحرين بموكب الزنجيل المعروف بحسينية الحاج عباس بن فضل عام ألف وثمانمئة وخمسة وتسعين (العام 1895)

واستمر بناءُ وتأسيسُ ووقفُ الحسينياتِ والمآتمِ في المنامةِ على هذا النحوِ متصلًا حتى القرنِ العشرين وازدادت أعدادُ المآتمِ الرجاليةِ والنسائيةِ في المنامة إلى أن وصلت إلى هذا النحوِ من الكثافةِ التي هي عليهِ اليوم.

للمآتم أدوارٌ عديدة، فهي تقيمُ المجالسَ الوعظيةَ والرثائية وتذكرُ مناقبَ الرسولِ الأعظم وآل بيته الكرام (ع) باستقطابِ خطباءَ محليين ومن خارجِ البحرين، وتروي قصةَ مقتلِ الحسين (ع) ومحاضراتٍ أخلاقيةٍ ودينيةٍ تهدفُ لتوعيةِ الأفراد. واستضافةِ المناسباتِ الاجتماعية.

و كانت المآتمُ أيضًا ملتقَى الأعيانِ والتجار، ورجال الدين، وأصحاب الحَلِ والعقدِ على المستوى الشعبي في المنامة والقرى، واستمرت طوال تاريخها بهذا الشكلِ وهي تستقطبُ الفعالياتِ الرسميةَ الكبيرةَ؛ مثل حفلِ تأبين حاكمِ البحرين الراحل الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، ومبايعةِ نجله الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة في ثلاثينيات القرن العشرين؛ التي تمّت في حسينيةِ بن رجب بحضور المعتَمِد السياسي البريطاني والمستشار (بلجريف)، وجمعٍ غفيرٍ من الشخصياتِ والوجهاءِ في البلاد

وللنساءِ دورهنَّ البارزُ أيضًا في استحضارِ الشعائر الحسينيةِ والمراثي، فلهنَ مآتمهنّ الخاصة، يدربن بعضهن بعضًا على الخطابةِ بأطوارهنَّ وطريقتهن الخاصةِ ويشتركن معًا في طهي وإعداد الوجبات بغرض التوزيع.

 كما تنشط مع الخطابةِ الرئيسيةِ فعالياتٌ مصاحبةٌ أهمها مواكبُ اللطمِ والزنجيلِ والطبخ والتوزيع، إضافةً لفعالياتٍ فنيّة وثقافية وصحية واجتماعية تنبثق من قيم الرسول الأكرمِ وأهل بيته عليهم السلام.

تبقى المنامة، أوسعُ الأماكنِ بتعدُدِهَا وتنوُعِها، باحترامها للآخر، وفهمها أن الجمالَ يكمنُ في الاتصالِ بالآخرين، في مَنحِهِم مساحتَهُم التي تليقُ بهم وبوجودهم المؤثر بها، تصيرُ المنامة أكبر وأكبر.

المصدر : موقع حكاية المنامة

الخميس، 3 أغسطس 2023

الصبان أو صبان البحر أو الحصم


 الصبان أو صبان البحر أو الحصم

يتم فرشه قديماً على الأرض في البيوت والمساجد والمدارس العلمية القديمة بسبب مميزاته في سحب المياه وبقاء الأرض جافة وهي تنتشر بصورة كثيرة في الرمال البحرية

الاثنين، 31 يوليو 2023

دور مالك الأشتر في فتح مصر

 دور مالك الأشتر في فتح مصر

وقد روته عدة مصادر ، منها ما رواه الواقدي:٢/٦٦: (فقال يزيد بن أبي سفيان : أنا والله رأيت مالكاً الأشتر النخعي ، وعرفته بطول قامته وركبته على فرسه...).

وذكر في:٢/٢٢١ ، كتاب عمر الى ابن العاص يذكر فيه مالكاً في القادة .

وذكر في:٢/٢٤٠: نداء مالك في المسلمين في مصر يثبتهم ويشجعهم قال : (لاتولُّوا فراراً من الموت ! أتريدون أن تكونوا عاراً عند العرب ! فما عذركم غداً بين يدي رسول الله (ص) ؟ ! أما سمعتم قول الله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ . وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَومُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) .

وذكر في:٢/٢٤٢، أنه كان في قلب جيش الفتح المصري مقابل الروم ، وفي:٢/٢٧٢ مشاركته في فتح البهنسا ، وقال : (ونزل المسلمون بجانب الجبل عند الكثيب الأصفر قريباً من البياض الذي على المغارة نحو المدينة....فلما أصبحوا خرج أعداء الله للقائهم فقال مالك الأشتر : يا قوم إن أعداء الله خرجوا للقائكم فاشغلوهم بالقتال وأرسلوا جماعة منكم يملكون الجسر واستعينوا بالله ).انتهى.

رأيت رواية ألفتتني ، لأنها تدل على أن أبا ذر (رحمه الله)  كان موجوداً في فتح الشام ، فتتبعت خيوطها ، ففتحت عليَّ باباً وكشفت لي حقائق عن الفتوحات الإسلامية ، تخالف روايات الحكومات الرسمية .

قال القاضي النعمان في شرح الأخبار:٢/١٥٦:  (غزا يزيد بن أبي سفيان بالناس وهو أمير على الشام ، فغنموا وقسموا الغنائم ، فوقعت جارية في سهم رجل من المسلمين وكانت جميلة ، فذكرت ليزيد فانتزعها من الرجل ! وكان أبوذر يومئذ بالشام ، فأتاه الرجل فشكا إليه واستعان به على يزيد ليرد الجارية إليه ، فانطلق إليه معه وسأله ذلك فتلكأ عليه ! فقال له أبوذر : أما والله لئن فعلت ذلك ، لقد سمعت رسول الله (ص) يقول : إن أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية ، ثم قام ! فلحقه يزيد فقال له : أذكرك الله عز وجل أنا ذلك الرجل؟! قال : لا فرد عليه الجارية). انتهى .

وفي سير أعلام النبلاء:١/٣٢٩ ، وتاريخ دمشق:٦٥/٢٥٠: (فوقعت جارية نفيسة في سهم رجل فاغتصبها يزيد) . انتهى . وقد روت هذا الحديث أكثر مصادرهم ، وغطى أكثرها على آل أبي سفيان ، فلم يذكروا أن مناسبة الحديث غصب ابن أبي سفيان للجارية ، وقد رأيت في آخر الفصل السابق تصحيح الألباني للحديث ، دون أن يذكر مناسبته ! كما أنهم لم يذكروا شيئاً عن سلوك أخيه معاوية ، لكنه كان في جوه ! 

وممن غطى على بني أمية وحاول تكذيب الرواية بخاري ، فقال في تاريخه:١/٤٥: (كان أبوذر بالشام وعليها يزيد بن أبي سفيان فغزا الناس فغنموا...وهنا بتر بخاري القصة ، وقال: (والمعروف أن أبا ذر كان بالشام زمن عثمان وعليها معاوية ومات يزيد في زمن عمر ، ولا يعرف لأبي ذر قدوم الشام زمن عمر). انتهى.

وإن أحسنا الظن ، فالبخاري غير مطلع ، وإلا فهو متعصب لبني أمية !

وقد روى ابن كثير في النهاية:٨/٢٥٤، قصة هذه الجارية ، ثم قال: (وكذا رواه البخاري في التاريخ وأبو يعلى عن محمد بن المثنى ، عن عبد الوهاب ، ثم قال البخاري : والحديث معلول ولانعرف أن أبا ذر قدم الشام زمن عمر بن الخطاب).

أقول: لكن بخاري لم يروها كاملة ، ولا قال كما نقل عنه ابن كثير !

يدل الحديث المتقدم على أن أبا ذر رضوان الله عليه شارك في فتح الشام ، وكان له نفوذ على قادة جيش الفتح ! وهوما تحرص مصادر دولة الخلافة على إخفائه ، حتى لاتُنسب الفتوحات الى شيعة علي(ع)  ، وحتى لايظهر انحراف خلفائها وأمرائها ، وإدانة الصحابة الأجلاء لهم !

إني أدعو الباحثين خاصة في تاريخ الفتوحات الإسلامية ، لأن يفتحوا الباب على هذه الحقيقة الضخمة التي غطت عليها حكومات الخلافة القرشية ، والتي يشكوعلي(ع) من ظلامتها !

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

جهاد مالك الأشتر بعد اليرموك !

 جهاد مالك الأشتر بعد اليرموك !

وصف ابن العديم في تاريخ حلب:١/٥٦٩ ، توغل الأشتر بعد اليرموك في أرض الروم فقال : (وحدثني الحسن بن عبد الله أن الأشتر قال لأبي عبيدة : إبعث معي خيلاً أتبع آثار القوم وأمضي نحو أرضهم ، فإن عندي جزاءً وغناءً . فقال له أبوعبيدة : والله إنك لخليق لكل خير).

وفي:١/١٥٦: (وأول من قطع جبل اللكام وصار إلى المصيصة مالك بن الحارث الأشتر النخعي من قبل أبي عبيدة بن الجراح ) .

ولا يتسع المجال للتفصيل ، فنكتفي بتسجيل نقاط مختصرة عن بطولاته في فتح بلاد الشام ، التي حكمها قاتله معاوية !

قال الكلاعي في الإكتفاء:٣/٢٧٣: ( وتوجه مع خالد في طلب الروم حين انهزموا فلما بلغوا ثنية العقاب من أرض دمشق وعليها جماعة من الروم عظيمة ، أقبلوا يرمون المسلمين من فوقهم بالصخر ، فتقدم إليهم الأشتر في رجال من المسلمين وإذا أمام الروم رجل جسيم من عظمائهم وأشدائهم ، فوثب إليه الأشتر لما دنا منه فاستويا على صخرة مستوية فاضطربا بسيفيهما فضرب الأشتر كتف الرومي فأطارها ، وضربه الرومي بسيفه فلم يضره شيئاً ، واعتنق كل واحد منهما صاحبه ، ثم دفعه الأشتر من فوق الصخرة فوقعا منها ، ثم تدحرجا والأشتر يقول وهما يتدحرجان : إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ . فلم يزل يقول هذا وهو في ذلك ملازم العلج لا يتركه حتى انتهيا إلى موضع مستومن الجبل ، فلما استقرا فيه وثب الأشتر على الرومي فقتله ، ثم صاح في الناس أن جوزوا ! فلما رأت الروم أن صاحبهم قد قتله الأشتر خلوا سبيل العقبة للناس ، ثم انهزموا ) ! انتهى.

