وهي واحة ، بل واحات متعددة تقع ضمن حيز من الأرض تحدها رمال الدهناء من الشمال والغرب ، ورمال الأحقاف من الجنوب ، ورمال الجافورة من الشرق ، وكانت قديما في مكان وسط بين عمان وهجر واليمامة ، وفي وقتنا القريب كانت يبرين جميعها لبني مرة القبيلة المعاصرة المعروفة التي أرجح أنها من بقايا عبد القيس ، وهم سكانها من زمن قديم ، وكانت في أول ظهور الإسلام لبني عامر بن الحارث من عبد القيس ، ثم أزاحتهم عنها بنو سعد بن زيد مناة بن تميم ، فسكنتها إلى القرن الرابع الهجري حيث طردهم منها القرامطة ، وأسكنوا فيها بطون من قبيلة عقيل ، وعامتهم بني خويلد بن عامر بن عقيل ، ثم استطاعت قبيلة خطيرة من عبد القيس عرفوا في التاريخ ب(بني الخارجية) ، وهم من بني عامر بن الحارث بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس – الذين كانوا يسكنون الرمل المحدق بيبرين الذي سمى باسمهم )رمل خارجة) – من استرجاع يبرين من بني خويلد العقيليين ، فعادوا لسكناها ، وبقوا فيها حتى وقتنا القريب حيث تعرف بقاياهم الآن ببني مرة ، ومع ذلك فإن بني مرة هؤلاء لم يكونوا يفضلون الاستيطان الدائم في يبرين ، بل كانوا يستوخمونها بسبب كثرة المياه الراكدة والآسنة فيها ، فكانوا لا يأتونها الإ وقت صرام النخيل التي كانت تدين لنفسها بفسها في الحياة على تلك المياه بدون راع يرعاها ، ولهذا ظلت هذه الواحات أشبه ما تكون بالمهجورة كما دون ذلك أكثر من رحلة غربي وعربي .
وباستثناء يبرين التي كانت السيادة المطلقة فيها لقبيلة بني مرة منذ زمن كما سبق وقلت ، فإن الجوف ووادي المياه (الستار) والسودة كانت حتى وقت قريب مسرحا لحروب دائمة بين قبائل البدو منذ قديم الزمان نظرا لخصوبتها وكثرة مياهها ومراعيها ، ولذلك لا يمكن عدها بؤرا للاستيطان الدائم مثل واحات الأحساء والقطيف وجزر أوال التي شهدت استيطانا دائما منذ الآف السنين ، وحتى وقتنا القريب ، حتى وإن شهدت هي الأخرى نزوح هجرات سكانية من داخل الجزيرة العربية الإ أن السكان الأقدمين فيها ، وأعني الشيعة ظلوا متمسكين بقراهم وأماكن سكناهم في هذه الحواضر الثلاث ، وإن كان بعضها قد فقدوه لصالح الوافدين من السنة أو هم يشاركونهم السكن فيه كما رأينا عند ذكرنا لقرى هذه الحواضر وجزرها وواحاتها .
.
المصدر : كتاب تاريخ التشيع لأهل البيت في إقليم البحرين القديم للكاتب عبدالخالق بن عبدالجليل الجنبي