ثم ذكر هزيمة الروم العامة بعد اليرموك ، وفرار هرقل من أنطاكية مودعاً لها : (فقال : السلام عليك ياسورية ، سلام مودع لا يرى أنه يرجع إليك أبداً) !

وذكر البلاذري في فتوحه:١/١٩٤، أن مالك الأشتر كان قائداً في فتح أنطاكية .

وذكر في/٦٣٠ أبا ذر والأشتر في القادة ، في محاصرة مدينة ساحلية..الخ .

وذكر في:١/٣٠٢ ، وما بعدها كيف خطط مالك لفتح حلب ، ثم كيف فتح حصن عزار ، واستخلف عليه سعيد بن عمرو الغنوي ورجع الى أبي عبيدة ، فكتب أبو عبيدة الى عمر بالنصر) .

وفي تاريخ اليعقوبي:٢/١٤١ أن أبا عبيدة أرسله الى : (جمع إلى الروم ، وقد قطعوا الدرب ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، ثم انصرف وقد عافاه الله وأصحابه ).

وذكر الواقدي في:١/٢٢٣ مبارزته لجرجيس أحد قادة الروم في منطقة عمورية ، قال : (وأقبل اليه راهب عمورية وأعطاه صليباً كان في عنقه وقال : هذا الصليب من أيام المسيح يتوارثه الرهبان ويتمسحون به فهو ينصرك ، فأخذ هجرجيس ونادى البراز بكلام عربي فصيح حتى ظن الناس أنه عربي من المتنصرة ، فخرج اليه ضرار بن الأزور كأنه شعلة نار فلما قاربه ونظر اليه والى عظم جثته ندم على خروجه بالعدة التي أثقلته فقال في نفسه : وما عسى يغني هذا اللباس إذا حضر الأجل ، ثم رجع مولياً فظن الناس أنه ولى فزعاً ، فقال قائل منهم : إن ضراراً قد انهزم من العلج وما ضبط عنه قط أنه انهزم ! وهو لا يكلم أحداً حتى صار الى خيمته ونزع ثيابه وبقي بالسراويل ، وأخذ قوسه وتقلد بسيفه وجحفته وعاد الى الميدان كأنه الظبية الخمصاء ، فوجد مالكاً النخعي قد سبقه الى البطريق وكان مالك من الخُطَّاط إذا ركب الجواد تسحب رجلاه على الأرض ! فنظر ضرار فإذا بمالك ينادي العلج : تقدم يا عدو الله يا عابد الصليب الى الرجل النجيب ناصر محمد الحبيب ، فلم يجبه العلج لما داخله من الخوف منه ! قال فجال عليه وهمَّ أن يطعنه فلم يجد للطعنة مكاناً لما عليه من الحديد ، فقصد جواده وطعنه في خاصرته فأطلع السنان يلمع من الجانب الآخر فنفر الجواد من حرارة الطعنة ، وهمَّ مالك أن يخرج الرمح فلم يقدر لأنه قد اشتبك في ضلوع الجواد وهو على ظهره لم يقدر أن يتحرك لأنه مزرر في ظهر الجواد بزنانير الى سرجه ، فنظر المسلمون الى ضرار وقد أسرع اليه مثل الظبية حتى وصل اليه وضربه بسيفه على هامته فشطرها نصفين وأخذ سلبه ، فأتاه مالك وقال : ما هذا يا ضرار تشاركني في صيدي؟ ! فقال ما أنا بشريكك وإنما أنا صاحب السلب وهولي ، فقال مالك : أنا قتلت جواده ! فقال ضرار : رب ساع لقاعد ، آكل غير حامل ! فتبسم مالك وقال : خذ صيدك هنأك الله به ! قال ضرار : إنما أنا مازحٌ في كلامي ، خذه اليك فوالله ما آخذ منه شيئاً وهو لك وأنت أحق به مني . ثم انتزع سلب العلج وحمله على عاتقه وما كاد أن يمشي به وهو يتصبب عرقاً . قال زهير بن عابد ولقد رأيته وهو يسير به وهو راجل ومالك فارس حتى طرحه في رحل مالك ! فقال أبوعبيدة : بأبي وأمي والله قوم وهبوا أنفسهم لله وما يريدون الدنيا ). انتهى.

أقول : لا أظن أن ضرار بن الأزور طان حياً في معركة اليرموك ، ولوكان فغرض الرواية التغطية على هزيمته ، وأن تجعله شريكاً لمالك الأشتر ، فضرار هذا من أتباع السطة ، وهو قاتل مالك بن نويرة (رحمه الله) وكان مُدمنَ خمر حتى شكاه أبوعبيدة الى عمر(الطبري:٣/١٩١ ، وتاريخ دمشق:٢٤/٣٩٠) .

وكان في مهمة في حي من قومه بني أسد فرأى عروساً جميلة تُزَفُّ الى زوجها فغصبها ! فكتب عمر الى خالد بن الوليد أن يرجمه فوصل الكتاب بعد وفاة ضرار ، ففرح بذلك خالد ! (مجموع النووي:١٩/٣٣٨ ، وسنن البيهقي:٩/١٠٤، وتاريخ البخاري:٤/٣٣٨ ، والجرح والتعديل:٤/٤٦٤ ، وتاريخ دمشق:٢٤/٣٨٨ ، وقد وثق في مجمع الزوائد:٦/٢٢١، رواية قتله لمالك بن نويرة (رحمه الله)  ، وبحث ذلك في النص والإجتهاد/١٢١).

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

خوف المسلمين وعمر من جيش الروم في اليرموك

 خوف المسلمين وعمر من جيش الروم في اليرموك

نورد خلاصة بعبارة الواقدي وابن الأعثم ، قال الواقدي في:١/١٦٣: (ثم إن الملك هرقل لما قلد أمر جيوشه ماهان ملك الأرمن ، وأمره بالنهوض الى قتال المسلمين  وركب الملك هرقل وركب الروم وضربوا بوق الرحيل ، وخرج الملك هرقل ليتبع عساكره...

وسار ماهان في أثر القوم بحيوشه والرجال أمامه ينحتون له الأرض ويزيلون من طريقهم الحجارة ، وكانوا لا يمرون على بلد ولا مدينة الا أضروا بأهلها ، ويطالبونهم بالعلوفة والإقامات ولا قدرة لهم بذلك فيدعون عليهم ويقولون : لاردكم الله سالمين .

قال وجَبْلَة بن الأيْهم (رئيس غسان ومن معها) في مقدمة ماهان ومعه العرب المتنصرة من غسان ولخم وجذام.... وجعل الجواسيس يسيرون حتى وصلوا الى الجابية وحضروا بين يدي الأمير أبي عبيدة وأخبروه بما رأوه من عظم الجيوش والعساكر ، فلما سمع أبو عبيدة ذلك عظم عليه وكبر لديه وقال : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وبات قلقاً لم تغمض له عين خوفاً على المسلمين....

قال عطية بن عامر : فوالله ما شبهت عساكر اليرموك إلا كالجراد المنتشر إذْ سدَّ بكثرته الوادي ! قال: ونظرت الى المسلمين قد ظهر منهم القلق وهم لا يفترون عن قول لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ، وأبوعبيدة يقول : ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين .

ثم ذكر/١٧٨رسالة أبي عبيدة الى عمر فقال عمر : (ما تشيرون به عليَّ رحمكم الله تعالى؟ فقال له علي بن أبي طالب : أبشروا رحمكم الله تعالى ، فإن هذه الوقعة يكون فيها آية من آيات الله....قال لعمر : يا أمير المؤمنين أكتب الى عاملك أبي عبيدة كتاباً وأعلمه فيه أن نصر الله خير له من غوثنا ونجدتنا ).

وقال ابن الأعثم في:١/١٧٩: (وبلغ أبا عبيدة بأن ماهان وزير هرقل أقبل في عساكره حتى نزل مدينة حمص في مائة ألف ، فاغتم لذلك... قال ثم تكلم قيس بن هبيرة المرادي فقال : أيها الأمير هذا وقت رأيٌ نشير به عليك ، أترانا نرجع إلى بلادنا ومساقط رؤوسنا ، وتترك لهؤلاء الروم حصوناً ودياراً وأموالاً قد أفاءها الله علينا ونزعها من أيديهم فجعلها في أيدينا ، إذن لا ردنا الله إلى أهلنا أبداً إن تركنا هذه العيون المتفجرة والأنهار المطردة والزرع والنبات والكروم والأعناب والذهب والفضة والديباج والحرير ، والحنطة والشعير ! ونرجع إلى أكل الضب ولبوس العباءة ، ونحن نزعم أن قتيلنا في الجنة يصيب نعيماً مقيماً ، وقتيلهم في النار يلقى عذاباً أليما ! أُثبت أيها الأمير وشجع أصحابك وتوكل على الله ، وثق به ولا تيأس من النصر والظفر . قال فقال أبوعبيدة : أحسنت يا قيس ، ما الرأي إلا ما رأيت ، وأنا زعيم لك ، ولا أبرح هذه الأرض حتى يأذن الله لي ) . انتهى.

أقول : يدل هذا النص على أن خوف بعض المسلمين من الروم قد بلغ مداه ! وأن المعادلة الدنيوية كانت غالبة عليهم ، لكن بعضهم غلبت عليه الطمأنينة والمعادلة الدينية ، كما رأيت في اطمئنان علي (ع) بالوعد النبوي بهزيمة الروم .

وقال الواقدي عن نجدة مالك وخالد الى اليرموك قال:٢/١٩٢: (فلما وصلوا إلى عين التمر استعجل للنصرة ، فترك الجيش وسار في سبعين فارساً ، وأتت بقية السبعمائة بعد ذلك ، وكان معه قيس بن عبد يغوث وقيس بن أبي حازم وسعيد بن نزار ومالك الأشتر النخعي ، فتقدم هاشم وقيس معه في السبعين).

وقال الواقدي:١/٢٢٤يصف المعركة ونصيحة البطاركة لبطلهم ماهان :

(أيها الملك لا تخرج الى الحرب حتى نخرج نحن الى القتال قبلك ، فإذا قُتلنا فافعل بعدنا ما شئت .

قال: فحلف ماهان بالكنائس الأربع لايبرز أحد قبله ! قال فلما حلف أمسكوا عنه وعن مراجعته، ثم إنه دعا بابن له فدفع اليه الصليب وقال : قف مكاني ! وقُدِّم لماهان عُدَّة فأفرغت عليه .

قال الواقدي : وبلغنا أن عدته التي خرج بها الى الحرب تقومت بستين ألف دينار ، لأن جميعها كان مرصعاً بالجوهر ، فلما عزم على الخروج تقدم له راهب من الرهبان فقال : أيها الملك ما أرى لك الى البراز سبيلاً ولا أحبه لك .

قال : ولم ذلك؟ قال: لأني رأيت لك رؤيا فارجع ودع غيرك يبرز .

فقال ماهان : لست أفعل والقتل أحب اليَّ من العار ! قال فبخروه وودعوه .

وخرج ماهان إلى القتال وهو كأنه جبل ذهب يبرق ، وأقبل حتى وقف بين الصفين ودعا إلى البراز وخوَّف باسمه فكان أول من عرفه خالد بن الوليد فقال : هذا ماهان ، هذا صاحب القوم قد خرج ! ووالله ما عندهم شئ من الخير ! قال وماهان يُرَعِّب باسمه ، فخرج اليه غلام من الأوس وقال : والله أنا مشتاق الى الجنة وحمل ماهان وبيده عمود من ذهب كان تحت فخذه فضرب به الغلام فقتله وعجل الله بروحه الى الجنة !

قال أبوهريرة : فنظرت الى الغلام عندما سقط وهو يشير بإصبعه نحو السماء ولم يهله ما لحقه ، فعلمت أن ذلك لفرحه بما عاين من الحور العين .

قال : فجال ماهان على مصرعه وقويَ قلبه ودعا الى البراز فسارع المسلمون اليه فكل يقول اللهم اجعل قتله على يدي (!) وكان أول من برز مالك النخعي الأشتر وساواه في الميدان فابتدر مالك ماهان بالكلام وقال له : أيها العلج لا تغتر بمن قتلته وإنما اشتاق صاحبنا الى لقاء ربه ، وما منا إلا من هو مشتاق الى الجنة ، فإن أردت مجاورتنا في جنات النعيم فانطق بكلمة الشهادة أو أداء الجزية وإلا فأنت هالك لا محالة ! فقال له ماهان : أنت صاحب خالد بن الوليد؟ قال : لا أنا مالك النخعي صاحب رسول الله (ص) ! فقال ماهان : لا بد لي من الحرب ثم حمل على مالك وكان من أهل الشجاعة فاجتهدا في القتال ، فأخرج ماهان عموده وضرب به مالكاً على البيضة التي على رأسه فغاصت في جبهة مالك فشَتَرتْ عينه فمن ذلك اليوم سمي بالأشتر ، قال : فلما رأى مالك ما نزل به من ضربة ماهان عزم على الرجوع ، ثم فكر فيما عزم عليه فدبَّرَ نفسه وعلم أن الله ناصره ، قال والدم فائرٌ من جبهته وعدو الله يظن أنه قتل مالكاً ، وهو ينظره متى يقع عن ظهر فرسه ! وإذا بمالك قد حمل وأخذته أصوات المسلمين يا مالك إستعن بالله يعنك على قرينك ، قال مالك : فاستعنت بالله عليه وصليت على رسول الله (ص) وضربته ضربة عظيمة فقطع سيفي فيه قطعاً غير موهن فعلمت أن الأجل حصين ، فلما أحس ماهان بالضربة ولَّى ودخل في عسكره !

قال الواقدي : ولما ولى ماهان بين يدي مالك الأشتر منهزماً صاح خالد بالمسلمين : يا أهل النصر والبأس إحملوا على القوم ما داموا في دهشتهم ، ثم حمل خالد ومن معه من جيشه ، وحمل كل الأمراء بمن معهم ، وتبعهم المسلمون بالتهليل والتكبير فصبرت لهم الروم بعض الصبر ، حتى إذا غابت الشمس وأظلم الأفق انكشف الروم منهزمين بين أيديهم ، وتبعهم المسلمون يأسرون ويقتلون كيف شاءوا ). انتهى.

أقول : يفهم من الرواية أن مالكاً ضرب قائدهم ماهان ففرَّ جريحاً ، فذهل الروم وتغيرت كفة المعركة لصالح المسلمين ! لكن المرجح أنه قتله فبرز اليه آخران فقتلهما ، ثم ثمانية من قادة جيش الروم ، أو بطاركتهم كما يسمونهم !

فقد روى الكلاعي في الإكتفاء:٣/٢٧٣، واصفاً الأشتر : (كان من جلداء الرجال وأشدائهم ، وأهل القوة والنجدة منهم ، وأنه قتل يوم اليرموك قبل أن ينهزموا أحد عشر رجلاً من بطارقتهم ، وقتل منهم ثلاثة مبارزة ) ! انتهى. 

 بل تشير رواية الطبري:٣/٧٤ ، التالية الى أن ماهان قُتل من ضربة الأشتر : (عن عبد الله بن الزبير قال : كنت مع أبي الزبير عام اليرموك فلما تعبأ المسلمون.....

فهزمت الروم وجموع هرقل التي جمع فأصيب من الروم أهل أرمينية والمستعربة سبعون ألفاً وقتل الله الصقلار وباهان ، وقد كان هرقل قدمه مع الصقلار) . انتهى.

وستعرف أن رواة السلطة يحرصون على طمس بطولات من لايحبونهم أوسلبها منهم ونسبتها الى أتباع السلطة ، وهذا هو السبب في نسبتهم قتل ماهان الى مجهول ! أوقولهم إنه اختلف في الذي قتله ! وكذلك طمسهم مبارزات الأشتر الأخرى ، وأسماء قادة الروم الأحد عشر الذين قتلهم (رحمه الله) .

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

الأحد، 30 يوليو 2023

مالك الأشتر بطل معركة اليرموك

 مالك الأشتر بطل معركة اليرموك

عندما بدأ الروم يحشدون جيوشهم لاسترجاع ما فتحه المسلمون من بلاد الشام كان مالك في العراق ، فحشدوا نحو مئة ألف مقاتل ، وكان عدد المسلمين مقابلهم أقل من ثلاثين ألفاً .

ففي تاريخ دمشق:٢/١٤٣: (أن المسلمين كانوا أربعة وعشرين ألفاً وعليهم أبوعبيدة بن الجراح ، والروم عشرون ومائة ألف عليهم ماهان وسقلان يوم اليرموك).

وفي فتوح ابن الأعثم:١/١٧٣: (ثم جعل ماهان أميراً على جميع أجناده ، وأمر الوزراء والبطارقة والأساقفة أن لايقطعوا أمراً دونه) .

ومن النصوص التي تحدد تاريخ معركة اليرموك ، ما رواه في تاريخ دمشق:٢/١٦٢ قال: (ثم بلغ ذلك هرقل فكتب إلى بطارقته أن اجتمعوا لهم وانزلوا بالروم منزلاً واسع العطن واسع المطرد ، ضيق المهرب...

فنزلوا الواقوصة على ضفة اليرموك ، وصار الوادي خندقاً لهم وهو لهب لايدرك ، وإنما أراد باهان وأصحابه أن يستفيق الروم . . . ومخرجهم صفر سنة ثلاث عشرة وشهري ربيع لايقدرون من الروم على شئ ، ولا يخلصون إليهم واللهب وهو الواقوصة من ورائهم ، والخندق من ورائهم ، ولايخرجون خرجة إلا أديل المسلمون منهم...

وقد استمدوا أبا بكر وأعلموه الشأن في صفر ، فكتب إلى خالد ليلحق بهم وأمره أن يخلف على العراق المثنى ، فوافاهم في ربيع). انتهى.

أقول : وبعد وصول خالد الى دمشق توفي أبوبكر وتولى الخلافة عمر ، فبادر الى عزل خالد وتأمير أبي عبيدة مكانه ، وخاف عمر أن يؤثر عزل خالد على سير المعركة ، ولكن الله لطف على المسلمين ببطولة مالك الأشتر (رحمه الله)  .

وفي تاريخ اليعقوبي:٢/١٤١: (وجمع أبو عبيدة إليه المسلمين وعسكر باليرموك... وجعل أبوعبيدة خالد بن الوليد على مقدمته فواقع المشركين ، ولقي ماهان صاحب الروم... وكانت وقعة جليلة الخطب فقتل من الروم مقتلة عظيمة وفتح الله على المسلمين... وأوفد أبوعبيدة إلى عمر وفداً فيهم حذيفة بن اليمان وقد كان عمر أرِقَ عدة ليال واشتد تطلعه إلى الخبر ، فلما ورد عليه الخبر خرَّ ساجداً وقال : الحمد لله الذي فتح على أبي عبيدة ، فوالله لولم يفتح لقال قائل : لوكان خالد بن الوليد).

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

مالك الأشتر ودوره في معركة القادسية واليرموك

 مالك الأشتر ودوره في معركة القادسية واليرموك !

تدل النصوص المتناثرة في المصادر على دور مالك البطولي والقيادي في المعارك الفاصلة من تاريخنا ! ويظهر أنه (رحمه الله) كان يتحرى بطل العدو أو قائدهم فيبرز اليه ويجندله ، فتتغير المعادلة لصالح المسلمين وتقع في عدوهم الهزيمة ، وهذا ما فعله في معركة مسيلمة الكذاب ، وفي معركة اليرموك ، وغيرهما !

وأنه بعد مشاركته في حرب مسيلمة توجه الى الشام وشارك في معارك الفتح ، ثم عاد الى العراق وشارك في بعض معاركها ، وبعد فتح عين التمر وحاجة جبهة الشام الى مدد ، بادر الى معركة اليرموك وكان بطل النصر فيها ، وبعد اليرموك كان قائداً فعالاً ففتح عدة مدن وحصون في بلاد الشام ، ثم طارد الروم الى جبال اللكام ، وعندما احتاجت اليه جبهة العراق بادر الى معركة القادسية !

وقد ادعت رواية الطبري التالية:٢/٥٩٧،أنه لم يحضر القادسية: (عن أرطأة بن جهيش قال كان الأشتر قد شهد اليرموك ولم يشهد القادسية ، فخرج يومئذ رجل من الروم فقال من يبارز؟ فخرج إليه الأشتر فاختلفا ضربتين فقال للرومي خذها وأنا الغلام الأيادي ! فقال الرومي : أكثر الله في قومي مثلك ، أما والله لولا أنك من قومي لآزَرْتِ الروم ، فأما الآن فلا أعينهم ) . (وتاريخ دمشق:٥٦/٣٧٩) .

أقول: معنى أن هذا البطل الرومي أيادي ، أنه من الغساسنة المتنصرين ، لأنهم يرجعون مع النخع الى أياد ، وقد أعجب ذلك الفارس ببطولة ابن عمه مالك النخعي الأيادي وعاهده أن لا يقاتل مع الروم ضد المسلمين .

وأما قول الرواية إن مالكاً لم يشهد القادسية ، فيردُّه ما رواه الطبري نفسه ومصادر أخرى من أنه جاء من معركة اليرموك مدداً للمسلمين في القادسية وشهدها .

 فقد روى له أبوتمام في ديوان الحماسة:١/٣٩ شعراً قاله في القادسية ، قال: 

(وتلقني يشتد بي أجردٌ  ***** مستقدم البَرْكة كالراكب

هو مالك بن الحارث أحد بني النخع والأشتر لقب له ، كان شاعراً يمانياً من شعراء الصحابة ، شهد حرب القادسية أيام عمر بن الخطاب التي كانت بين المسلمين والفرس ، وكان لعلي في حروبه مثل ما كان علي لرسول الله(ص) ).  

وفي طبقات ابن سعد:٦/٤٠٥: (أخبرنا طلق بن غنام قال : شهد جدي مالك بن الحارث القادسية... ثم قال عن طلق بن غنام : وكان ثقة صدوقاً) .

وفي الأغاني:١٥/٢٠٨: (قال أبوعبيدة في رواية أبي زيد عمر بن شبة : شهد عمرو بن معدي كرب القادسية وهو ابن مائة وست سنين ، وقال بعضهم : بل ابن مائة وعشر ، قال : ولما قتله العلج (كان) عَبَرَ نهر القادسية هو وقيس بن مكشوح المرادي ومالك بن الحارث الأشتر ) . (ومعاهد التنصيص للعباسي:٢/٢٤٤) .

وفي مصنف ابن أبي شيبة:٧/٧١٨: (عن الأعمش عن مالك بن الحارث أوغيره قال : كنت لا تشاء أن تسمع يوم القادسية : أنا الغلام النخعي ، إلا سمعته ) .

وفي ابن أبي شيبة:٨/١٤، (فقال عمر : ما شأن النخع ، أصيبوا من بين سائر الناس أفرَّ الناس عنهم؟ قالوا : لا ، بل وَلُوا أعظم الأمر وحدهم) . ( ونحوه في الإصابة:١/١٩٦).

وذكر ابن أبي شيبة:٨/١٥، أن النخع كانوا في القادسية ألفين وأربع مئة ، أي ربع جيش المسلمين ، وأن ثقل المعركة كان عليهم !

وفي تاريخ الطبري:٣/٨٢ ، أنهم هاجروا من اليمن مع عوائلهم ، وزوجوا سبع مائة بنت الى المسلمين وخاصة الأنصار . (ونحوه في تاريخ دمشق:٦٥/١٠٠) .

وتدل رواية الحافظ الأصبهاني في ذكر أخبار إصبهان:٢/٣١٨ ، على أن الأشتر وفرسان النخعيين توغلوا في فتح إيران وشاركوا في فتح أصفهان ، قال: ( مالك الأشتر بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بنخزيمة بن سعد بن مالك بن النخع ، كان بإصبهان أيام علي بن أبي طالب فيما ذكر عن عمير بن سعيد قال : دخلت على الأشتر بإصبهان في أناس من النخع نعوده ).

ونحوها رواية السمعاني في الأنساب:٥/٤٧٦ ، قال : (ومات بالقلزم مسموماً سنة سبع وثلاثين من الهجرة ، سمه معاوية في العسل ، ولما بلغه الخبر قال : إن لله جنوداً من العسل ! قال عمير بن سعيد : دخلت على الأشتر بأصبهان في أناس من النخع نعوده ، فقال : هل في البيت إلا نخعي؟ قلنا : لا ).

فاتضح أن الروايات التي تنفي مشاركته في القادسية وفتح إيران ، وضعها رواة الخلافة المتعصبون ضده وضد قومه النخعيين ، بسبب تشيعهم !

وقال الواقدي:١/٦٨ ، عن مشاركة مالك في فتوح الشام زمن أبي بكر : (فما لبثوا حتى أقبل مالك بن الأشتر النخعي... وقد عزم على الخروج مع الناس الى الشام .. واجتمع بالمدينة نحو تسعة آلاف ، فلما تم أمرهم كتب أبو بكر كتاباً الى خالد بن الوليد... وقد تقدم اليك أبطال اليمن وأبطال مكة ، ويكفيك بن معد يكرب الزبيدي ، ومالك بن الأشتر ) .

وقال في٤٦٢ ، في فتح الموصل : (والتقى مالك الأشتر بيورنيك الأرمني فلما عاين زيه علم أنه من ملوكهم ، فطعنه في صدره فأخرج السنان من ظهره ) .

وقال ابن الأعثم:١/٢٥٨ في فتح آمد وميافارقين في تركية :(ثم أرسل عياض مالك الأشتر النخعي وأعطاه ألف فارس ، وأرسله إلى ناحية آمد وميافارقين ، وحين وصل مالك مع الجيش إلى آمد تبين له أن القلعة حصينة جداً فأخذ يفكر بالأمر وأن مقامه سيطول هناك ، ولما اقترب من آمد وعاين بنفسه قوة الحصن ، أمر الجيش بأن يكبروا معاً تكبيرة واحدة بأعلى صوت ! فخاف أهل آمد وتزلزلت أقدامهم وظنوا أن المسلمين يبلغون عشرة آلاف ، وأنهم لا قِبَلَ لهم بحربهم ، فأرسلوا شخصاً إلى الأشتر فأجابهم الأشتر إلى الصلح ، وتقرر أن يدفعوا خمسة آلاف دينار نقداً ، وعلى كل رجل أربعة دنانير جزية ، ورضي حاكم البلد بهذا الصلح وفتحوا الأبواب ودخلها المسلمون صباح يوم الجمعة ، فطافوا فيها ساعة ثم خرجوا ، وأقاموا على بوابة البلدة ).

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

دور أبي ذر في فتح قبرص

 دور أبي ذر في فتح قبرص

فقال البلاذري في فتوح البلدان:١/١٨٢: (لما غُزيَت قبرس الغزوة الأولى ، ركبت أم حرام بنت ملحان مع زوجها عبادة بن الصامت ، فلما انتهوا إلى قبرس خرجت من المركب وقدمت إليها دابة لتركبها فعثرت بها فقتلتها ، فقبرها بقبرس يدعى قبر المرأة الصالحة .

قالوا : وغزا مع معاوية أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب الأنصاري ، وأبوالدرداء ، وأبوذر الغفاري ، وعبادة بن الصامت ، وفضالة بن عبيد الأنصاري ، وعمير بن سعد بن عبيد الأنصاري ، وواثلة بن الأسقع الكناني ، وعبد الله بن بشر المازني ، وشداد بن أوس بن ثابت ، وهو ابن أخي حسان بن ثابت ، والمقداد ، وكعب الحبر بن ماتع ، وجبير بن نفير الحضرمي). انتهى .

أقول : حشروا إسم كعب الأحبار معهم ، لإعطائه لقب المسلم المجاهد ! وكذلك حشروا إسم معاوية بعبارة مبهمة فيها تدليس (وغزا مع معاوية) ، مع أن تاريخ كعب ومعاوية لم يسجل أنهما حملا سلاحاً وحاربا يوماً ، أوغزيا حتى لمرة واحدة !

ولذا قال في الإستيعاب:٤/١٩٣١:(ويقال إن معاوية غزا تلك الغزاة بنفسه ، ومعه أيضاً امرأته فاختة بنت قرظة ). انتهى .

ويشير النص التالي الى أن معاوية كان ينتظر الجيش في الساحل بطرسوس!

ففي مسند الشاميين للطبراني:٢/٧٣ ، عن جبير بن نفير قال : (أخرج معاوية غنائم قبرس إلى الطرسوس من ساحل حمص ، ثم جعلها هناك في كنيسة يقال لها كنيسة معاوية ، ثم قام في الناس فقال : إني قاسم غنائمكم على ثلاثة أسهم : سهم لكم ، وسهم للسفن ، وسهم للقبط ، فإنه لم يكن لكم قوة على غزو البحر إلا بالسفن والقبط . فقام أبوذر فقال : بايعت رسول الله على أن لا تأخذني في الله لومة لائم : أتقسم يا معاوية للسفن سهماً وإنما هي فيؤنا ، وتقسم للقبط سهماً وإنما هم أجراؤنا ، فقسمها معاوية على قول أبي ذر) . ( ونحوه في:٢/١٢٠ ، وتاريخ دمشق:٦٦/١٩٣ ، وحلية الأولياء:٥/١٣٤) .

أما البخاري فروى الحديث بدون ذكر أبي ذر ، ولا أبي أيوب ، ولا غيرهما من الصحابة ! لأن غرضه فقط أن يمدح معاوية بأنه أول من ركب البحر للغزو ، ويروي حديثاً يحتمل أن يكون مدحاً لمعاوية !

قال البخاري في:٣/٢٠٣: (أم حرام بنت ملحان قالت نام النبي (ص) يوماً قريباً مني ثم استيقظ يتبسم ، فقلت ما أضحكك ؟ قال أناس من أمتي عرضوا على يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة ! قالت : فادع الله أن يجعلني منهم ، فدعا لها ، ثم نام الثانية ففعل مثلها ، فقالت مثل قولها فأجابها مثلها ، فقالت ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت من الأولين ! فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازياً أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية ، فلما انصرفوا من غزوهم قافلين فنزلوا الشام فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت) انتهى.

وقد صحح ابن حجر وغيره خطأ البخاري في روايته ولم يذكروا معاوية !

قال في تهذيب التهذيب :١٢/٤١١: (والصحيح العكس ، فقد قال غير واحد وثبت غير واحد أنها خرجت مع زوجها عبادة في بعض غزوات البحر ، وماتت في غزاتها وَقَصَتْها بغلتها عندما نقلوا ، وذلك أول ما ركب المسلمون في البحر في زمن معاوية في خلافة عثمان . زاد أبونعيم الأصبهاني وقبرت بقبرس . قلت : والإسماعيلي في مستخرجه عن الحسن بن سفيان عن هشام بن عمار قال : رأيت قبرها ووقفت عليها بقبرس) .

(ونحوه في صحيح ابن حبان:١٠/٤٦٨ ، وطبقات ابن سعد:٨/٤٣٥ ، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي:٢/٨٥١ ، وتاريخ دمشق:٧٠/٢١٧، وغيرها . وفي تهذيب التهذيب:١٢/٨٢: ركبتْ البحر عام قبرس ، مع ثلاثة عشر رجلاً من الصحابة ، منهم أبوذر ).

أقول : يصعب تصديق حديث بنت ملحان وأمثاله ، الذي يذكر أن النبي (ص)  كان يزورها كأنها والدته أو خالته ، وينام في بيتها ويرى رؤية تتعلق بها !

وأنها كانت تفلي رأسه كابنها أو أخيها ، وكأن رأس النبي (ص) فيه قمل كرؤوس رجالهم !

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

دور أبي ذر (رحمه الله) في الفتوحات

 دور أبي ذر (رحمه الله) في الفتوحات

دور أبي ذر (رحمه الله) في الفتوحات واحدٌ مما طمسه تاريخ الخلافة الرسمي! فقد صوروا أبا ذر (رحمه الله) كأنه بدوي ساذج متزمت سئ الخلق ، وكأنه صغير الجثة ضعيف البنية عن الجهاد ! بينما نطقت ثنايا مصادرهم بالحقائق ، وأنه كان رجلاً جسيماً طويلاً ، وقائداً شجاعاً ذكياً !

(وكان أبوذر طويلاً عظيماً رضي الله عنه وكان زاهداً متقللاً من الدنيا...وكان قوالاً بالحق).(تهذيب الأسماء للنووي:٢/٥١٣).

(وكان أبوذر طويلاً عظيماً) .(أسد الغابة:٥/١٨٨ ، ومستدرك الحاكم:٣/٥١) .

(رجلاً طويلاً آدم أبيض الرأس واللحية). (الطبقات:٤/٢٣٠) .

(فجلس... فرجف به السرير ، وكان عظيماً طويلاً ) (سير أعلام النبلاء للذهبي:٢/٦٩).

وكان له فرس أصيل يقال له : الأجدل . (أنساب الخيل لابن الكلبي ص ٦، وأسماء خيل العرب وفرسانها لابن الأعرابي ص ٢).   

ومضافاً الى الرواية المتقدمة في استنكاره على الأمير الأموي لغصبه الجارية التي تدل على أنه كان في فتح الشام (سير أعلام النبلاء:١/٣٢٩ ، وتاريخ دمشق:٦٥/٢٥٠).

فقد قالت رواية الواقدي في فتوح الشام:٢/٢٥٤: (ثم حمل من بعده العباس بن مرداس ، ثم من بعده أبوذر الغفاري ، ثم تبارد المسلمون بالحملة ، فلما رأى الروم ذلك ايقظوا أنفسهم في عددهم وعديدهم وتظاهروا البيض والدرع ، ولم يزل القتال بينهم حتى توسطت الشمس في قبة الفلك).

وقال الواقدي أيضاً:٢/٥٨٣: ( ثم استدعى من بعده أبا ذر الغفاري ، وأمَّره على خمسمائة فارس ، وسلمه الراية فتوجه وهو يقول :

سأمضي للعداة  بلا  اكتئاب ***** وقلبي للِّقا  والحرب صابي

وإن صال الجميع بيوم حرب ***** لكان الكلُّ عندي كالكلاب

أذلهمُ  بأبيض  جوهريٍّ ***** طليقِ الحدِّ  فيهم  غيرُ آبي )

انتهى .

بل تدل عدة روايات كما يأتي على أن أبا ذر (رحمه الله) سكن الشام من أول حكم عمر ، للمشاركة في الفتوحات ، وعاد منها في زمن عثمان ، ثم نفاه اليها عثمان لمدة سنة ، ثم أعاده ونفاه الى الربذة فبقي فيها سنتين أو أكثر حتى توفي غريباً سنة٣٢ هجرية . وهذا يعني أنه قضى نحو عشرين سنة في الشام .

أما دور أبي ذر في فتح مصر فقد روت أكثر مصادر الحديث أنه كان يمرِّغ فرسه ويروِّضه ، فسألوه عن حبه له فقال : (ليس من ليلة إلا والفرس يدعو فيها ربه فيقول : رب إنك سخرتني لابن آدم وجعلت رزقي في يده ، اللهم فاجعلني أحب إليه من أهله وولده ، فمنها المستجاب ومنها غير المستجاب ، ولا أرى فرسي هذا إلا مستجاباً).

رواه أحمد:٥/١٦٢، و١٧٠، والنسائي:٦/٢٢٣، وفي الكبرى:٣/٣٦ ، والبيهقي في سننه:٦/٣٣٠ ، وعلل أحمد بن حنبل:٣/٤٠٤ ، وعلل الدارقطني:٦/٢٦٦ ، وسنن سعيد بن منصور:٢/٢٠٤، والعظمة لأبي الشيخ:٥/١٧٨٠، وحلية الأولياء:٨ /٣٨٧ ، والفردوس بمأثور الخطاب:٤/٥٣ ، وتفسير ابن كثير:٢/٣٣٤ ، والفروسية لابن قيم الجوزية ص١٣٠، وكنز العمال:٦/٣٢١ ...الخ. روته هذه المصادر وغيرها ولم تذكر مناسبته مع أنه حديث نبوي !إلا ثلاثة منها كشفت ربما عن غير قصد دور أبي ذر في فتح مصر !

قال السيوطي في الدر المنثور:٣/١٩٧: (وأخرج أبوعبيدة في كتاب الخيل عن معاوية بن خديج ، أنه لما افتتحت مصر كان لكل قوم مراغة يمرِّغون فيها خيولهم  ، فمر معاوية (يقصد ابن حديج التميمي) بأبي ذر رضي الله عنه وهو يمرغ فرساً له فسلم عليه ووقف ، ثم قال : يا أبا ذر ما هذا الفرس؟ قال فرس لي ، لا أراه الا مستجاباً ! قال : وهل تدعو الخيل وتجاب ؟ قال : نعم ، ليس من ليلة إلا والفرس يدعو فيها ربه فيقول : رب إنك سخرتني لابن آدم وجعلت رزقي في يده ، اللهم فاجعلني أحب إليه من أهله وولده ، فمنها المستجاب ومنها غير المستجاب ، ولا أرى فرسي هذا إلا مستجاباً) . (وحياة الحيوان للدميري ص٩٣٠).

وفي نهاية الإرب: ص٢٠٣٦: (لما نزل المسلمون مصر كانت لهم مراغة للخيل ، فمر حديج بن صومي بأبي ذر رضي الله عنه وهو يمرغ فرسه الأجدل ، فقال...)

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

أبرز القادة الشيعة الذين شاركوا في فتح العراق

  أبرز القادة الشيعة الذين شاركوا في فتح العراق

أبرز القادة والفرسان الشيعة الذين شاركوا في فتح العراق وإيران، هم:

المثنى بن حارثة ، وإخوته مسعود والمعنى وإبراهيم ، وبقية قادة جيشه من بني شيبان وبني عجل وبني تميم ، وغيرهم . والمثنى أكثر القادة تأثيراً في فتح العراق .

وسلمان الفارسي ، الذي نشط في دعوة الفرس إلى الإسلام ، خاصة شخصياتهم وحكامهم ، وقد عينه عمر رائد المسلمين وداعيتهم ، ثم أميناً على كنوز كسرى وأمواله عند فتح المدائن ، ثم والياً على المدائن ، وقاد بعض الفتوحات عسكرياً .

وعمار بن ياسر ، كان والي الكوفة ، وقائداً في معركة فتح تستر ، وهو الذي جاء بالهرمزان أسيراً إلى المدينة ، فأسلم على يد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

ثم كان عمار قائداً في معركة نهاوند ، وغيرها من معارك فتح إيران .

وحذيفة بن اليمان ، كان قائداً في معارك فتح العراق ، والقائد العام في فتح نهاوند ، وما بعدها ، ثم في فتح أرمينيا ، ومناطق من آسيا .

وعدي بن حاتم الطائي ، كان قائداً في معارك فتح العراق وإيران ، والشام .

وحجر بن عدي ، كان قائداً في القادسية والمدائن وجلولاء ، وفي فتح الشام .

وأبو عبيد بن مسعود الثقفي ، كان والياً على العراق ، وقائداً لمعركة الجسر أو قس الناطف ، واستشهد فيها رضي الله عنه .

وهاشم المرقال بن عتبة بن أبي وقاص ، كان قائداً في معركة أجنادين التي سببت فتح فلسطين ، ثم في معركة اليرموك ، ثم في معركة القادسية .

وكان القائد العام من قبل عمه سعد في معركة المدائن وجلولاء وحلوان ، وقائداً في معركة نهاوند ، ثم كان له دور في ترسيخ حكم المسلمين في مصر .

وقطبة بن قتادة بن الخصاصية ، وابنه سويد ، وهو صحابي ، كان مع المثنى يغير على مسالح الفرس في البصرة .

وبشير بن الخصاصية، وهو صحابي قائد ، كان المثنى يعتمد عليه في الإدارة والمعارك ويستخلفه إذا غاب ، وقد استخلفه قائداً لجيشه عندما توفي .

وعمرو بن حزم ، كان يغير مع المثنى على أطراف أرض السواد .

والنعمان بن مقرن ، وإخوته ، وهم سبعة : معقل وعقيل وسويد وسنان وعبد الرحمن ، وسابع لم يسم ، صحابة كان يعتمد عليهم علي ( عليه السلام ) ، وكلهم قادة ، كانوا مع علي ( عليه السلام ) عندما خرج للدفاع عن المدينة ، وكانوا قادة في فتح العراق وغيره . وكان النعمان القائد العام لمعركة نهاوند باقتراح علي ( عليه السلام ) ، وقد استشهد فيها .

ومذعور بن عدي العجلي ، كان قائداً عند المثنى في معركة الجسر ، ومعركة البويب وغيرها . وهو صحابي وفد مع المثنى إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ( تاريخ دمشق : 57 / 198 ) .

لكن رواة الخلافة عاملوهما كأنهما غير صحابة ، تبعاً لعمر !

وعمرو بن معدي كرب الزبيدي ، كان قائداً في معركة اليرموك ، ثم سارع مع هاشم المرقال إلى القادسية وشارك فيها ، ثم في معركة جلولاء وحلوان ، وتستر واستشهد في فتح تستر .

وقيس بن مكشوح المرادي ، وهو صحابي كتب له النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليساعد في قتل مدعي النبوة الأسود العنسي ، وكانت له أدوار بطولية وقيادية في الفتوحات ،

فقد شارك في معركة اليرموك وسارع مع هاشم المرقال إلى العراق، فحضر القادسية وكان قائد ميسرتها ، وكان قائداً فيما بعدها من معارك . وهو من كبار أصحاب علي (عليه السلام)، واستشهد معه في صفين .

وعطارد بن حاجب ، وأبوه حاجب زعيم بني تميم ، الذي اشتهر برهن قوسه وثيقة عند كسرى ، وابنه عطارد جاء بوفد تميم إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأسلم في السنة التاسعة ، وشارك في القادسية وبعض الفتوح ، وكذا ابنه عمير ، وكان من أصحاب علي ( عليه السلام ) وقادته في صفين .

وغيرهم كثير . . ورد ذكرهم في معارك الفتوحات ، وأحداثها .

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

أمير المؤمنين (ع) يرتب وضع البصرة ويواصل فتح إيران والهند

 أمير المؤمنين (ع) يرتب وضع البصرة ويواصل فتح إيران والهند

في تاريخ اليعقوبي:٢/١٨٣: (ولما فرغ من حرب أصحاب الجمل ، وجه جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي إلى خراسان ) .

وفي شرح نهج البلاغة:١٨/٣٠٨: (هبيرة بن أبي وهب ، كان من الفرسان المذكورين ، وابنه جعدة بن هبيرة ، وهو ابن أخت علي بن أبي طالب ، أمه أم هاني بنت أبي طالب ، وابنه عبد الله بن جعدة بن هبيرة ، هو الذي فتح القهندر وكثيراً من خراسان ، فقال فيه الشاعر :

لولا ابن جعدةَ لم تُفتح قهندركم ***** ولا خراسانُ حتى ينفخ الصور

انتهى.

أقول: في معجم البلدان:٤/٤١٩ ، وصحاح الجوهري:١/٤٣٣: قهندز بالزاي .

وقال الطبري في تاريخه:٤/٤٦: (فانتهى إلى أبرشهر وقد كفروا وامتنعوا فقدم على علي فبعث خليد بن قرة اليربوعي فحاصر أهل نيسابور حتى صالحوه وصالحه أهل مرو ، وأصاب جاريتين من أبناء الملوك نزلتا بأمان فبعث بهما إلى علي فعرض عليهما الإسلام وأن يزوجهما ، قالتا زوجنا ابنيك فأبى ، فقال له بعض الدهاقين إدفعهما إليَّ فإنه كرامة تكرمني بها ، فدفعهما إليه فكانتا عنده يفرش لهما الديباج ويطعمهما في آنية الذهب ، ثم رجعتا إلى خراسان ) . انتهى .

وقال ابن خياط في تاريخه ص١٤٣، في حوادث سنة٣٦: ( وفيها ندب الحارث بن مرة العبدي (من البحرين) الناس إلى غزو الهند ، فجاوز مكران إلى بلاد قندابيل ووغل في جبال الفيقان ...) .

وفي فتوح البلدان للبلاذري:٣/٥٣١: (فلما كان آخر سنة ثمان وثلاثين وأول سنة تسع وثلاثين في خلافة الإمام علي بن أبي طالب ع ، توجه إلى ذلك الثغر الحارث بن مرة العبدي متطوعاً بإذن علي ، فظفر وأصاب مغنماً وسبياً ، وقسم في يوم واحد ألف رأس ).

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

ذكر مشورة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

 ذكر مشورة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

قال : فقال علي : يا أمير المؤمنين ، إنك قد علمت أن الله تبارك وتعالى بعث نبيه محمداً (ص) وليس معه ثان ولا له في الأرض من ناصر ولا له من عدوه مانع ، ثم لطف تبارك وتعالى بحوله وقوته وطوله ، فجعل له أعواناً أعز بهم دينه ، وشد أزره وشيد بهم أمره ، وقصم بهم كل جبار عنيد وشيطان مريد ، وأرى موازريه وناصريه من الفتوح والظهور على الاعداء ما دام به سرورهم وقرت به أعينهم ، وقد تكفل الله تبارك وتعالى لاهل هذا الدين بالنصر والظفر والاعزاز . والذي نصرهم مع نبيهم وهم قليلون ، هو الذي ينصرهم اليوم إذ هم كثيرون....

وبعد فقد رأيت قوماً أشاروا عليك بمشورة بعد مشورة فلم تقبل ذلك منهم ، ولم يأخذ بقلبك شئ مما أشاروا به عليك ، لأن كل مشير إنما يشير بما يدركه عقله ، وأعملك يا أمير المؤمنين أنك إن كتبت إلى الشام أن يقبلوا إليك من شامهم لم تأمن من أن يأتي هرقل في جميع النصرانية فيغير على بلادهم ، ويهدم مساجدهم ، ويقتل رجالهم ، ويأخذ أموالهم ، ويسبي نساءهم وذريتهم !

وإن كتبت إلى أهل اليمن أن يقبلوا من يمنهم ، أغارت الحبشة أيضاً على ديارهم ونسائهم وأموالهم وأولادهم !  وإن سرت بنفسك مع أهل مكة والمدينة إلى أهل البصرة والكوفة ، ثم قصدت بهم قصد عدوك ، انتقضت عليك الأرض من أقطارها وأطرافها ، حتى إنك تريد بأن يكون من خلفته وراءك أهم إليك مما تريد أن تقصده ، ولا يكون للمسلمين كانفة تكنفهم ، ولا كهف يلجؤون إليه ، وليس بعدك مرجع ولا موئل ، إذ كنت أنت الغاية والمفزع والملجأ . فأقم بالمدينة ولا تبرحها ، فإنه أهيب لك في عدوك ، وأرعب لقلوبهم ، فإنك متى غزوت الأعاجم بنفسك يقول بعضهم لبعض : إن ملك العرب قد غزانا بنفسه ، لقلة أتباعه وأنصاره ، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وعلى المسلمين ، فأقم بمكانك الذي أنت فيه ، وابعث من يكفيك هذا الأمر . والسلام .

قال : فقال عمر : يا أبا الحسن ! فما الحيلة في ذلك وقد اجتمعت الأعاجم عن بكرة أبيها بنهاوند في خمسين ومائة ألف ، يريدون استئصال المسلمين؟

فقال له علي بن أبي طالب ع : الحيلة أن تبعث إليهم رجلاً مجرباً قد عرفته بالبأس والشدة ، فإنك أبصر بجندك وأعرف برجالك ، واستعن بالله وتوكل عليه واستنصره للمسلمين ، فإن استنصاره لهم خير من فئة عظيمة تمدهم بها ، فإن أظفر الله المسلمين فذلك الذي تحب وتريد ، وإن يكن الأخرى وأعوذ بالله من ذلك ، تكون ردءا للمسلمين وكهفاً يلجؤون إليه وفئة ينحازون إليها .

قال فقال له عمر : نعم ما قلت يا أبا الحسن ! ولكني أحببت أن يكون أهل البصرة وأهل الكوفة هم الذين يتولون حرب هؤلاء الأعاجم ، فإنهم قد ذاقوا حربهم وجربوهم ومارسوهم في غير موطن .

قال : فقال له الإمام علي ع :  إن أحببت ذلك فاكتب إلى أهل البصرة أن يفترقوا على ثلاث فرق : فرقة تقيم في ديارهم فيكونوا حرساً لهم يدفعون عن حريمهم .

والفرقة الثانية يقيمون في المساجد يعمرونها بالأذان والصلاة لكيلا تعطل الصلاة ، ويأخذون الجزية من أهل العهد لكيلا ينتقضوا عليك .

والفرقة الثالثة يسيرون إلى إخوانهم من أهل الكوفة .

ويصنع أهل الكوفة أيضاً كصنع أهل البصرة ، ثم يجتمعون ويسيرون إلى عدوهم ، فإن الله عز وجل ناصرهم عليهم ومظفرهم بهم ، فثق بالله ولا تيأس من روح الله إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ .

ووصف ابن الأعثم في الفتوح:٢/٢٩١، قال: فلما سمع عمر مقالة الإمام علي ع ومشورته ، أقبل على الناس وقال : ويحكم ! عجزتم كلكم عن آخركم أن تقولوا كما قال أبو الحسن ! والله لقد كان رأيه رأيي الذي رأيته في نفسي ، ثم أقبل عليه عمر بن الخطاب فقال: يا أبا الحسن ! فأشر عليَّ الآن برجل ترتضيه ويرتضيه المسلمون أجعله أميراً ، وأستكفيه من هؤلاء الفرس .

فقال الإمام علي ع : قد أصبته ، قال عمر : ومن هو؟ قال : النعمان بن مقرن المزني ، فقال عمر وجميع المسلمين : أصبت يا أبا الحسن ! وما لها من سواه . قال : ثم نزل عمر عن المنبر ودعا بالسائب بن الأقرع بن عوف الثقفي فقال : يا سائب ! إني أريد أن أوجهك إلى العراق فإن نشطت لذلك فتهيأ ، فقال له السائب: ما أنشطني لذلك...) .

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

ذكر ما أشار به المسلمون على عمر بن الخطاب

 ذكر ما أشار به المسلمون على عمر بن الخطاب

وكان أول من وثب على عمر بن الخطاب وتكلم : طلحة بن عبيد الله فقال : يا أمير المؤمنين ، إنك بحمد الله رجل قد حنكته الدهور وأحكمته الأمور وراضته التجارب في جميع المقانب ، فلم ينكشف لك رأي إلا عن رضى ، وأنت مبارك الأمر ميمون النقيبة ، فنفذنا ننفذ ، واحملنا نركب ، وادعنا نجب .

قال : ثم وثب الزبير بن العوام فقال : يا أمير المؤمنين إن الله تبارك وتعالى قد جعلك عزاً للدين.... وبعد فأنت بالمشورة أبصر من كل من في المسجد ، فاعمل برأيك فرأيك أفضل ، ومرنا بأمرك فها نحن بين يديك .

فقال عمر : أريد غير هذين الرأيين ، قال : فوثب عبد الرحمن بن عوف الزهري فقال : يا أمير المؤمنين ، إن كل متكلم يتكلم برأيه ، ورأيك أفضل من رأينا ، لما قد فضلك الله عز وجل علينا ، وأجرى على يديك من موعود ربنا ، فاعمل برأيك واعتمد على خالقك ، وتوكل على رازقك وسر إلى أعداء الله بنفسك ، ونحن معك ، فإن الله عز وجل ناصرك بعزه وسلطانه كما عودك من فضله وإحسانه .

فقال عمر : أريد غير هذا الرأي ، فتكلم عثمان بن عفان فقال : يا أمير المؤمنين إنك قد علمت وعلمنا أنا كنا بأجمعنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله منها بنبيه محمد (ص) ، وقد اختارك لنا خليفة نبينا محمد ، وقد رضيك الأخيار وخافك الكفار ، ونفر عنك الأشرار ، وأنا أشير عليك أن تسير أنت بنفسك إلى هؤلاء الفجار بجميع من معك من المهاجرين والأنصار ، فتحصد شوكتهم وتستأصل جرثومتهم .   

فقال عمر : وكيف أسير أنا بنفسي إلى عدوي وليس بالمدينة خيل ولا رجل ، فإنما هم متفرقون في جميع الأمصار ؟ فقال عثمان : صدقت يا أمير المؤمنين ، ولكني أرى أن تكتب إلى أهل الشام فيقبلوا عليك من شامهم ، وإلى أهل اليمن فيقبلوا إليك من يمنهم ، ثم تسير بأهل الحرمين مكة والمدينة إلى أهل المصرين البصرة والكوفة ، فتكون في جمع كثير وجيش كبير ، فتلقى عدوك بالحد والحديد والخيل والجنود .

قال فقال عمر : هذا أيضاً رأي ليس يأخذ بالقلب ، أريد غير هذا الرأي .

قال : فسكت الناس ، والتفت عمر إلى علي ع فقال : يا أبا الحسن ! لم لا تشير بشئ كما أشار غيرك ؟

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

ثلاثة أنواع من فعالية الإمام علي (ع) في الفتوحات

 ثلاثة أنواع من فعالية علي (ع) في الفتوحات

الأول : أن تلاميذه تصدوا لقيادة معاركها ، حتى لو تعطهم السلطة دوراً القيادة العليا .

كما نرى في خالد بن سعيد بن العاص وأبي ذر وحذيفة بن اليمان وهاشم المرقال والأشتر وحجر بن عدي وغيرهم .

وكل واحد منهم يحتاج الى دراسة خاصة .

الثاني : دور أمير المؤمنين (ع) في استكمال الفتوحات في خلافته بالرغم من ثلاثة حروب داخلية فتحوها عليه ! وقد سجل التاريخ منها فتح قسم من إيران كان مستعصياً ، وفتح قسم من الهند .

الثالث : أن عمر بن الخطاب بعد هزيمة المسلمين في معركة الجسر مع القوات الإيرانية ، أعطى علياً (ع) الدور الأساسي في إدارة الفتوحات ! ذلك أن الفرس طمعوا في استرجاع المناطق التي فتحوها ، وهي البصرة والكوفة والمدائن وجلولاء وخانقين وقسم من الأهواز ، فاستجمعوا قواهم وجمعوا مائة وخمسين ألف مقاتل في نهاوند ، وقرروا أن يجتاحوا هذه المناطق  ثم يزحفوا الى المدينة المنورة ، لاستئصال أصل دين العرب بزعمهم !

فهذه المرحلة كانت سبباً في أن الخليفة عمر أطلق يد علي (ع) في إدارة الفتوحات ، فقد روت المصادر أن عمر خاف خوفاً شديداً ، فاستشار كبار الصحابة ، وعمل برأي علي (ع) وأطلق يده في إدارة الفتح وإرسال القادة الذين يختارهم ، فاختار النعمان بن مقرن ، فإن قتل فحذيفة ، فإن قتل فجرير بن عبدالله البجلي ، وكانت معركة نهاوند الفاصلة التي قصمت قوة فارس!

قال ابن الأعثم في الفتوح:٢/٢٩٠:  (ذكر كتاب عمار بن ياسر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما :

بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبدالله عمر أمير المؤمنين من عمار بن ياسر ، سلام عليك .

أما بعد فإن ذا السطوات والنقمات المنتقم من أعدائه ، المنعم على أوليائه ، هو الناصر لأهل طاعته على أهل الإنكار والجحود من أهل عداوته ، ومما حدث يا أمير المؤمنين أن أهل الري وسمنان وساوه وهمذان ونهاوند وأصفهان وقم وقاشان وراوند واسفندهان وفارس وكرمان وضواحي أذربيجان قد اجتمعوا بأرض نهاوند ، في خمسين ومائة ألف من فارس وراجل من الكفار ، وقد كانوا أمَّروا عليهم أربعة من ملوك الأعاجم ، منهم ذوالحاجب خرزاد بن هرمز ، وسنفاد بن حشروا ، وخهانيل بن فيروزن وشروميان بن اسفنديار ، وأنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا وتحالفوا وتكاتبوا وتواصوا وتواثقوا ، على أنهم يخرجوننا من أرضنا ، ويأتونكم من بعدنا ، وهم جمع عتيد وبأس شديد ، ودواب فَرِهٌ وسلاح شاك ، ويد الله فوق أيديهم .

فإني أخبرك يا أمير المؤمنين أنهم قد قتلوا كل من كان منا في مدنهم ، وقد تقاربوا مما كنا فتحناه من أرضهم ، وقد عزموا أن يقصدوا المدائن ، ويصيروا منها إلى الكوفة ، وقد والله هالنا ذلك وما أتانا من أمرهم وخبرهم ، وكتبت هذا الكتاب إلى أمير المؤمنين ليكون هو الذي يرشدنا وعلى الأمور يدلنا ، والله الموفق الصانع بحول وقوته ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، فرأي أمير المؤمنين أسعده الله فيما كتبته . والسلام .

قال: فلما ورد الكتاب على عمر بن الخطاب وقرأه وفهم ما فيه وقعت عليه الرعدة والنفضة ، حتى سمع المسلمون أطيط أضراسه ! ثم قام عن موضعه حتى دخل المسجد وجعل ينادي : أين المهاجرون والأنصار ! ألا فاجتمعوا رحمكم الله ، وأعينوني أعانكم الله ! ). انتهى .

وفي تاريخ الطبري:٣/٢٠٩: وكتب إليه أيضاً عبد الله وغيره بأنه قد تجمع منهم خمسون ومائة ألف مقاتل ، فإن جاؤونا قبل أن نبادرهم الشدة ، ازدادوا جرأة وقوة...

ثم نقل الطبري مشورة عمر للصحابة وقوله : أفمن الرأي أن أسير فيمن قبلي ومن قدرت عليه ، حتى أنزل منزلا واسطاً بين هذين المصرين فأستنفرهم ، ثم أكون لهم رداء حتى يفتح الله عليهم ويقضى ما أحب ، فإن فتح الله عليهم أن أضربهم عليهم في بلادهم وليتنازعوا ملكهم...؟

فقام طلحة ابن عبيد الله وكان من خطباء أصحاب رسول الله(ص) فتشهد ثم قال : أما بعد يا أمير المؤمنين فقد أحكمتك الأمور وعجمتك البلايا واحتنكتك التجارب ، وأنت وشأنك وأنت ورأيك ، لا ننبو في يديك ولا نكل عليك .

إليك هذا الأمر فمرنا نطع وادعنا نجب ، واحملنا نركب ، وأوفدنا نفد ، وقدنا ننقد ، فإنك ولي هذا الأمر ، وقد بلوت وجربت واختبرت ، فلم ينكشف شئ من عواقب قضاء الله لك إلا عن خيار .

ثم جلس . فعاد عمر فقال : إن هذا يوم له ما بعده من الأيام فتكلموا .

فقام عثمان بن عفان فتشهد وقال : أرى يا أمير المؤمنين أن تكتب إلى أهل الشام فيسيروا من شأمهم ، وتكتب إلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم ، ثم تسير أنت بأهل هذين الحرمين إلى المصرين الكوفة والبصرة ، فتلقى جمع المشركين بجمع المسلمين ، فإنك إذا سرت بمن معك وعندك ، قل في نفسك ما قد تكاثر من عدد القوم ، وكنت أعز عزاً وأكثر...

فقام علي بن أبي طالب فقال : أما بعد يا أمير المؤمنين فإنك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم إلى ذراريهم ، وإن أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة إلى ذراريهم ، وإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك الأرض من أطرافها وأقطارها ، حتى يكون ما تدع وراءك أهم إليك مما بين يديك من العورات والعيالات ! أقْرِرْ هؤلاء في أمصارهم ، واكتب إلى أهل البصرة فليتفرقوا فيها ثلاث فرق : فلتقم فرقة لهم في حرمهم وذراريهم ، ولتقم فرقة في أهل عهدهم لئلا ينتقضوا عليهم ، ولتسر فرقة إلى إخوانهم بالكوفة مدداً لهم .

إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً قالوا هذا أمير العرب وأصل العرب ، فكان ذلك أشد لكلبهم وألبتهم على نفسك .   

وأما ما ذكرت من مسير القوم فإن الله هو أكره لمسيرهم منك ، وهو أقدر على تغيير ما يكره .

وأما ما ذكرت من عددهم ، فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة  ولكنا كنا نقاتل بالنصر .  

فقال عمر : أجل والله لئن شخصت من البلدة لتنتقضن عليَّ الأرض من أطرافها وأكنافها ، ولئن نظرت إلى الأعاجم لا يفارقن العرصة ، وليمدنهم من لم يمدهم وليقولن هذا أصل العرب ، فإذا اقتطعتموه اقتطعتم أصل العرب ). انتهى .

وفي نهج البلاغة:٢/٢٩: ( وقد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه : إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة ، وهو دين الله الذي أظهره ، وجنده الذي أعده وأمده ، حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع . ونحن على موعود من الله ، والله منجز وعده وناصر جنده .

ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمه ، فإن انقطع النظام تفرق وذهب ، ثم لم يجتمع بحذافيره أبداً . والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً ، فهم كثيرون بالإسلام وعزيزون بالإجتماع ، فكن قطباً ، واستدر الرحى بالعرب ، وأصلهم دونك نار الحرب ، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها ، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك !  إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا هذا أصل العرب ، فإذا قطعتموه استرحتم ، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وطمعهم فيك .  

فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين ، فإن الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك ، وهو أقدر على تغيير ما يكره .

وأما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ، وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة ).

ووصف ابن الأعثم في الفتوح:٢/٢٩١، مشاورة عمر للصحابة فقال : ( أيها الناس : هذا يوم غم وحزن فاستمعوا ما ورد عليَّ من العراق ، فقالوا : وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال : إن الفرس أمم مختلفة أسماؤها وملوكها وأهواؤها وقد نفخهم الشيطان نفخة فتحزبوا علينا ، وقتلوا من في أرضهم من رجالنا ، وهذا كتاب عمار بن ياسر من الكوفة يخبرني بأنهم قد اجتمعوا بأرض نهاوند ، في خمسين ومائة ألف ، وقد سربوا عسكرهم إلى حلوان وخانقين وجلولاء ، وليست لهم همة إلا المدائن والكوفة ، ولئن وصلوا إلى ذلك فإنها بلية على الإسلام وثلمة لا تسد أبداً ، وهذا يوم له ما بعده من الأيام ، فالله الله يا معشر المسلمين ! أشيروا عليَّ رحمكم الله ، فإني قد رأيت رأياً ، غير أني أحب أن لا أقدم عليه إلا بمشورة منكم ، لأنكم شركائي في المحبوب والمكروه) .

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني 

الإمام علي ( ع ) يشكو ظلامته وتعمد نسيان دوره في الفتوحات

 الإمام علي ( ع ) يشكو ظلامته وتعمد نسيان دوره في الفتوحات

 

تعامل علي وأهل البيت (عليهم السلام) مع الموجة القرشية ضدهم بعد النبي (ص) بنبل رسالي ، ونفذوا ما أمرهم به حبيبهم النبي (ص) ، وسجلوا صبراً لا نظير له ، فكظموا غيظهم وصبَّروا أنصارهم ، وارتفعوا على جراحهم ، فعملوا مخلصين في تسيير سفينة الإسلام وفتوحاته .

قال عليٌّ (ع) في كتابه إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لما ولاه إمارتها : ( أما بعد فإن الله سبحانه بعث محمداً (ص) وآله نذيراً للعالمين ، ومهيمناً على المرسلين ، فلما مضى تنازع المسلمون الأمر من بعده ، فو الله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده (ص) عن أهل بيته ولا أنهم مُنَحُّوهُ عني من بعده ، (يقصد (ع) أن هذا كان أمراً غير معقول لا يتصور) فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه ، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام ، يدعون إلى محق دين محمد (ص) ! فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً ، تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم ، التي إنما هي متاع أيام قلائل ، يزول منها ما كان كما يزول السراب ، أوكما يتقشع السحاب ، فنهضت في تلك الأحداث ، حتى زاح الباطل وزهق ، واطمأن الدين وتَنَهْنَهْ) . ( نهج البلاغة:٣/١١٨).

وقام أمير المؤمنين (ع) بمهته العظيمة في التخطيط والتوجيه وغرس الثقة والقوة في نفوس القادة والجنود ، حتى امتدت الدولة الإسلامية فشملت إيران وبلاد الشام ومصر وغيرها .

ولكن التاريخ الإسلامي نسب تلك الفتوحات الى أبي بكر وعمر وعثمان وخلفاء بني أمية وتعمد أن يغطي على دور علي (ع)  ، لذلك نراه يشكو ظلامته ويسجلها للتاريخ .

قال شرح النهج:٢٠/٢٩٨: (قال له قائل : يا أمير المؤمنين  أرأيت لو كان رسول الله (ص) ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم ، وآنس منه الرشد ، أكانت العرب تسلم إليه أمرها؟ قال: لا ، بل كانت تقتله إن لم يفعل ما فعلت ، ولولا أن قريشاً جعلت إسمه ذريعة إلى الرياسة ، وسلماً إلى العز والأمرة ، لما عبدت الله بعد موته يوماً واحداً ، ولارتدت في حافرتها ، وعاد قارحها جذعاً ، وبازلها بكرًا ، ثم فتح الله عليها الفتوح فأثْرت بعد الفاقة ، وتمولت بعد الجَهد والمخمصة ، فحسن في عيونها من الإسلام ما كان سمجاً ، وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطرباً ، وقالت : لولا أنه حق لما كان كذا ، ثم نسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها وحسن تدبير الأمراء القائمين بها ، فتأكد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين ، فكنا نحن ممن خمل ذكره ، وخبت ناره ، وانقطع صوته وصيته ، حتى أكل الدهر علينا وشرب ، ومضت السنون والأحقاب بما فيها ، ومات كثير ممن يعرف ، ونشأ كثير ممن لا يعرف .

وما عسى أن يكون الولد لو كان ! إن رسول الله (ص) لم يقربني بما تعلمونه من القُرْب للنسب واللحمة ، بل للجهاد والنصيحة ، أفتراه لو كان له ولد هل كان يفعل ما فعلت! وكذاك لم يكن يَقْرُب ما قَرُبْتُ ، ثم لم يكن عند قريش والعرب سبباً للحظوة والمنزلة ، بل للحرمان والجفوة .  اللهم إنك تعلم أني لم أرد الأمرة ، ولا علو الملك والرياسة ، وإنما أردت القيام بحدودك ، والأداء لشرعك ، ووضع الأمور في مواضعها ، وتوفير الحقوق على أهلها والمضي على منهاج نبيك ، وإرشاد الضال إلى أنوار هدايتك ).

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني

دور علي (ع) وشيعته في الفتوحات

 دور علي (ع) وشيعته في الفتوحات

في رأيي أن السلطة بعد النبي (ص) خافت من حرب مسيلمة والأسود العنسي التي يسمونها حروب الردة ، كما خافت من التوجه الى فتح بلاد فارس والشام ، وأن الذي دفعها الى الفتوحات هو علي (ع) والذين قادوا أهم الفتوحات هم تلاميذه الفرسان ، الذين لم تعطهم السلطة مناصب قيادية ، لكنهم كانوا القادة الميدانيين الذين خاضوا غمار المعارك وحققوا الإنتصارات الواسعة ، كانوا من شيعة علي (ع) وهم :

حذيفة بن اليمان ، وسلمان الفارسي ، وعمار بن ياسر ، وأبي ذر الغفاري ، وخالد بن سعيد بن العاص الأموي وأخواه أبان وعمرو، وهاشم بن أبي وقاص الأموي المعروف بالمرقال وأولاده خاصة عبدالله وعتبة , وبريدة الأسلمي ، وعبادة بن الصامت ، وأبي أيوب الأنصاري ، وعثمان بن حنيف وإخوته، وعبد الرحمن بن سهل الأنصاري، ومالك بن الحارث الأشتر وإخوته ، وعدد من القادة النخعيين معه ، وصعصعة بن صوحان العبدي وإخوته ، والأحنف بن قيس ، وحجر بن عدي الكندي ، وعمروبن الحمق الخزاعي ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وجعدة بن هبيرة ابن أخت أمير المؤمنين(ع) ، والنعمان بن مقرن ، وبديل بن ورقاء الخزاعي ، وجرير بن عبدالله البجلي ، ومحمد بن أبي حذيفة الأنصاري ، وأبي رافع وأولاده ، والمقداد بن عمرو، وواثلة بن الأسقع الكناني ، والبراء بن عازب ، وأبي أيوب الأنصاري ، وبلال بن رباح مؤذن النبي(ص)  ، وعبدالله بن خليفة البجلي ، وعدي بن حاتم الطائي ، وأبوعبيد بن مسعود الثقفي ، وأبي الدرداء ..
ويليهم: جارية بن قدامة السعدي ،  وأبي الأسود الدؤلي ، ومحمد بن أبي بكر ، والمهاجر بن خالد بن الوليد.. وغيرهم من القادة الميدانيين ! ولكل واحد من هؤلاء الأبطال أدوار مهمة ، عتَّم عليها إعلام الخلافة ورواتها ، وأبرزوا بدلها أصحاب الأدوار الشكلية أو الثانوية أو المسروقة !

إني أدعو الباحثين خاصة في تاريخ الفتوحات الإسلامية ، لأن يكشفوا هذه الحقيقة الضخمة التي غطت عليها حكومات الخلافة القرشية ، ورواتها الذين كتبوا التاريخ بحبر الحكام .

المصدر : موقع الشيخ علي الكوراني